حسن عبيد

المشكلة في سعر الصرف... أم في مكان آخر؟

30 كانون الأول 2022

02 : 00

إن الاعلان عن رفع سعر الصرف الرسمي للدولار عشرة أضعاف، بدءاً من شهر شباط المقبل، ليصبح 15 ألف ليرة، في خطوة ينظر إليها البعض على أنها إجراء لحصر سعر صرف الدولار في السوق بثلاثة أسعار، هو سعر منصة السوق الذي يفوق الآن مبلغ 43500 ليرة للدولار، وسعر منصة «صيرفة» العائدة للمصرف المركزي، الذي يقارب 38 ألف ليرة، وسعر الصرف الرسمي للسحوبات المصرفية والرسوم الجمركية البالغ 15 ألف ليرة.

وبناء على ذلك قررت الحكومة اللبنانية استيفاء الرسوم الجمركية بزيادة عشرة أضعاف بدءاً من مطلع شهر كانون الأول الجاري، حسب اعلان وزارة المال التي ارتأت ان هذا التدبير يساعد في الحد من استغلال فروقات الأسعار وكذلك تخفيف الخسائر التي تتكبدها الخزينة.

وربما نسوا او تناسوا ان رفع الدولار الجمركي إلى 15 ألف ليرة، يعني زيادة بمقدار 10 أضعاف على السلع المستوردة غير المعفاة من الرسم الجمركي، وهو ما سينعكس على أسعار البضائع وعلى كاهل المواطن ونسبة الاستهلاك مما يصعب على الطبقتين الفقيرة والمتوسطة تأمين احتياجاتهم، ففي حين زادت رواتب القطاع العام 3 مرات والقطاع الخاص من 5 إلى 8 مرات، قرّرت الحكومة ضرب كل الأسعار بمضاعفة الدولار الجمركي 10 مرات وسعر صيرفة 20 مرة.

علماً أن صندوق النقد كان نصح بأن تكون زيادات القطاع العام مدروسة، وبأن إعادة النظر بطريقة إدارة الدولة ضرورية، فليس مصرف لبنان هو القادر وحده على حل كل شيء.

ويلاحظ منذ بدء الأزمة أن السلطة النقدية تغطي الفراغات الدستورية والسياسية ، وعجز السلطة التنفيذية الدائم عن إرساء المعالجات الاساسية لوقف مسلسل التدهور النقدي الذي تلا قرار تعليق دفع مستحقات الديون الحكومية بالعملات الصعبة والمجدولة سنوياً حتى العام 2037، ومن ثم استنزاف نحو 20 مليار دولار من احتياطيات مصرف لبنان وتضخيم نزف العملة الوطنية لتخسر أكثر من 95 في المائة من قيمتها، وبالتالي زعزعة الثقة الداخلية والخارجية بكامل مؤسسات القطاع المالي.

ومن الواضح، بعد الإعلان عن هذه المبادرة سيختفي السعر الرسمي المعتمد بمستوى 1515 ليرة لكل دولار. كما سيتبدل حجم التدفقات النقدية بالليرة وبالدولار، ولا سيما بعد الشروع بتنفيذ قرار منح جميع العاملين في القطاع العام راتبين إضافيين شهرياً ومساعدات اجتماعية ومضاعفة بدلات النقل، ورفع بدل تصريف دولارات الودائع من 8 و12 ألف ليرة إلى 15 ألف ليرة.

وبينما يعوّل وزير المال على إيرادات الدولار الجمركي الجديد لسدّ فجوة الموازنة، وهو ما سبق أن أعلنه صراحة، رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال جلسات مناقشة الموازنة. حيث انه مع شركائه لم يقرّوا أي خطّة إصلاح لتحقيق النهوض الاقتصادي، وفي ظل انشغالهم بتسوية كل القوانين الإصلاحية تلبية لمتطلبات صندوق النقد، تستمرّ السلطة ب​سياسة​ الترقيع عبر فرض المزيد من الضرائب على المواطن وتحميله وحده وزر كل فشلها وانعدام الحلول لديها.

لكن هذا وحده برأينا، لن يكون كافياً حيث يمثل مبادرة جزئية ومنقوصة، لذلك لا بد من سلسلة اجراءات يتم تطبيقها دفعة واحدة لاحتواء تداعيات التدهور المستمر ومنها:

1 - انتخاب رئيس جديد للجمهورية لسد الفراغ السياسي.

2 - تأليف حكومة جديدة كاملة الصلاحيات وتحمّل مسؤولياتها في اتخاذ قرارات الانقاذ والاصلاح.

3 - زيادة سعر صرف الدولار بشكل متناسب مع زيادة الرواتب وملحقاتها.

4 - الشروع بتنفيذ خطة التعافي.

غير ذلك هو مماطلة وضحك على المواطن المسكين.

(*)خبير مالي ومحاسبي


MISS 3