محمد دهشة

رعى افتتاح معرض "موطني طبيعتي" في خان الإفرنج بمشاركة الحريري

الوزير المرتضى: الثقافةَ ليست ترفًا ولا رفاهيةً، بل هي الحياةُ بكلِّ تجلياتِها

6 تشرين الثاني 2022

11 : 32

تكريم الطلاب المشاركين في المعرض

"الثقافةَ ليست ترفاً ولا رفاهيةً، بل هي الحياةُ بكلِّ تجلياتِها السعيدةِ والحزينة... وفي الأزمات علينا أن نتعملقَ بحركةٍ ثقافيةٍ تنمو أدباً وفنّاً تشكيلياً جميلًا". بهذه الكلمات رعى وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى في صيدا افتتاح معرض "موطني طبيعتي" للفن التشكيلي لدى الناشئة، والذي أقامه محترف Maison D’Art بإشراف الفنانة فاطمة سامي وبالتعاون مع مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة في خان الافرنج.



حضر حفل الافتتاح، رئيسة المؤسسة بهية الحريري وسفير تونس بوراوي إمام وعقيلة الوزير القاضي الدكتورة مايا كنعان، ونقيب الفنانين التشكيليين الدكتور نزار ضاهر وممثل امين عام تيار المستقبل أحمد الحريري الدكتور رمزي مرجان، وحشد من الفاعليات التربوية والثقافية واكثر من مئة طفل وطفلة من ذوي المواهب في فن الرسم وأهاليهم.



خلال جولة في ارجاء المعرض



وقال الوزير المرتضى: "سبق لي أن قلتُ أن بعض الأماكن، مثلَ صيدا، حين تدخلُها يراودُكَ الشعورُ بأنَّكَ لستَ تمشي فوقَ سَطْحِ الأرضِ بل فوقَ السنين، كيف لا وهي المدينة التي تمتزجُ حِجارتُها برائحةِ تاريخِها... كما يمتزج بالوردةِ عطرها. كيف لا وهي من كانت للحضاراتِ ممرّاً ومستقَرّاً منذ فجرِ الاجتماعِ البشري، وللثقافاتِ مُلتقًى ومُرتقًى على ترامي العصور".



وأضاف: "كيف لا وهي المدينة التي انزرعَتْ عندَ هذا الشاطئِ، وَأَوَتْ إليها الشعوبُ من شرقٍ وغرب، متفاعلةً مع أهلِها، في الفكرِ والإيمانِ والمعيشةِ والتجارة، والسلامِ والصراع والانكساراتِ والفتوحات، تفاعلَ أخذٍ وعطاء، حتى أصبحَت في هذا الفضاء اللبنانيّ مصهراً من مصاهر التعدُّدِ الثقافي والتبادلِ الحضاري البنّاء".





وتابع الوزير المرتضى: "كيف لا وهي العزيزةُ التي أنشأها الفينيقيون منذ ما قبل الميلاد بقرون كانت درةً في تاجِ كنعان ومنها انطلقَتْ قوافلُ في البرِّ والبحر بكل اتجاه وصولًا إلى شواطئِ أميركا حسبَ بعضِ الدراسات، قبل كريستوف كولومبوس بثلاثة آلاف عام. كيف لا وقد تغنّت بصيدا القصائدُ كما فَعَلَ صاحبُ الإلياذة أومي Homer، ولأهميتِها وارتفاعِ شأنِها أطلق الكتاب المقدس لقب الصيدانيين على الشعب الفينيقي بأسره. كيف لا وقد تداولَتْها الحضاراتُ الشرقيةُ والغربيةُ في العصرِ القديم، حتى جاء العربُ فحفروا حضارتَهم في الروح واللسان قبلَ الحجر. كيف لا وهي المدينة التي غلبت عواديَ الدَّهْرِ، وهزمَتْ قُوى الشرِّ الهاجمةَ عليها من برٍّ أو بحر. كيف لا وهي التي كانت وما برحت صامدةً صابرةً ثابتةً على الرقي والعزّة والوطنية والإنفتاح والإباء والإبداع، واستمرت على تعاقبِ أحوالِها تعتنقُ القيمَ الإنسانيةَ والدينيةَ والحضاريةَ السامية، وتحتضنُ بالمحبة كلَّ لاجئٍ ومحتاج، وتبذلُ أذكى دماء أبنائها من رؤساء وقضاةٍ وقادةٍ ومناضلين في سبيل عزة الوطن وسيادته وحمايته وانتصار قضاياه. يشرفني ويبهرني ويلهمني وجودي في صيدا".



خلال جولة في ارجاء المعرض



وتابع: "لكن رب سائل يسأل: ما لنا ولافتتاح معرض للفن التشكيلي في هذه الظروف الصعبة التي يمر فيها لبنان وشعبه وصيدا واهلها؟.. بالأمس وفي مناسبة ثقافية موسيقية في بعبدا قلت أن ثمّة من يعتبر أنَّ الثقافة ترفٌ لا يقتضي أن نعيشه إلا في أزمنة الطمأنينةِ والتطور، ورددت على هذه المقولة بأن الثقافةَ ليست ترفاً ولا رفاهيةً، بل هي الحياةُ بكلِّ تجلياتِها السعيدةِ والحزينة، الراجيةِ واليائسة، المكتفيةِ شِبَعاً والمتضوِّرَةِ من جوع... وأضفت أن علينا في الأزمات أن نتعملقَ بحركةٍ ثقافيةٍ تنمو أدباً وفنّاً تشكيلياً جميلًا، وموسيقى وأفلاماً ومسارحَ، وسوى ذلك من مساحات الإبداع والرقي، كيف لا والثقافةُ صحةُ الحضارةِ وعلامةُ مناعتها وقوة بنيتِها والدليل على جاهزيتها للنهوض من جديد، قبل أن تكونَ رفاهيةً نخبوية".




الوزير المرتضى يرعى افتتاح المعرض في صيدا بمشاركة الحريري



وختم المرتضى: "من هذا المنطلق نفتتح هذا المعرض... نفتتحه لإيماننا الراسخِ بأن للفنِّ التشكيلي دوراً اساسياً في الشفاء من الأمراض التي تعترينا، فهو يعالجُ النفس ويهذبها ويرتقي بها وينمّي الوعي بفعل "ابداعات" من الفنان التشكيلي الذي تخاله وكأن ريشتّه مِبْضَعُ طبيب، وسحرَ تشكيله مَرهَمٌ يُلطِّفُ، وبهاءَ اللونِ في لوحاته دواءُ ألمٍ بمقدار ما هو توثيقٌ لواقعٍ أو استشرافٌ لأمل. الشكر كل الشكر للأصدقاء المنظمين في Maison D’art لمواكبتهم الجيل الطالع وزرعهم شغف الفن فيه وتنمية مواهبه. اما القطاف فسيكون بهياً ووافراً بإذن الله، وأعد نفسي وأعدكم بتزخيم الفعاليات الثقافية في صيدا العزيزة الغالية. عاشت صيدا عاشت الثقافة وعاش لبنان".



من جهتها قالت الفنانة فاطمة سامي في كلمة لها بالمناسبة: "اشكر التلامذة على هذا الجهد والابداع الفني الذي يزين جدران هذا الصرح الأثري وشكرا لأهالي الطلاب على ثقتهم بـ Maison D’art واشكر وزارة الثقافة ممثلة بمعالي الوزير المرتضى ومؤسسة الحريري ممثلة بمعالي السيدة الحريري وسعادة السفير التونسي على دعمه للأنشطة الثقافية والفنية والشكر لكل من ساهم بانجاح هذا المعرض".



وأضافت: "ان اختيارنا اسم "موطني طبيعتي" عنواناً لهذا المعرض نعني به الكثير، وأردنا به أن يعبر أطفالنا من خلال هذه الأعمال الفنية كل على طريقته عن تعلقهم بالوطن لأنهم هم من سيبنونه وهم من سيحمونه لأنهم جيل المستقبل واخترنا خان الافرنج مكاناً لاقامة المعرض بما يجسد من ارتباط بالجذور والتراث والثقافة".




خلال جولة في ارجاء المعرض



وكان المعرض افتتح بقص الشريط التقليدي وجولة على ارجائه استمع خلالها الحضور من الأطفال المشاركين الى شرح حول رسوماتهم، حيث تضمن المعرض اكثر من 120 لوحة ورسماً تشيكلياً من ابداعات أطفال "Maison D’art" تناولت مواضيع الوطن والأرض والطبيعة والبيئة، واعتمدت في الرسومات تقنية "الكولاج" والـ"موزاييك وتخلل المعرض تكريم الأطفال المشاركين، حيث قام الوزير مرتضى بمشاركة الحريري والسفير التونسي والفنانة سامي بتوزيع شهادات التقدير عليهم.

وقدمت الحفل الإعلامية التونسية سارة إبراهيم. كما تخللته أنشطة ترفيهية مع "Chez Mariam"، واشغال يدوية من صنع اطفال "Maison D’art" وعلى هامش المعرض وقعت الطفلة المبدعة يونا تنوخي (7 سنوات) كتيّب رسومات هو الأول لها.