سناء الجاك

أين الاستقلال؟؟

22 تشرين الثاني 2022

11 : 14

صاحبة واجب جمهوريتنا اللبنانية. فهي لم تنس توزيع أكاليل زهر على ضرائح رجالات الاستقلال ونصبهم التذكارية في الذكرى 79 لزوال الانتداب الفرنسي عن لبنان. فهذا أقصى ما تستطيع، وفق معادلة "الحكل أفضل من العمى".


بالطبع، ثمن هذه الأكاليل من جيوب المكلفين اللبنانيين الذين يتحملون مسؤولية إبقاء المتحكمين برقابهم على قيد الحياة السياسية بإعادة انتخابهم. وهو ثمن زهيد على الرغم من زوال الدولة بمؤسساتها وإدارتها وقضائها، وليس فقط استقلالها.


صحيح أن هذا الثمن لا يقاس بأثمان سبق للمكلفين أن دفعوها لقاء خدمات لم تبصر النور، وذهبت بمعظمها إلى حسابات الفاسدين السرية، لكن العبرة في مكان آخر. يمكن أخذها من أفواه من عايش الانتداب، وهم قلة في لبنان، إلا أنهم يترحمون على أيامه، وعلى الإنجازات التي أودعنا إياها على أكثر من صعيد ومرفق عام وخاص. حينها "كان في بلد"، على ما يقول معظمهم. وكانت الدنيا بألف خير. وبعضهم يجنح نحو المطالبة باستعادة تلك الأيام، فهي أفضل بكثير من الوصاية السورية ومصادرة السيادة على يد إيران عبر مشغلها "حزب الله" وكل هذا الحشو اللغوي عن الكرامة والعنفوان لتبرير الجوع والانهيار وجهنم وبئس المصير.


العبرة هذه تثير الأسف والألم. أين الاستقلال الذي تصر جمهوريتنا على تذكيرنا به؟ ألم يكن من الأجدى لو أقيم ضريح لرفات الوطن المضمحل ووضعت عنده أكاليل الزهر؟ أم أنهم سرقوا حتى الرفات؟؟


إلى من سيرسل رؤساء الدول برقيات التهنئة؟ وهل سيرسلونها في الأساس؟


هل يريدون التوقف عند المسألة اللبنانية؟


الأمر مستبعد في هذه المرحلة. فالموضوع اللبناني بات مملا ومستهلكا ومقرفا يثير الاشمئزاز. هو في كواليس اهتمامات الدول. لا مكان له على مسرح الأحداث. وهو لم يعد يتجاوز جملة عمومية للتدليل على أنه ورد في مناقشات مسؤولين دوليين. مع الترويج بالنية لترحيل أزمة الشغور الرئاسي إلى ما بعد نهاية العام الحالي.


لا مبادرات أبعد من هذا الحد. ولا توقعات مرتفعة السقوف.. ولا أحد يستطيع أن يساعد من لا يساعد نفسه.. ولا أحد مستعد للتعاطف أو الانبهار بالتشاطر والتذاكي والتوسل والتسوّل لإتاحة مشاهدة مباريات المونديال مجانا عبر تلفزيون لبنان.


والسبب هو غياب مصداقية مسؤولي المنظومة الذين يديرون البلاد بهذه العشوائية والسطحية والغوغائية. ولا احترام أو تقدير لهم في المجتمعين العربي والدولي.


إذ يستحيل احترام مسؤولين يملكون ثروات هائلة ويخوت وطائرات خاصة وشركات مغفلة واستثمارات هائلة، ومظاهر ثرائهم فاقعة، ومع هذا ينظِّرون في العفة ويحاضرون عن الإصلاح ومحاربة الفساد، أو يتباكون ليحثوا الدول على مساعدة بلادهم التي فشلوا في إدارتها، فقط لأنهم رهنوا أنفسهم وقراراتهم للمحور الإيراني بذراع "حزب الله".


كذلك يستحيل إقناع الدول العربية أن لبنان متمسك بأفضل العلاقات معها، في حين يصوت هذا الـ"للبنان" لمصلحة قمع إيران شعبها واعتقاله وإعدامه، في الأمم المتحدة.

بالتالي، لا أحد سيساعد من لا يساعد نفسه، ومن لا يريد أن يساعد نفسه.


لا أحد سيساعد من يرفض الإقرار بأن لبنان واقع تحت الاحتلال الإيراني. وما دام المستفيدون من الاحتلال يتجنبون التسمية، وكذلك الخائفون على أرواحهم، يصبح طبيعيا أن تتعامل هذه الدول مع واقع الاحتلال هذا، وتعيد تعويم هذه المنظومة ومن يتحكم بها.


ولن يتغير شيء في الداخل والخارج حيال لبنان ما دام هذا الإقرار مغيبا.


لن يتحقق أي حل لأزمة لبنان واستعادته عافيته ما لم يتحقق استقلاله الفعلي ويتم رفع الاحتلال الإيراني عنه.


وسنبقى نسأل كلما حل 22 تشرين الثاني: أين الاستقلال؟؟