جورج بوعبدو

"African Sanctus" بقيادة المايسترو ياسمينا الصبّاح... تألّقٌ موسيقيّ يستحقّ الثناء

20 كانون الأول 2022

02 : 01

من أجواء الأمسية (تصوير رمزي الحاج)

كانت ليلة استثنائية بكل المقاييس بحضور رئيس جامعة القديس يوسف الاب سليم دكاش وحشد من السفراء والفاعليات وجمهور متعطش للفن الراقي. محبو الموسيقى الكلاسيكية والنبض الافريقي وجدوا أمس تحت قبة كنيسة القديس يوسف في مونو ما يشفي غليلهم. قصدوها لحضور African Sanctus للمؤلف والمؤرخ "دافيد فانشاو" وقد ولّفت للعمل قائدة الأوركسترا المتألقة ياسمينا الصبّاح ترافقها جوقة جامعة القديس يوسف المعروفة باسم Choeur de l'USJ.



قائدة الأوركسترا ياسمينا الصبّاح



لم تكن ليلة كالمعتاد فالموسيقى خارج المعهود والتوليفة التي أعدتها الصباح مبدعة خصوصاً أنها تحكي رحلة "فانشاو" الذي ذهب بنهاية الستينات في رحلة حجّ الى أفريقيا زائراً أكثر من 50 قبيلة في اوغندا والسودان وكينيا ومصر وعاد بتسجيلات لأصوات البشر والحجر والهواء ولكلّ ما ينبض فيها، من حفيفٍ للشجر، وأصواتٍ للنساء والمحاربين والأعيان، وصيحات للأغنام، وحتى أصوات للحروب. دفعته الأصوات تلك الى استخدامها خلفيةً لقدّاس لاتينيّ ألّفه بنفسه خصيصاً ليروي أفريقيا بإيقاعاتٍ موسيقية تحكي كلّ الحكاية، مازجاً بين الأنغام الإثنية القديمة وتلك المعاصرة.

وبسحر ساحر نقلت الصباح الجمهور بثلاثة عشر فصلاً موسيقياً الى أرض الحدث فخطا مع فانشاو خطوة الالف ميل بين قبائل تغني حاضرها وماضيها ومستقبلها وتهلّل لربها يسوع في لحظات خوفٍ وفرح فتناديه بإيقاعاتٍ دافئة تارة وصاخبة مرعبة طوراً. استعان الجمهور لفهم الامسية بكتيّب وزِّع على المقاعد كلّها يشرح فصول الحجّ وتفاصيل كل مقطوعة موسيقية وإيقاعاتها الملونة، هناك في ربوع افريقيا حيث للطبيعة صوت وكيانٌ صارخ.

رافقت الصباح في مهمتها السوبرانو البلجيكية ليزا موستين وثلاثية ناتشو آريماني وأرتورو ستابلي وماتياس كونزلي على آلات الايقاع وفارتان أغوبيان على البيانو ورافي مانداليان على الغيتار ومكرم أبو الحسن على "الباس" وكريستيل نجيم على آلة "التيمباني" فيما تولى جان جبران مسألة الصوت.

رائع جاء هذا المزيج بين المسجل والحيّ. أما الجوقة الخمسينية والمتعددة الطوائف والخلفيات، فقد اكتملت فيها العناصر كلّها من متانةٍ في الأداء وإبهار في الصوت جعلها تحاكي أهم الجوقات العالمية.




السوبرانو البلجيكية ليزا موستين



فعلاً كانت أمسية تستحق الثناء بكل جوانبها وتدفعك الى الرغبة في حضور الاعادة الثانية منها اليوم في المكان نفسه لأنّها تحرّك لدى كلّ محبّ للموسيقى والفنّ الراقي مشاعر جياشة تجعله يصيح "بيس" عشرات المرات ولا يكلّ من التصفيق ويتمنى لو أن الأمسية تطول.



المغني جورج نون



"الـAfrican Sanctus مهداة الى الموسيقيين الذين لا يجيدون قراءة الموسيقى أو كتابتها"، يقول الكتيب، "إنه احتفاء بوحدة الشعوب، والقواسم المشتركة والموسيقى"، يؤكّد على صدر الغلاف. أصابت الصباح في رسالتها، أرادت أن تفهمنا بأن صوت الموسيقى أعلى من الحروب وبأنّها تلغي المسافات وتوحّد الشعوب حول قواسم الجمال. أمس لمسنا مع ياسمينا الصباح دفء افريقيا وجمال الاحتفاء موسيقياً بتنوّع الإثنيات والثقافات ولها على ذلك منّا ألف شكر وتقدير.


MISS 3