عماد موسى

حاصر حصارك...

10 كانون الثاني 2020

01 : 59

هل من أزمة غاز تلوح في الأفق؟ مجرّد طرح السؤال دفع بالمواطنين إلى محاصرة شركات تعبئة الغاز ومحال التوزيع وشاحنات النقل، فيما سارع كثيرون إلى ابتياع جرار إضافية بأسعار مخيفة. فمن كان لديه جرّتان في البيت أتى اليهما بشقيقتين، ومن سبق واقتنى أربعاً دوبل الرقم وصفّها كلها على البلكون، قرب غالونات تحتوي على ما لا يقل عن 400 ليتر بنزين، حيث يطيب له أن يدخن سيكاره اليومي ويقذفه كيفما اتفق، لحظة يشعر أن ناره ستحرق السبابة والوسطى بين أصابع يمناه المرتجفة.

بعد الغاز يُحكى عن أزمة مازوت. أهي شائعة أو حقيقة؟ في الحالين، أي خبر عن فقدان هذه المادة الحيوية سيشكل حافزاً للمواطنين لمحاصرة المحطات قبل أن يهجم عليهم الصقيع الآتي مع "المرتفع الآزوري"، ومن لن يوفّق بغالون مازوت للقاطرجي قد يسرق حمولة سيترن مهما كان الثمن.

أزمة مازوت تعني أزمة خبز وأفران. تعني أيضاً أزمة موتورات. تعني أن كل الـ"شيش برك" وكل المحاشي وكل أفخاذ الدجاج، وكل اقراص الكبة بشحمة وكل الـ"مفرّزات" وكل الطبخات إلى مستوعب النفايات.

وعلى رغم الإطمئنان إلى توافر البنزين بفئتيه: بنزين دولة وبنزين كارتيلات، يتجدد خوف اللبنانيين من أزمة محروقات المعطوفة على مداخلات سامي البركس وفادي أبو شقرا وتصريحات وريثة البساتنة. هل من أزمة محروقات؟ الإحتياط واجب هجوم على المحطات. حاصروها إملأوا الخزانات...وبالقوة.

هل من أزمة مالية؟ أشك بذلك. ورياض سلامة مثلي يشك، مع أن الدولار يقفز كل يوم قفزة نوعية. مرة يدق بالـ 1800 مرة بالـ 2000 وعلى رأس السنة دق بالـ 2020 ثم نط إلى 2200 ثم ضرب بالـ 2400. طار الدولار وحلّق بمقابل هبوط حاد في الدورة الدموية، أصاب كبار المتمولين ومتسولي الرواتب المتواضعة، ويستتبع التسوّل معارك في المصارف بين المودعين وأولاد سليم صفير بالتبني. هجمات مركّزة يتعرّض لها القطاع برمته. الموظفون محاصرون بالغضب. وماجدة الرومي على إصرارها: حاصر حصارك لا مفرّ. إضرب عدوّك لا مفر. وإن سقطت عويناتك فالتقطها وإن سقط دفتر التوفير التقطه واضرب عدوّك به...

هل من أزمة دواء؟ حاصروا الصيدليات. نظّفوا الرفوف.

هل من انقطاع للحليب؟ صادروا أول بقرة تقطع اوتوستراد الذوق. حاصروا المزارع أسرقوا أسياخ الشاورما و"جوط" الطراطور.

حاصروا المحلّات والإدارات والوزارات والمؤسسات. وأخيراً حاصروا الجميلات ومن كان مكتفياً من حبيبته بقبلة في نهاية الأسبوع فليغرِق اليوم أنفاسها "في جحيم من القبل"، على قول الأخطل الصغير في قصيدة "جفنه علّم الغزل".


MISS 3