شربل داغر

متعة العام الجديد

31 كانون الأول 2022

02 : 01

أتساءل، وأنا أستعد لوداع السنة التي تنصرم، عما لي أن أفعله ليلة العيد.

إنطلقتُ إلى القراءة وفق مَيلِي المهني التلقائي، للتفتيش في تقاليد الشعوب عما يروق لي فيها، فأعتمده.

وجدتُ تقاليد في الطبخ، ما لستُ مؤهلا لتعلمها، ولا إيجاد ما يناسبها من مواد في حالتنا الراهنة.

وجدتُ أن البعض يستقبلون العام الجديد بالغطس؛ وهو ما لا أفعله في الصيف، فكيف في الشتاء!

وجدتُ لدى البعض الآخر أنواعاً وانواعاً من الأمنيات، ما يمكن تدوينه في عدة أوراق، ثم يتمّ اختيار إحداها بالصدفة... لكنني عدلتُ عن الفكرة، لأنني سأربح امنية واحدة، وأخسر الكثير مما أريد التخلص منه في هذه البلاد.

إفتكرتُ في تقليد اتبعتُه بنفسي في سنوات سابقة، وهو كتابة مقال أسددُ فيه كلماتي الأخيرة، المؤجلة، في سنة، كما لو أنني أضع في المدخنة المشتعلة ما نغّصني في حياة العام المنصرم، وما أرشحه للاشتعال، للغبار، في هواء الأيام.

إفتكرتُ في وضع قطع نقدية في جيبي، مثلما قرأتُ في أحد التقاليد، تصيّداً للثروة، إلا أنني عدلتُ عن الفكرة لانقراض القطع النقدية في تداول العملة اللبنانية في السنة المنصرمة.

قرأتُ وعدتُ، لكنني تذكرتُ ما كنتُ أفعله في هذه الأيام، في سنوات المراهقة: كنت أمضي سهرات وسهرات قبل وفي ليلة رأس السنة، مع اقرباء واصحاب، في لعبة خفيفة من المقامرة.

هذا ما نسيتُه، من دون أن تفارقني المقامرة، حتى إنني كتبت قصائد فيها.

فأنا لا أحب ألعاب الحظ، بل المقامرة في أنواعها وأنواعها.

لن أحدد أي أمنية، إلا أنني سأحاول أن أكون يقظاً، ما أمكنني. سأحاول تصيد لحظات فرح، لحظات دهشة، لحظات مفاجأة، لحظات كتابة متوقدة، في هذه الأيام العصيبة، التي لن تختفي من حياة الشقاء التي نعيش في أيام السنة الجديدة.

لن أرغب في أي شيء يستلقي منتظراً تحت شجرة العيد. فأنا لم أنصب الشجرة هذه السنة لحزن مقيم...

سأكون مقامراً من دون منافسِين أو خصوم. سأراهنُ بيني وبين نفسي، في ما يمكنني انتزاعُه من أشداق البهيمة الحاكمة التي تهددنا، ومن فرص في فتحات الأيام...

ما يبقى من قواي، لن أبدده في توهمات، أو أحلام خرقاء. ما يبقى، له أن يكون من مناعتي، من عزمي، من لهوي، من رغبتي في استلذاذ الحياة في خريف العمر الوشيك: أرفعُ كأس محبتكم.

ليس لي أفضل من متعة الحياة في استقبال العام الجديد.


MISS 3