سناء الجاك

خامنئي إذ يطوّب حركة "أمل"

30 تشرين الثاني 2022

02 : 00

ربّما هي المرّة الأولى التي يأتي فيها المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي على ذكر حركة «أمل» معطوفة على «حزب الله»، ويعتبر أنّ مخطط الولايات المتحدة «فشل في القضاء على «حزب الله» وحركة «أمل» في لبنان، وكذلك فشل في سوريا والعراق رغم إنفاق مليارات الدولارات»، فيصنِّفها بالتالي كياناً يندرج تحت عباءة «الولي الفقيه» في تنفيذ مشاريع نظامه، بالإضافة إلى «الحشد الشعبي» والحوثيين و»فاطميون» و»زيمبيون»... وما إلى ذلك من ميليشيات يغذيها ويموّلها لتعمل على بسط نفوذه في الدول التي قال إنّه يسيطر عليها. وأهمية تسمية «الحركة» في هذه المرحلة بالذات، ليست تفصيلاً هامشياً، بل هي كفيلة بوضع النقاش في مكانه الصحيح بشأن لبنان وأزمته. ففي حين يُطْبِق «حزب الله» على السيادة اللبنانية مستقوياً بمئة ألف مقاتل بإمرة ايرانية ومئة ألف صاروخ بإمرة ايرانية، وحدود لبنانية - سورية مفتوحة بإمرة ايرانية، بماذا تستقوي حركة «أمل» ليضعها خامنئي جنباً إلى جنب مع لؤلؤة تاجه؟ ربما يستدعي تصنيف المرشد الأعلى «الحركة» كأحد ذراعيْ نفوذه في لبنان الكثير من علامات الاستفهام، وذلك بسبب العلاقات الجيدة التي تربط رئيس هذه الحركة ورئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، مع الأميركيين والاوروبيين، ومع الدول العربية كلها، وتحديداً الخليجية. أو أنّه لا يستدعي، لأنّ الأمور واضحة لمن يريد أن يراها، وتحديداً بعد العام 2005 حتى يومنا هذا، سواء لجهة دور شباب «الحركة» منذ اعتصامات وسط بيروت 2007، مروراً بالسابع من أيار 2008 إلى دور «فهود الخندق الغميق» على الرينغ وشرطة المجلس في قمع انتفاضة 17 تشرين الأول 2019، وما إلى ذلك من مساعدات عينية، حيث يلزم الأمر. والأهم، لجهة دور الرئيس نبيه بري في تعطيل مجلس النواب لسنوات متى تطلّب مشروع «الولي الفقيه» ذلك، منذ دعوات الحوار الأولى إلى اقفال المجلس لمواجهة إصرار رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة على الالتزام بالدستور، إلى الوقوف على خاطر «حزب الله» لإيصال حليفه العماد ميشال عون إلى سدّة الرئاسة طوال سنتين ونصف السنة... إلى يومنا هذا مع التعطيل المستمر لمواصلة جلسات انتخاب رئيس للجمهورية بإفقاد النصاب الدستوري. هذا عدا التحالف الحديديّ في الانتخابات النيابية. بالتالي، دور الحركة ورئيسها في الثنائية الشيعية، واضح. لكن أن يطوّبها المرشد الأعلى، فهذا ما لا يمكن عدم التوقف عنده، والاكتفاء بالمرور من جانبه مرور الكرام. فالدلالة الوحيدة لهذا التطويب هي اختصار النظام الإيراني لبنان كله بفريق شيعي هو «حزب الله» وحركة «أمل»، والورقة اللبنانية بمعادلتها الشيعية هي إعلان واضح وسافر لهوية لبنان كما يريدها المرشد الأعلى.

بالتالي، تقضي هذه المعادلة بأن تبقى الورقة اللبنانية رهينة مصلحة النظام الإيراني مقابل شروط توسّع نفوذه خارج حدوده وشرعنة هذا النفوذ بقبول دولي، وإلّا المزيد من الفوضى والأزمات التي يدفع ثمنها كل اللبنانيين ولا يُستثنى منها جمهور «الحركة» و»الحزب» الذي أفشل مخطط «الشيطان الأكبر». أمّا خطر هذه المعادلة فهي في تكريس وإعلان واقع موجود لباقي القوى اللبنانية بمختلف أحزابها وانتماءاتها الطائفية، إذا يجب أن تكون تابعة لهذا «الفريق الشيعي»، وأن تخضع له وتنضوي تحت لوائه وتلتزم بقراراته، وإلّا لا أمل بالخروج من الانهيار الحالي، ولا أمل بمتابعة الحياة السياسية التي تقتضي أن ينتخب النواب رئيساً للجمهورية.

ما يعني أن لبنان بنظامه الحالي غير المكتوب وغير المنصوص عنه في الدستور أصبح مستنسخاً عن إيران. هو نظام الأمر الواقع الذي يفرضه الاحتلال الإيراني. لذا لا تفتشوا أبعد من ذلك.


MISS 3