حسن عبيد

خطة تعافٍ... أم إعتلال؟

16 كانون الأول 2022

02 : 00

حين نقرأ عمّا يُسمّى خطة التعافي فإن ابرز ما يسترعي انتباهنا هو النقاط التالية:

أ- مساهمة الدولة في ردم الفجوة المالية واعادة رسملة البنك المركزي عن طريق مساهمتها بـ2.5 مليار دولار.

ب- حماية جميع الحسابات لغاية 100 ألف دولار.

ج- تحويل جزء من أرصدة الودائع التي تتعدى 100 ألف دولار الى الليرة اللبنانية.

د- وتحويل جزء آخر الى اسهم لإعادة رسملة المصارف.

والواقع هو التالي:

أ- ما سُمّي مساهمة الدولة في ردم الفجوة المالية ليس إلا تعويض جزء يسير من الخسائر الناجمة عن أداء القائمين في ادارة الدولة، والذين يُعتبرون مسؤولين عن حدوث تلك الفجوة. وان اي اعتراف بتلك المساهمة هو بمثابة رفع المسؤولية عن عاتقها، وهذا أمر غير صحيح.

ب- إن حماية الحسابات لغاية 100 ألف $ وتحويل ما يزيد عن ذلك الى الليرة او الى اسهم لإعادة رسملة المصارف هو بمثابة سرقة المتبقي من اموال المودعين، حيث ان الخطة يجب ان تحمي كل الودائع مع اخذ كل الوقت اللازم لتأمين تلك الحماية. ولا يجوز تصنيف المودعين كباراً وصغاراً لأن الايداعات الكبيرة هي عصب الاقتصاد، ويجب احترام المستثمرين الكبار واتاحة الفرصة امامهم للمشاركة في ادارة اموالهم دون فرض اي خيار عليهم لخلق الثقة لديهم مجدداً، وخاصة اولئك الذين جمعوا اموالهم بعرق جبينهم.

لذلك فان خطة حماية المودعين هي الخطوة الاولى لإستعادة ثقة الجميع.

وأول ما يجب القيام به للتعافي:

1 - وضع قانون لحماية الودائع وعدم الاكتفاء بالكلام ومعاملة كافة المودعين سواسية لاسترداد الودائع، وذلك جنباً الى جنب مع خطة متوسطة الأجل لمعالجة الاسترداد العادل للودائع، حيث يجب أن تشارك جميع الأطراف المعنية من دولة وبنك مركزي وبنوك في تحقيق أكبر قدر ممكن لتعويض المودعين.

2 - إعادة تقييم أصول الدولة خلال 10 او 15 عاماً المقبلة (تقدر بمئات المليارات) بعد اعادة هيكلة الأصول والمرافق العامة (BOT) بما في ذلك انشاء امتيازات جديدة، وخلق شركة إدارة أصول للصندوق السيادي مع مجلس تنفيذي دولي مستقل من خلال القانون 520 الخاص بالعقود الائتمانية، وتشجيع شراكات القطاع الخاص مع القطاع العام ومشاريع «ال بي او تي». وكذلك، خلق أصول واستثمارات جديدة، من دون بيع أصول الدولة.

3 - يمكن للدولة أيضاً أن تخلق صندوقاً وطنياً لادارة الأصول العقارية وصندوقاً وطنياً للنفط والغاز يدرّان عوائد إضافية على الدولة.

4 - بناء الثقة: يجب التأكيد على أنه لا يوجد بنك في العالم يستطيع ومن خلال دفعة واحدة إعادة تسديد أكثر من 15 الى 20% من احتياجات عملائه للسيولة.

وأن الهدف هو عدم الاسترداد الفوري للمودعين للخسارة المقدرة بـ 72 ملياراً بل تدريجياً. وعلى هذا النحو، فان الهدف من أي خطة استرداد هو لتحقيق غرضين:

- خلق الثقة المطلوبة في النظام لتشجيع المودعين على عدم سحب أموالهم من المصارف.

- إيجاد السيولة المطلوبة يومياً لجعل المودعين يشعرون بأنهم يحصلون على الاستخدام الكامل لأموالهم كما اعتادوا أن يفعلوا قبل الأزمة ووقتما يريدون في المستقبل.

أما بعد فإن المواطنين الذين انتظروا اكثر من ثلاث سنوات وخسروا الفوائد على اموالهم بل وخسروا جزءاً من ودائعهم فإنهم حتما مستعدون للانتظار فترة اكبر في حال تم تأكيد عملية استرداد اموالهم.

فهل من يُبشّر بخطة تعافٍ ارتكازها الاساسي استرداد ثقة المودعين؟

(*) باحث مالي وإداري


MISS 3