بشارة شربل

مرشّح النائب الوقح

25 تشرين الثاني 2022

02 : 00

لا بدَّ من التوقف عند الصوت الذي ناله الموقوف بدري ضاهر في الجلسة السابعة العقيمة لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية. ذلك أن العبَث النيابي المتمادي وصلَ بهذه التسمية الى مستوى غير مسبوق من الاستهتار يتجاوز حرية النائب في كتابة أسماء وهمية تُحتسب ملغاة، أو القدرة على خرق العرف الطائفي بخبث تآمري مكشوف، أو محاولات تزجية الوقت برمي أسماء أشخاص لحرق حظوظهم.

لا عجب في أن يحاول أحد نواب هذا البرلمان دسَّ اسم موقوف مشتبه به في تفجير المرفأ في صندوق الاقتراع الرئاسي مساهمةً منه ومن معلِّميه في حملة التضليل التي يخوضها الفريق العوني وحلفاؤه في "8 آذار"، لوضع قضية "الموقوفين" على ذمة التحقيق في موازاة مَن صاروا في ذمة الله. والنائب الوقح الذي وضع اسم بدري ضاهر يحاول عن سابق تصور وتصميم رفع اسم موقوف يجب أن يبتَّ أمره المحقق العدلي الى مستوى معتقل سياسي، علماً بأن هذا الشخص بالتحديد يجب أن يكون في ذيل قائمة المظلومين، وأن "العدالة للموقوفين" يجب ألا تمر على جثث ضحايا التفجير الرهيب وألا تكون ذريعة لشلّ القاضي الأساسي لمصلحة اختراعٍ سياسي اسمه "القاضي الرديف".

تسمية بدري ضاهر ليست "مهضومة" كتسمية مريام كلينك، ولا موحيةً بحنينٍ يساريّ قديم عبر إحياء ذكرى سلفادور الليندي الذي قتله قبل نصف قرن أتباع واشنطن من العسكريين التشيليين الفاشيين، ولا تفيد بارتباكٍ مفهوم لدى النواب "الاعتداليين" و"التغييريين". فهي لا تحمل سوى معنى تحدي أهالي الضحايا وفريق كبير من اللبنانيين أصيب جراء "تفجير النيترات" ويشعر بالقهر لأن فريقاً آخر يضم النائب "الكريم"، يريد طمس الجريمة ومنع الحقيقة وتكريس الإفلات من العقاب وإفهام الجميع بأن "شريعة الغاب" عادية ويجب أن يتعوّد عليها اللبنانيون.

ليس الاقتراع وحده لبدري ضاهر باعثاً على الاستياء في معرض مناسبة جدية مثل الانتخابات الرئاسية. مثيرةٌ للقرف طبعاً هي وجوه النواب الضاحكة على الشاشات قبل كلّ جلسة وبعدها، أو تصريحاتهم التافهة عن "عدم نضج" الظروف لانتخاب من يملأ كرسي بعبدا، أو إلقاء تبعة التعطيل على من ينتخِب لا على من بات كـ"خروف بافلوف" معتاداً الاقتراع في الدورة الأولى والخروج حين يرنّ جرس تطيير النصاب.

لا يذكِّر وضع اسم السجين بدري ضاهر لا بنيلسون مانديلا ولا بقديس حبيس، بل يؤكّد من جديد أن "المنظومة الفاسدة" التي ثارت عليها 17 تشرين لا تزال قادرة على العربدة والتحكم بمصير اللبنانيين عبر تحقير القانون ودولة المؤسسات، وإبقاء رئاسة الدولة شاغرة حتى يحين موعد الشراء والبيع لدى الراعي الاقليمي.

بدري ضاهر خلاصة "المنظومة" وابنها البار ونموذجها المثالي، هو مرشّحٌ مطابقٌ لمواصفاتها، وستَكبر به لو جعلته "فخامة الرئيس"!