أكرم حمدان

الحكومة لا يمكنها استرداد الموازنة قبل نيلها الثقة

"زنّار الثورة" يُحاصر مجلس النواب

27 كانون الثاني 2020

02 : 00

جدار يفصل الحكومة عن الشعب (رمزي الحاج)

لم يسبق أن حصل هذا التضارب أو الإزدحام أو التقاطع أمام المجلس النيابي لجهة وجود موازنة في عهدته تسلمها من حكومة استقالت وانتهى وجودها دستورياً، وحكومة جديدة لم تنل ثقته بعد.

وقد أثار هذا الموضوع جدلاً سياسياً ودستورياً واسعاً، خصوصاً حول مثول حكومة الرئيس حسان دياب أمام المجلس، قبل نيلها الثقة، لمناقشة مشروع قانون موازنة 2020، من دون أن تكون قد وضعت المشروع أو اطلعت أو وافقت عليه وبالتالي تحمل مسؤولية الدفاع عنه.

وتتناقض الآراء والإجتهادات بين مؤيد ومعارض لوجهة نظر رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يعتبر أنه مقيد بمهلة 31 كانون الثاني لإنجاز الموازنة، وفقاً لما تنص عليه المادة 32 من الدستور، ولا يمكنه الخوض في أي مسألة أخرى قبل التصويت عليها، ولن يُسجل انقضاء العقد الإستثنائي من غير التصويت على الموازنة ووضعها مجدداً بين يدي مجلس الوزراء، ومن ثم إصدار رئيس الجمهورية مرسوماً يجعلها نافذة وفق الصيغة التي أحيلت بها إلى مجلس النواب في المرة الأولى، وهو أمر يسيء إلى المجلس ويُظهر كأنه تلكأ في واجبه الدستوري.

ويرى بري أن حضور ومثول حكومة الرئيس دياب دستوري وملزم عطفاً على الفقرة الثانية من المادة 64 من الدستور التي تقول "... ولا تمارس الحكومة صلاحياتها قبل نيلها الثقة ولا بعد استقالتها أو اعتبارها مستقيلة إلا بالمعنى الضيّق لتصريف الأعمال".

ولأن الحالة جديدة ولا سوابق لها، فهناك تعقيدات تحتاج إلى مخارج نظراً إلى التضارب في النصوص، وخصوصاً بين المادتين 32 و69 وبين أولوية الموازنة والثقة، وكذلك دور الحكومة المقيد في موضوع استرداد المشروع، فهذه الحكومة لا تستطيع استرداد مشروع الموازنة، في حال كانت ترغب في ذلك، لأن الاسترداد يحتاج إلى قرار في مجلس الوزراء ومن ثم مرسوم استرداد، وهذا الأمر لا يحق للحكومة الحالية القيام به لأنها لم تتحول بعد إلى مجلس وزراء طالما لم تنل الثقة، كذلك فإن عملية الاسترداد سوف تؤدي حكماً إلى تأخير الموازنة الجديدة فترة لا تقل عن أربعة أشهر لإعداد المشروع وإقراره ومن ثم إحالته إلى مجلس النواب وإقراره، وفي هذه الحال سيغدو الصرف على القاعدة الإثنتي عشرية وعلى أساس موازنة الـ2019 التي يتجاوز فيها الإنفاق ما هو مقرر في موازنة الـ2020 وبالتالي فإن الأفضل إقرار الموازنة طالما هي عبارة عن رواتب وأجور وتخفيض نفقات ولا تتضمن أية مشاريع استثمارية.

وبمعزل عن عدد طالبي الكلام من النواب الذي ربما قارب الـ30، وعن موقف المقاطعة للجلسة الذي أعلنه رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، فإن مختلف التوجهات والآراء تُقر بان ما يحصل اليوم هو جديد ويحتاج إلى نقاش ربما ليس وقته وظروفه الآن.

ويقول عضو كتلة "القوات اللبنانية" النائب جورج عقيص لـ"نداء الوطن": "لا توجد سابقة في هذا الإزدحام وبالتالي أنا أفضل إعطاء الأولوية والإحترام لجلسة الثقة ومن ثم تُفتح دورة استثنائية للمجلس لإقرار الموازنة وتتم تغطية الصرف على القاعدة الإثنتي عشرية لمدة أسبوع أو أسبوعين من خلال الموازنة نفسها، وإن كنت من القائلين بأن النقاش الدائر الآن لا يرتقي إلى مستوى المرحلة ومحاكاة الواقع القائم اقتصادياً ومالياً".

بدوره، أكد عضو "اللقاء الديموقراطي" النائب بلال عبدالله لـ"نداء الوطن" مشاركة وحضور نواب اللقاء في جلسة الموازنة "لأن هذه الموازنة درسها وأقرها المجلس على مدى أشهر وشارك الجميع في مناقشتها ويجب تفادي الصرف على القاعدة الإثنتي عشرية، وهذه الجلسة تختلف عن جلسة الثقة".

أما مقرر لجنة المال وعضو كتلة "الوسط المستقل" النائب نقولا نحاس فقال لـ"نداء الوطن": "لن أدخل في الجدل الدستوري بحيثياته السلبية والإيجابية، فلنذهب إلى إقرار الموازنة التي تُعتبر تخفيض نفقات وموازنة رواتب وأجور فقط وهي أقل من عادية ولا تُلبي كل المطلوب لأن الموارد غير مضمونة والدخل القومي غير واضح والعجز المتوقع يصل إلى حدود 6000 مليار ليرة، وبالتالي فإن المطلوب من مشاريع إصلاحية غير موجود في الموازنة ويُمكن للحكومة أن تتقدم به بشكل منفصل".

تبقى الإشارة أخيراً إلى أن الجلسة ستُستهل بتلاوة مراسيم تشكيل الحكومة لكي يتسنى للحكومة الحضور والمشاركة إن كان من خلال رئيس الحكومة حسان دياب أو معه الوزراء.


MISS 3