سيلفانا أبي رميا

خطّ روايته الأولى من صلب المعاناة

المحامي علي زين الدين: "أنا الأعرج" هدية سعيٍ ونضال للشباب اللبناني

6 كانون الثاني 2023

02 : 01

هو محامٍ شاب لم يطأ عتبة الثلاثين من العمر بعد، حوّل نقاط ضعفه إلى قوّة، مثبتاً أن "الإعاقة" الجسدية لا تعيق الأحلام والطموح. هو الأعرج الذي وقف مستقيماً في وجه سوداويّة الحياة وتنمّرها وصعوباتها المعيشية، فتعلّم وتثقّف وتخرّج. وها هو اليوم يخطّ روايته الأولى من صلب معاناته لتكون قدوةً لكلّ شاب لبناني قرّر الإستسلام. "نداء الوطن" التقت المحامي والكاتب علي زين الدين وكان معه هذا الحديث.

ما قصة علي زين الدين التي منها وُلد كتابك "أنا الأعرج"؟

مع بلوغي عامي الـ17 كنت قد خضعت لـ12 عملية جراحية ليست بالصغيرة، 7 منها في القدمين. وما زلت أعاني حتى اليوم وأنا في عامي 28، فقدمي اليمنى أقصر من اليسرى بخمسة سنتيمترات وهي إعاقة واضحة تجعلني "أعرج". وترافقت رحلتي الطبية هذه مع ظروفٍ ماليّةٍ صعبةٍ جداً، أعاقت وأخّرت مواعيدي وعملياتي الجراحية الضرورية بسبب استحالة تأمين الوقود وأجر الطبيب وتكاليف المستشفى.

كيف تمكّنت من التوفيق بين دراستك والخضوع للعلاجات؟

رفضت الإستسلام أمام الفقر. بدأت منذ الصف السادس بجمع النحاس والحديد وبيعه. بعدها عملت لسنواتٍ في كاراج للميكانيك قبل أن أنتقل إلى أحد مطاعم "ماكدونالدز". كل ذلك مكّنني من إكمال دراستي وشراء مستلزماتي المدرسية من لباسٍ وكُتب ورسم تسجيل وغيره، كما ومتابعة علاجاتي والخضوع للعمليات الجراحية اللازمة.

رغم الألم الكبير، الجسدي والنفسي، كان إصراري على المتابعة يكبر. دخلت الجامعة مثابراً على الحصول على شهادة المحاماة وكنت أدفع تكاليفها من عربة الفول وعرانيس الذرة التي اقتنيتها وجلت فيها الشوارع مساءً.

هل تعرّضت للتنمّر بسبب إعاقتك هذه؟

طبعاً، تعرّضت لكمٍّ هائلٍ من التنمّر في مختلف مراحل طفولتي وشبابي، فكما أقول في كتابي: "وكان الفتى مادةً دسمةً للتنمّر". إلا أنني رفضت الخضوع وكنت أتجاوزها في كلّ مرّة واضعاً نصب عينَي حلمي الأكبر وهو الجامعة وثوب المحاماة.

لماذا اخترت مهنة المحاماة بالذات؟

اخترت المحاماة لكونها مهنة عريقة أستطيع من خلالها إنصاف الحق وتحقيق العدالة. أنا ضدّ الظلم بكلّ أشكاله، وحريصٌ على مساعدة المستضعفين وإنصافهم.



أنا الأعرج



أخبرنا أكثر عن كتابك "أنا الأعرج".

هو كتابي الأول الذي يدمج قصص معاناتي وانتصاراتي في 88 صفحة. تعمّدت قصر الصفحات والأسلوب السلس الخفيف الشفاف والموضوعي، إيماناً مني بأنها أنسب وأسرع طريقة لإيصال رسالتي للقرّاء من كل الفئات. خلال 5 أشهر من الكتابة، أنجزت "أنا الأعرج" بعنوانٍ يمثّلني ويصف حالتي. تسلّمَت "الدار العربية للعلوم ناشرون" مهمة الطباعة، وبات الكتاب اليوم موجوداً بسعرٍ رمزي وهو 200 ألف ليرة لبنانية فقط لا غير.

لمن يتوجّه "أنا الأعرج"؟

كتابي سيرة ذاتية واقعية أتوجّه من خلالها إلى كل الشباب اللبناني وخصوصاً ذوي الاحتياجات الخاصة أو المستسلمين وفاقدي الأمل. عسى أن يصل صوتي إلى أكبر شريحة ممكنة من هؤلاء في مجتمعنا.

ما هي ردود الفعل التي تلقّيتها حتى اليوم؟

أولاً المبيعات أكثر ممّا تصوّرت. وكلّ من قرأ "أنا الأعرج" يبادر إلى إخباري بأنه لم يتمكن من التوقف وإغلاق الكتاب قبل إنهائه دفعةً واحدةً. وأبرز ما تردّد على مسمعي: "كمية المشاعر الحقيقية جعلتنا نقع في حبّ الكتاب، ضحكنا مع علي في زوايا المدرسة وبكينا معه على رصيفٍ خالٍ".

بين الكتابة والمحاماة ماذا تختار؟

يستحيل الإختيار، فقد وجدت في الكتابة سنداً لي في عالم المحاماة. كما أنها قوّتني كثيراً خصوصاً بما يخصّ الاستحضارات والشكاوى واللوائح الجوابيّة وغيرها. أنا الكاتب المحامي، وفي عملي القانوني صبغة أدبية أفتخر بها.

هل ستتابع رحلة تأليف الكتب؟

بالتأكيد فالكتابة باتت شغفي. بعد الاحتفال التكريمي الذي سيُقام لي في طرابلس يوم غد السبت، سأعود وأتفرّغ لإنهاء كتابي الثاني. إنها المرّة الأولى التي أفصح فيها عن عملي الروائي الجديد، وسأخبركم بأنه قصة احتكاكي بالمجتمع اللبناني بمختلف أطيافه ومناطقه ومذاهبه. من خلال تجاربي هذه أنا اليوم في صدد اختصار مجتمعنا في كتاب.






ما حلم علي زين الدين اليوم؟

حلمي اليوم كمحامٍ هو أن أوضَع أمام استحقاقاتٍ صعبةٍ أنجح من خلالها في الدفاع عن كل فقير ومظلوم. أمّا زين الدين الكاتب فيحلم بأن تصل رسالته إلى أكبر عددٍ ممكنٍ من القرّاء وتحرّك بداخلهم دوافع المثابرة والطموح.

ماذا عن واقع ذوي الاحتياجات الخاصة في لبنان. وماذا تقول لهم؟

الواقع للأسف مزرٍ وخالٍ من الحقوق والتوعية ومن محاولات الدمج. وأقول لذوي الاحتياجات الخاصة خصوصاً وللشباب عموماً: على كلّ امرئٍ أن يعثر على نفسه. إبحثوا عن نقاط القوة لديكم، تصالحوا مع أنفسكم، ولا تستسلموا. إتعبوا وابكوا وتألّموا، فالطموح والأحلام لا تتحقق سعادتها بين ليلةٍ وضحاها.


MISS 3