إليكم خطة سهلة للوقاية من السكّري

11 : 32

إذا كان المريض يواظب على النشاطات الجسدية أصلاً، يصعب أن يعكس مسار تطور النوع الثاني من السكري في معظم الحالات. ما من سبب محدد لنشوء مرحلة ما قبل السكري. في هذه الظروف يضطر المريض إلى أخذ أدوية طوال حياته. في حالات أخرى، يرتفع خطر الإصابة بالنوع الثاني من السكري بسبب البدانة وقلة الحركة ووجود تاريخ عائلي بالمرض.

حين يصبح الشخص في مرحلة ما قبل السكري، تتدفق في جسمه كمية متزايدة من هرمون الأنسولين المسؤول عن إخراج السكر من الدم وإيصاله إلى الخلايا واستعماله لإنتاج الطاقة أو تخزينه على شكل دهون وسرعان ما تتراجع فاعلية ذلك الهرمون.

حين تتنقل كمية فائقة من السكر في أنحاء الجسم، سترتفع مستويات السكر في الدم. وإذا بقيت تلك المستويات مرتفعة، يزيد احتمال الإصابة بالنوع الثاني من السكري.

إذا انتقل المريض من مرحلة ما قبل السكري إلى النوع الثاني من السكري، يصبح أكثر عرضة لأمراض القلب والجلطات الدماغية وفقدان البصر وتضرر الأعصاب والكلى، حتى أنه ربما يحتاج إلى بتر أطرافه في مرحلة معينة. على صعيد آخر، تبدأ أنسجة الجسم والأوعية الدموية بالتضرر قبل نشوء النوع الثاني من السكري.

رغم هذه المخاطر كلها، يبرز بعض الأنباء الواعدة: يمكن عَكْس مرحلة ما قبل السكري عبر إحداث بعض التعديلات في أسلوب الحياة. يكفي أحياناً أن تتجاوز التقنيات المعروفة وتتخذ خطوات غير مألوفة للسيطرة على المرض قبل نشوئه.

فئات أكثر عرضة له


تبدأ مرحلة ما قبل السكري بسبب الوزن الزائد، أو البدانة، أو قلة الحركة، أو وجود تاريخ عائلي بالنوع الثاني من السكري. كذلك تبقى المرأة التي تصاب بسكري الحمل أكثر عرضة من غيرها للإصابة بمرحلة ما قبل السكري أو النوع الثاني من المرض في نهاية المطاف. تنشأ المخاطر نفسها أيضاً لدى المرأة التي تلد طفلاً يزن أكثر من خمسة كيلوغرامات.

في 10% من الحالات، تصاب النساء بمتلازمة المبيض متعدد الكيسات وتؤدي هذه المشكلة أحياناً إلى إضعاف الخصوبة واكتساب الوزن وظهور أعراض أخرى. تتأثر هذه المتلازمة أيضاً بمشكلة مقاومة الأنسولين، فعمل الأخير محوري في هذا المجال ويمكن اعتبار نشاطه وظاهرة مقاومة الأنسولين وهرمون الكورتيزول المرتبط بالضغط النفسي أحد أبرز المسببات الهرمونية للنوع الثاني من السكري والبدانة. لتبديد تداعيات هذه المشاكل، لا بد من استهداف تلك المسببات في المقام الأول.


فقدان الوزن أساسي


من المعروف أن فقدان بين 5 و10% من وزن الجسم يعكس مسار مرحلة ما قبل السكري ما دام المريض يحافظ على وزن مستقر بعد خسارة الكيلوغرامات الزائدة. لكن لا تقدّم الحميات الغذائية القصيرة الأمد أي حلول فاعلة، إذ يصعب الالتزام بمعظمها ومن الشائع أن يسترجع المرضى الوزن الذي خسروه ويترافق ذلك غالباً مع ارتفاع مستوى السكر في الدم مجدداً. لكن برزت مقاربة جديدة ومثيرة للجدل في الفترة الأخيرة: خسر آلاف الناس الذين يمرون بمرحلة ما قبل السكري وزنهم الزائد وخفّضوا بذلك خطر إصابتهم بالسكري من خلال التخلي عن السكريات والكربوهيدرات المكررة أو النشوية، كتلك الموجودة في الخبز والبطاطا والأرز والحلوى، في مقابل زيادة استهلاك الدهون الصحية كتلك الموجودة في اللبن اليوناني والمكسرات والأسماك والبيض.خلال عملية الهضم، تتحوّل كميات الكربوهيدرات كلها إلى سكريات، ما يؤدي إلى إطلاق الأنسولين في الجسم. وفق هذه النظرية، يؤدي تخفيــف استهلاك الكربوهيدرات وحصرها بمئة غرام يومياً كحد أقصى إلى انخفاض مستوى السكر في الدم وبالتالي تتراجع الحاجة إلى الأنسولين. في نهاية المطاف، تسمح هذه المقاربة بتحسين طريقة تعامل الجسم مع الأنسولين. مقارنةً بالفئات الغذائية الأخرى، لوحظ أن الدهون تعطي أبطأ أثر على مستوى إطلاق الأنسولين في الجسم. اكتشفت الدراسات أيضاً أن الحمية المتوسطية الغنية بالدهون المفيدة (كونها تشمل الأسماك والخضراوات والأجبان والمكسرات وزيت الزيتون) لا تؤدي إلى اكتساب الوزن: تبيّن أن الرجال والنساء الذين طُلِب منهم الالتزام بحمية تحتوي على نسبة إضافية من الدهون نجحوا في خسارة الوزن وتنحيف محيط خصرهم أكثر من المشاركين الذين التزموا بحمية قليلة الدهون.منذ سنوات يوصي بعض الخبراء المصابين بالنوع الثاني من السكري أو أصحاب الوزن الزائد أو الأشخاص الذين يمرون بمرحلة ما قبل السكري بالانتقال إلى حمية غذائية قليلة الكربوهيدرات وكثيرة الدهون. خلال بضعة أسابيع أو أشهر، يتحسّن وضع هؤلاء وينعكس مسار السكري لديهم، حتى أنهم يستطيعون التخلي عن الأدوية في بعض الحالات. تسمح التعديلات الغذائية والتمارين اليومية إذاً باسترجاع صحة جيدة. لكن لا تضمن هذه المقاربة النتائج الإيجابية نفسها لدى بعض المرضى. لم تُنشَر دراسات طويلة الأمد بعد ويفضّل معظم الجمعيات المعنية بالسكري انتظار صدور النتائج الرسمية. لكن يعتبر عدد متزايد من الخبراء والبحوث هذه الحمية آمنة وفاعلة. بدءاً من عام 2015، اعتُبِر حصر استهلاك الكربوهيدرات أبرز مقاربة فاعلة للتحكم بالسكري ومرحلة ما قبل السكري.
 


ما وراء المقاربات الغذائية


لا يقتصر الحل على الناحية الغذائية. تسمح تعديلات أخرى في أسلوب الحياة بالسيطرة على معدل الغلوكوز في الدم. في هذا المجال، تُعتبر التمارين الجسدية أساسية لأن العضلات تمتص الغلوكوز الموجود في الدم. كلما زادت حركة الجسم، يزيد ميلها إلى امتصاص الغلوكوز. ولكن لا داعي للبدء بتدريبات مكثفة ومفرطة، إذ يكون التحرك داخل المنزل أو استعمال السلالم بدل المصعد كافياً أحياناً لتخفيض مستويات سكر الدم ببضع درجات. يوصي معظم الخبراء بتخصيص 30 دقيقة للحركات المعتدلة يومياً، لذا حاول أن تمارس المشي السريع إذا كنت تعجز عن تحريك جسمك عبر نشاطات أخرى.

على صعيد آخر، ستستفيد حتماً من أخذ قسط من الراحة في مناسبات إضافية. في السنوات الأخيرة، تبيّن أن عوامل الخطر التي تُمهّد لاكتساب الوزن وزيادة مخاطر السكري تشمل سوء نوعية النوم وتراجع مدته والأرق. لذا يسمح النوم السليم طوال سبع أو ثماني ساعات في الليلة بتخفيض نسبة الخطر.

أخيراً، احرص على إيجاد الوقت الكافي للاسترخاء لأن الضغط النفسي يزيد مستوى الكورتيزول في الجسم، ما يؤدي إلى ارتفاع معدل السكر في الدم. مع مرور الوقت، يزيد مستوى مقاومة الأنسولين أو يتركز اكتساب الوزن في منطقة البطن وتزيد مخاطر الإصابة بمرض السكري. بالتالي، سيكون تبديد الضغط النفسي أساسياً ويمكن تحقيق هذا الهدف عبر تقنيات التأمل واليوغا والتدليك. باختصار، يمكن اعتبار مرحلة ما قبل السكري بمنزلة جرس إنذار لإحداث التعديلات اللازمة وتحسين الوضع الصحي العام، وتجنب النوع الثاني من السكري قبل نشوئه!

ربما ينصدم بعض الأشخاص حين يتبلغون بأنهم أصبحوا في مرحلة ما قبل السكري، لا سيما إذا كان مؤشر كتلة جسمهم ضمن النطاق الصحي وإذا كانوا يلتزمون بحمية غذائية قليلة الدهون وغنية بالفاكهة والخضراوات والحبوب ويمارسون الرياضة بانتظام.

إليك أهم ما يجب أن تعرفه عن السكري وطرائق التحكم بالمخاطر المطروحة عليك.


MISS 3