تحمل المعادن في ترميم الأسنان سمعة سيئة جداً، إذ تشير الدراسات كافة إلى طابعها السام. ما الداعي لاستعمالها إذاً بعد ظهور خيارات فاعلة وخالية من المعادن لمعالجة الأسنان؟ تتعدّد المعادن المشبوهة في ترميم الأسنان، من بينها النيكل والكروم والكوبالت والحديد والزئبق. "الحشوة الملغمية" عبارة عن خليط من الزئبق والفضة مع كمية صغيرة من النحاس والزنك. اقتنع كثيرون بأن هذه المعادن تعطي آثاراً سامة حين تخترق الجسم عبر البشرة أو أحد الأغشية أو عبر الدم، وحين تتفاعل مع جزيئة بيولوجية مرتبطة بنشاط فيزيولوجي أساسي (بروتين، دهون غير مشبعة، حمض نووي...). أشارت إحدى الدراسات إلى أن الحشوات الملغمية تطلق كميات كبيرة من بخار الزئبق في تجويف الفم.نجد صعوبة في إقامة رابط بين الألمنيوم الموجود في الدماغ وبين الأمراض. تحتوي التيجان التي توضع للأولاد مثلاً على 72% من النيكل. لكن يبقى الزئبق مصدر الخطر الأساسي. يبقى الأجنّة والأطفال والأولاد الأكبر سناً أكثر عرضة من غيرهم لهذه المخاطر. أثبتت عمليات التشريح أن مستوى الزئبق في دماغ الطفل يرتفع كلما زادت الحشوات الملغمية التي تضعها أمه. كذلك ربطت إحدى الدراسات بين الزئبق الموجود في جسم المرأة الحامل وبين متلازمة التوحد لدى طفلها. برز رابط أيضاً بين الزهايمر والتوحد وبين الزئبق داخل الحشوات الملغمية. حتى أن الزئبق يؤثر في مستوى ذكاء الأولاد.
تقضي الخطوة الأولى بإدراك حقيقة المشكلة المطروحة. أصبحت التقنيات التي تسمح بمعالجة الأسنان من دون معادن متاحة اليوم. شهدت المواد المركّبة كافة تقدماً واسعاً وتطوّرت بروتوكولات خاصة بطريقة استعمالها. بدل الحشوات الملغمية، يمكن استعمال مركّبات مصنوعة من الراتنج السائل لترميم التجاويف الصغيرة. توضع المادة على شكل عجينة صلبة وتُصنَع الحشوات من الخزف. يُستعمل الخزف الصافي أيضاً لصنع تيجان الأسنان من دون توزيع معادن فوقها.
يمكن استعمال غرائس مصنوعة من الزركونيوم (الجيلان الثاني والثالث من هذا العنصر موثوق بهما) لكنها عالية الكلفة. بانتظار ظهور أحدث الابتكارات، تبرز الحاجة إلى تقييم المخاطر الصحية التي تطرحها المواد البديلة، فربما يحتوي بعض أنواع الراتنج المركّب على عنصر البيسفينول "أ".
أخيراً، تقلّ المعطيات العلمية حول تداعيات تعرّض المرضى والعاملين في مجال الرعاية بالأسنان للمواد البديلة. لذا لا بد من تكثيف البحوث في هذا القطاع حرصاً على سلامة الناس.
