رمال جوني -

"حراك النبطية" يقترب من حافة "الثورة العنفية"

20 كانون الثاني 2020

08 : 52

خلال الاشتباك بين المتظاهرين والقوى الأمنية

لم تغب النبطية عن مشهد الاشكالات بين القوى الأمنية والمتظاهرين فشهدت ساحة السراي شد حبال بينهما، بعدما عمد المتظاهرون إلى قطع الطريق احتجاجاً على اعتقال الشابين علي جفال وحسين بيطار، ما أدى إلى سقوط جريحين جرّاء التدافع الذي حصل أثناء فتح الطريق من قبل القوى الأمنية، التي أبعدت المتظاهرين الى داخل الساحة المخصصة لهم، ما سبب هرجاً ومرجاً وغضباً ظهّرته الشعارات التي أطلقت "عسكر على مين"، "ليش مش عسكر عالمصارف"...

وجاء الاعتصام الذي نفذّه شباب حراكيّ كفررمان والنبطية على خلفية اعتقال جفّال وبيطار، بسبب كتابات "يسقط حكم المصرف" على جدران المصارف، خصوصاً وأنّ شباب الحراك قرروا أخذ التظاهرات في النبطية الى مسار آخر، يفتقد إلى السلمية الهادئة التي اتصفت بها "عروس الثورة" كما اسموها، غير أنّ القوى الأمنية اعتقلت جفال وبيطار، فانتفض "الرفاق" ضد سياسة قمع الحريات، ولم تمنعهم الأمطار من التحرك الضاغط باتجاه الافراج عن المعتقلين، "لسنا هواة قطع طرق" يصرخ احدهم، "نحن نسعى لاخراج وطننا من خندق الفساد والفقر".

قرر الشباب المعتصم أمام سراي النبطية الخروج عن صمته، إنخفض منسوب السلمية في الشعارات. تحلوا بجرأة اكبر في التعبير، كما يقول يوسف "لم يعد هناك ما نخسره، كلنا عاطلون عن العمل رغم اننا من أصحاب الشهادات، تحوّلنا سجناء في الوطن، جلّادونا الزعماء أنفسهم".

حاول الشباب الغاضب التصعيد أكثر من خلال قطع الطريق قرب السراي لبعض الوقت، على أمل الافراج عن علي وحسين، غير أنهم أصيبوا بالخيبة. تقول مي: "ما هي الجريمة التي ارتكباها؟ كتابات على جدران المصارف، أليست المصارف هي التي تسرق أموال الناس؟".

رفض الشبان الخروج من الشارع قبل الافراج عن رفقيهما غير أنّ مساعيهم باءت بالفشل بحسب ابراهيم، أحد المتابعين للملف الذي قال: "إنّ محامي الثورة يتولون المهمة ويفترض أن يتمّ الافراج عنهما اليوم الاثنين على أبعد تقدير".

وخلّف الاعتقال استياء عارماً لا سيما وانه يأتي ضمن "أجندة" مصادرة الرأي والقمع والاضطهاد، كما تقول مريم التي أعربت عن قلقها من الآتي واصرارها، كما رفاقها، على التصعيد تجاه المصارف "ولكن هذه المرة في وضح النهار، لأن المصارف تسرقنا وتذلنا".

بدا واضحاً أنّ قواعد اللعبة في الساحة تبدلت، وأن المؤشرات تدل على التوجه نحو "التصعيد الثوري"، كما وصفه يامن، الذي يرى في التصعيد خطوة للضغط اكثر لأنّ السلمية لم تعد تجدي نفعاً.

أيقن الشباب أنّ زمن "الهيلا هو" لم يعد يكفي، فالمرحلة وفق أحدهم هي مرحلة "العنف الثوري" والخطة تؤكد التصعيد تجاه المصارف لوقف الذلّ اليومي، "وآن الآوان لقطع يدها في خضم الأزمة الخانقة التي أرخت بظلالها على المواطن الذي بات عاجزاً عن شراء أبسط المقومات الغذائية والمعيشية".

أزمة المولدات

إنعكست أزمة الدولار والمازوت على قطاع المولدات الذي دخل مدار التقنين، إذ بادر عدد من أصحابها في بلدة حبوش الى إصدار بيانات تعلم الأهالي بدء تقنين الاشتراك 4 ساعات يومياً، الأمر الذي أثار حفيظتهم فعبّروا عن استيائهم من هذه الخطوة.

"ولكن لا بديل عن المولدات التي صارت بمثابة أمر واقع فرض علينا"، يقول محمود. وتأتي خطوة التقنين تخفيفاً من فاتورة المواطن التي تخطت الـ 150 الف ليرة للـ 5 أمبير، وهي فاتورة مرتفعة مقارنة بالظروف الاقتصادية التي يواجهها المواطن، الذي يجد نفسه بين سندان البطالة ومطرقة الغلاء المستشري على كافة المستويات.

محطات التكرير... فوضى وأمراض

وبرزت إلى الواجهة أزمة محطات تكرير المياه حيث يشكو الاهالي من رداءة المياه الصادرة عنها، اذ عادة ما تكون ذات "مذاق غريب". ووفق المصادر المعنية، فإن غالبية هذه المحطات تعمل بلا ترخيص وتفتقد إلى آلية تكرير المياه لتنقيتها، حيث يكتفي الكثير منها بإضافة مادة الكلور وتعبئتها ثم توزيعها.

وتشير المصادر إلى التلاعب في الفحوصات الدورية المفترض تقديمها إلى وزارة الصحة، حيث يتمّ أخذ عينات من مياه صالحة للشرب وإخضاعها للفحوصات للحصول على نتيجة مضمونة، وهذا مرده الى غياب الرقابة على هذا القطاع المتفلت من كل القوانين.

وقد ظهرت مضار المياه الناتجة عن هذه المحطات على صحة المواطنين الذين يشكو بعضهم من تفشي حالات المرض، تقول احدى السيدات: "إعتدنا شراء المياه من احدى المحطات، وكنا نشكو من مذاقها ولونها ولكن الجواب يكون دوماً إنه الكلور". وتشير فاديا إلى الخطر المحدق جرّاء عمل هذه المحطات التي لا تخضع للرقابة لا بل تحظى بالدعم، وعادة ما يلجأ اليها كل عاطل عن العمل لأنها تدر أرباحا نتيجة حاجة الأهالي لشراء المياه، ولكن هذا القطاع تشوبه العشوائية والفوضى.