بالتعاون مع "أجيال" "لابا" تستعيد حفل وديع الصافي في "الأندلس"..

أغانٍ وطنيّة ووجدانيّة بصوت جورج وديع الصافي في "ذاكرة الافتتاح"

16 : 24

على وقع 11 أغنية وطنيّة ووجدانيّة، أبحر عشّاق الطرب واللوّن الغنائيّ اللبنانيّ في أمسيةٍ موسيقيّة عابقةٍ بالتراث والأصالة على مسرح مشروع الأندلس في دولة الكويت، بما يجسّده من قيمةٍ فنيّةٍ وثقافيّةٍ تاريخيّة عاد نبضها مع مشروع الأندلس. ووسط حضورٍ حاشدٍ لأبناء الجالية اللبنانيّة وأهل الكويت، استعادت أكاديميّة لوياك للفنون – "لابا" أولى احتفالات سينما الأندلس أيام الستينيّات من القرن الماضي، والتي أحياها حينها الفنان اللبنانيّ الكبير وديع الصافي وفرقة الأنوار اللبنانية في المكان نفسه.


وتحت عنوان "ذاكرة الافتتاح"، انطلق الحفل الغنائيّ ليل الإثنين، بحيث صدح صوت الفنان جورج الصافي، نجل الراحل، مسترجعاً أيّام الزمن الجميل وسط تفاعل الجمهور وتصفيقه الحاد. فالأمسية التي غنّى فيها الصافي الأغاني ذاتها التي أنشدها والده في ذلك الوقت، مكرّراً البرنامج نفسه، كان أن لامس عبرها قلوب محبّي الفنّ الأصيل وأثار حنينهم إلى بلاد الأرز، وأعاد إحياء ذكرياتهم وسط محطّاتٍ من الفرح والدموع. وترافق الحفل مع دبكةٍ لبنانيّةٍ بلباسٍ فلكلوريّ تقليديّ، واختزل بتفاعل الحاضرين، من لبنانيّين وغير لبنانيّين، حرقة الغربة ولوعة الاشتياق للوطن، خصوصاً في ظلّ ما يشهده لبنان من أزمةٍ معيشيّةٍ خانقة، فكان أن عبّروا بتصفيقهم وحماسهم ودموعهم عن تعلّقهم وعشقهم للبنان.



الحفل الغنائيّ الذي أُقيم بمواكبة فرقة "لابا" الموسيقيّة تحت قيادة المايسترو يوسف بارا وفرقة "لابا" للرقص بقيادة الكوريوغراف اللبناني ابراهيم مزنّر، يأتي استكمالاً لفعاليّات "ذاكرة الأندلس"، وذلك ضمن سياق التعاون المشترك مع شركة "أجيال" العقاريّة الترفيهيّة، والذي يقضي بإقامة سلسلة أنشطةٍ استثنائيّةٍ متميّزةٍ وحلقاتٍ حواريّة وندواتٍ واحتفالاتٍ ثقافيّة وتراثيّة وأمسياتٍ غنائيّة وعروضٍ سينمائيّة على مدى سنةٍ كاملةٍ في مشروع الأندلس، تحت إدارة "أجيال". ويهدف التعاون إلى إحياء ذاكرة الأندلس، بما تختزنه من نكهةٍ وأهميّةٍ خاصّة في تاريخ الكويت وفي الجغرافيا والجمال العمراني، أضف إلى استعادة ذاكرة المكان من خلال ذكريات سينما الأندلس التي انطلقت في مرحلة الستينات، كأوّل سينما وأهمّ مسرح في الكويت ومنطقة الشرق الأوسط. حيث أن مشروع الأندلس هو مشروع متعدد الاستخدامات يحتوي على محال تجارية ومكاتب وعيادات وسينما ونادٍ صحي.


وإذ استذكر جورج الصافي عطاءات والده القدير وسجلّه الفنيّ الحافل، أعرب عن ارتياحه واطمئنانه "لما تبديه دولة الكويت على الدوام، من حرصٍ على تقدير الفنّانين العظماء". وفي لفتة شكرٍ وامتنان، غازل الصافي الجمهور الكويتي، متوجّهاً إليه بالقول: "بنوركم أحلى"، قبل أن يحرّك مشاعر الكويتيّين وعشقهم لوطنهم، من خلال دمجه المناطق الكويتيّة في وصلةٍ غنائيّةٍ لاقت الصدى الكبير.



وأتاح حفل "ذاكرة الافتتاح" الذي عاد وأطلّ بعد قرابة ستّة عقودٍ من الحفل الأساسيّ، لجمهور اليوم، أن يحظى بباقةٍ من أجمل الأغاني التي قدّمها وديع الصافي آنذاك، والتي لا تزال راسخة في ثنايا ذاكرة معاصري تلك الحقبة الزمنيّة. وبأداءٍ بمنتهى الروعة، أبدع نجل الراحل في تأدية برنامجٍ غنائيّ متنوّع، استهلّه بـ"رقصة الأباريق" و"بتْرحلك مشوار" و"لوين يا مروان عمهلك"، إلى أغنيتيّ "بالساحة تلاقينا" و"لبنان يا قطعة سما"، مروراً بـ"جنّات ع مدّ النظر" و"حسنك يا زين" و"أنا وهالبير" و"عاللّومة اللّومة"، وصولاً إلى "طلّوا حبابنا طلّوا" و"جايين يا أرز الجبل".


وتخلّل الأمسية أربع لوحاتٍ استعراضيّة للفنان ابراهيم مزنّر، وذلك في حضور الرئيس التنفيذي لشركة "أجيال" السيد عبد العزيز الخترش ونائب الرئيس التنفيذي للشركة السيد عبد الوهاب العريفان والفنان جورج خباز ورئيسة مجلس إدارة "لابا" فارعة السقاف.


وفي تصريحها، أشادت السقاف بـ "الأمسية اللّبنانية الأصيلة التي شكّلت مشهديّة ساحرة عادت بنا إلى ربوع الأغاني الطربيّة والتراثيّة لكبار الفنّانين الذين تخلّدت أصواتهم وكلماتهم وألحانهم في الذاكرة اللبنانيّة والعربيّة". وقالت: "في غضون ساعاتٍ قليلة، سافر بنا جورج الصافي إلى حقبة الستينات، وتحديداً إلى التاسع عشر من حزيران عام 1962، حيث شهد هذا المكان أولى الاحتفالات بالأعياد الوطنية على مسرح سينما الأندلس، والتي أحياها حينها الفنان الراحل وديع الصافي، في حضورٍ كريمٍ للشيخ صُباح السالم الصباح، نائب رئيس الوزراء وممثل حضرة صاحب السمو أمير البلاد آنذاك. كما شاركت في الحفل فرقة الأنوار العالمية للدبكة التي تكوّنت ممّا يزيد على مائة شاب وشابّة. وقد كان المسرح حينها يعجّ بالحضور، واستمرّ الحفل من التاسعة والنصف مساءً ولغاية الثانية بعد منتصف الليل".


وتابعت: "اجتمعنا اليوم لنحاكي نفس الحدث مع ابنه ووريثه الفني جورج الصافي. وعلى وقع ألحانٍ إيقاعيّة ألهبت الحاضرين، من لبنانيّين وغير لبنانيّين، استرجعنا لحظاتٍ تاريخيّة سطّرها حينها الكبير وديع الصافي، واحتضنها مسرح الأندلس، بما يمثّله من عظمةٍ ووجهٍ حضاريّ وثقافيّ وفنيّ لبلادنا".


وإذ رأت في "الشراكة مع "أجيال" والتعاون بين مؤسّسات المجتمع المدني، أهميّة قصوى في الحفاظ على التراث وإثراء ذاكرة الوطن"، أعربت السقاف عن "تمسّك "لابا" بدورها الرياديّ في الساحة الكويتيّة، لا سيّما لجهة إعلاء شأن الثقافة والفنون، وتثبيت موقع الكويت كمنارة للعراقة والحضارة".