"مؤتمر برلين"... خشية من "سوريا ثانية"

"وقف نار" هشّ في ليبيا

02 : 00

دخل اتفاق لوقف إطلاق النار في ليبيا حيّز التنفيذ بالأمس بعد أشهر من المعارك العنيفة عند أبواب طرابلس وإثر مبادرة من موسكو وأنقرة، ومباحثات ديبلوماسيّة مكثّفة فرضتها الخشية من تدويل إضافي للنزاع الدموي.

وأعلن قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، الذي يسعى منذ نيسان إلى السيطرة على طرابلس، الاتفاق على وقف النار قبيل دخوله حيّز التنفيذ منتصف ليل السبت - الأحد، في حين أعلن رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج موافقته كذلك على وقف إطلاق النار، بعد ساعات عدّة، لكنّه شدّد على "الحق المشروع" لقوّات حكومته بـ"الرّد على أي هجوم أو عدوان".

ورحّبت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبعثة الأمم المتحدة والجامعة العربيّة بالإعلانَيْن، ودعت الطرفَيْن إلى احترام وقف اطلاق النار واستئناف المسار السياسي. كما شدّدت القاهرة على "أهمّية العودة إلى العمليّة السياسيّة"، محذّرةً من نشر "مقاتلين أجانب في الأراضي الليبيّة"، فيما دعت الجزائر إلى استئناف الحوار "سريعاً".

لكن بُعيد منتصف ليل أمس الأوّل، سُمِعَ دوي مدفعيّة وسط طرابلس، قبل أن يسود هدوء حذر في الضواحي الجنوبيّة للعاصمة، حيث تدور مواجهات ضارية منذ أشهر عدّة بين الجيش الوطني الليبي وميليشيات حكومة الوفاق.

وعلى جبهة الرملة الواقعة على بُعد نحو 30 كيلومتراً جنوب غربي طرابلس، راقب مقاتلون تابعون لحكومة الوفاق تحرّكات الجهة المقابلة، فيما أعلنت الكتيبة 128 مشاة التابعة للجيش الوطني الليبي إسقاط طائرة تركيّة مسيّرة في جنوب طرابلس، كانت تُحلّق فوق مواقعها. كما لفت المتحدّث باسم القوّات الموالية لحكومة الوفاق العقيد الطيار محمد قنونو إلى مقتل أحد العناصر الموالين لحكومة السراج خلال إطلاق نار في عين زارة.

وبينما لم يتمّ الإعلان عن أي آليّات لمراقبة وقف إطلاق النار، فإنّ سلطات طرابلس دعت "اللجان العسكريّة المقترحة من الطرفَيْن لإعداد الإجراءات الكفيلة بوقف إطلاق النار تحت رعاية الأمم المتحدة وإشرافها". ويأتي دخول الاتفاق حيّز التنفيذ بعد سلسة من التحرّكات الديبلوماسية خلال الأسبوع الجاري، قادتها روسيا وتركيا، اللتان تحوّلتا إلى لاعبَيْن رئيسيَيْن، إذ كان الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان قد اتخذا المبادرة الأربعاء بدعوة طرفي النزاع إلى وقف الأعمال العدائيّة. واعتبرت وزارة الدفاع التركيّة في بيان أمس، أنّ الطرفَيْن "يعملان على الالتزام" بالاتفاق، مشيرةً إلى "وضع هادئ"، فيما ذكر رئيس فريق الاتصال الروسي حول ليبيا ليف دينغوف، أن حفتر والسراج قد يزوران موسكو قريباً لبحث حلّ الأزمة.

توازياً، رحّبت سفارات فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وبعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا في بيان مشترك، بقبول الأطراف في ليبيا وقف إطلاق النار، وحضّت الأطراف على اغتنام هذه الفرصة الهشة لمعالجة القضايا السياسيّة والاقتصاديّة والأمنيّة الرئيسيّة، التي تكمن وراء الصراع.

وفي الأثناء، أكد بوتين ورئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي خلال اتصال هاتفي، أهمّية التزام طرفي النزاع في ليبيا بوقف إطلاق النار. كما بحث الزعيمان الجهود الرامية إلى تسوية الأزمة الليبيّة. كذلك بحث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال اتصال هاتفي من المستشارة الألمانيّة أنغيلا ميركل الوضع في ليبيا. وأطلعت ميركل الرئيس المصري على الجهود والاتصالات الألمانيّة الأخيرة ذات الصلة بالملف الليبي، سعياً إلى بلورة مسار سياسي لتسوية القضيّة.

وكان لافتاً ما أعلنه رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح خلال كلمة له في البرلمان المصري أمس، بحيث أشار إلى أنّ بلاده قد تضطرّ إلى دعوة القوّات المسلّحة المصريّة للتدخّل إذا حصل تدخّل أجنبي في ليبيا، في إشارة منه إلى التدخّل العسكري التركي.

وفي وقت تخشى أوروبا من تحوّل ليبيا إلى "سوريا ثانية"، التقت المستشارة الألمانيّة في موسكو السبت بالرئيس الروسي. ورحّبت ميركل بالجهود الروسيّة - التركيّة، آملةً في أن توجّه قريباً "الدعوات إلى مؤتمر في برلين ترعاه الأمم المتحدة"، بينما ندّدت الولايات المتحدة مساء السبت، بـ"نشر المرتزقة الروس والمقاتلين السوريين المدعومين من تركيا" في البلاد، وفق بيان صادر عن سفارتها.


MISS 3