شربل عازار

إكشفوا عن نواياكم

1 كانون الأول 2022

02 : 00

إكشفوا عن نواياكم. بهذا الكلام توجّه غبطة البطريرك الراعي، من حاضرة الفاتيكان بالذات، إلى جميع النواب الذين لا يزالون يقترعون بالأوراق البيضاء وبشبيهاتها، وإلى النواب الذين يسارعون إلى إخلاء القاعة حتى قبل انتهاء عملية فرز نتائج الدورة الأولى. وذهب البطريرك أبعد عندما اعتبر أنّ الخروج المتكرر والتعطيلي قبل بدء الدورة الثانية هو عكس ما يفرضه الدستور وهو إلغاء للدور المسيحيّ عامة وللدور الماروني خاصة في الدولة اللبنانيّة. فهل من سامع مجيب؟

في المقلب الآخر، وفي خلال أسبوع واحد، فقد نال «حزب الله» شهادتي انتماء وتنويه: شهادة الانتماء كانت من الدولة الإيرانيّة التي قلّده إيّاها شخصيّاً المرشد الأعلى للثورة الإسلاميّة السيّد علي الخامنئي تقديراً للدورِ الذي أدّاه ويُؤدّيه «الحزب» وقيادته، دفاعاً عن الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة في مواجهة أعدائها أينما تواجدوا. أمّا شهادة التنويه فنالها «حزب الله» من الرئيس السوري شخصيّاً أيضاً، تقديراً للخدمات وللدعم المتبادل بين الفريقين. من هذا المنطلق ماذا عسانا نقول، وعلى ماذا سنتحاور أو سنتوافق مع «حزب الله» ونوّابه ونوّاب حليفه؟

أمّا بما يختصّ بنواب «التيار الحرّ» وعلى رأسهم النائب جبران باسيل فهذا أمر مختلف. فهم يؤدّون دور «حصان طروادة» بكلّ تفانٍ ونجاح وبدون أيّ خجلٍ ولا وَجَل. فبكلِّ استغباء للّبنانيّين عامة، وللمسيحيّين خاصة، وللبطريرك بالأخصّ، فإنّهم يُطِلّون على الشاشات وعلى وسائل الاعلام كافة ليُنظِّروا عن حسنات الورقة البيضاء ومنافعها وبُعدِها الاستراتيجي في الدفاع عن الكيان اللبناني وعن الوجود المسيحيّ، تماماً كما يُنَظِّرون لأهميّة سلاح «حزب الله» والتكامل بين المقاومة والدولة.

يا حضرات النواب العونيّين الكرام. من أجلِ وجه الله، من أجلِ تاريخنا المجبول بالعرقِ والدمّ للصمودِ في هذه الجبال الوعرة والوديان السحيقة حفاظاً على الكرامة والحريّة، من أجلِ مستقبلِ أولادكم وأولادنا في هذا الوطن، خذوا فترة نقاهة.

أخذتم من شعبكم كلَّ الدعمِ والحبِّ والدماءِ والمالِ والمَصاغ وحتى أجراس الكنائس، فأوصلتمونا الى الطائف بفعل «حرب تحريرٍ» خاسرة قبل أن تبدأ. استلمتم دولة «واقفة على رجليها»، فأوصلتمونا أو وَصَلنا في عهدكم الى جهنّم، فلماذا تُعرقلون وتُعرقلون، اتركوا الساح لغيركم. اذهبوا وانتخبوا سمير جعجع أو كميل شمعون أو سامي الجميّل أو ميشال معوض أو بطرس حرب أو فارس سعيد أو من لديه القدرة والرغبة والحكمة والعقل والقلب والرِكاب. لِوَجهِ الله استريحوا ست سنوات.

تستحضرني رائعة الشاعر الدبلوماسيّ السوريّ عمر أبو ريشة يوم نكبة فلسطين في العام 1948 حيث أنهى قصيدته الدرامية بقوله: «...لا يُلامُ الذئبُ في عدوانه إن يكُ الراعي عدوّ الغَنَمِ».

(*) عضو «الجبهة السياديّة من أجل لبنان»