سناء الجاك

"لماذا المجتمع ملتهب على هذا النحو"؟

6 كانون الثاني 2023

02 : 00

يهندس "حزب الله" عملية رشق الإدارة الأميركية وعملائها في الداخل بتهمة قيادة لبنان إلى الانهيار الشامل. يفصِّل أدوارا، ويُلْبِسها لهذه الإدارة، ويحبك السيناريوهات التي تدين بالخيانة العظمى كل من يرفض استباحته الدولة بمؤسساتها ورهن مصير اللبنانيين لمشاريع مشغِّله، ويستقوي على الجميع بسلاحه الذي يحمي الفساد ويحتمي به.



وهو بذلك يتماشى مع ما قاله الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، من أن "على العدو أن يعرف أنه رغم ما قام به من خطط، تبين أن حساباته خاطئة مثل المرات السابقة. اعتقد العدو أن الأمة الإيرانية مثل غيرها من الأمم، وأنه قادر على إثارة الفتنة، لكن الشعب الإيراني لم يسمح للأميركيين والغربيين بتنفيذ خططه لتحقيق مصالحهم".


قد يقول قائل إن الحزب لا يجافي الحقيقة في اتهامه هذا، كذلك النظام الإيراني، فالسياسة الأميركية مثيرة للجدل في العالم بأسره، وفي منطقة الشرق الأوسط تحديدا، وهي بالتأكيد تحتاج إلى شهادة حسن سلوك وبراءة ذمة.


ولكن، يبقى الدور الأميركي في العراق وأفغانستان بالتنسيق والأخوة المُضمرة مع إيران هو أكثر ما يحتاج براءة الذمة هذه، وأيضا الاتفاق النووي على مذهب الرئيس الأسبق باراك أوباما، والتغاضي عن قصف النظام الأسدي الشعب السوري بالأسلحة الكيماوية ومن ثم بالبراميل المتفجرة التي عبرت محتوياتها من مرفأ بيروت على ما يمكن التكهن.



ومع هذا، لنتابع الحزب في هندسته، ولنسلم جدلا ان هذه الإدارة الأميركية هي رأس المعصية، وهي التي حركت المنتفضين على المنظومة في تشرين الأول 2019، وهي التي تدعم مشاريع شعبية مشبوهة من خلال جمعيات تموِّل المؤامرات على المقاومة، ولنتجاهل مساهمته ومباركته وموافقته على دورها في ترسيم الحدود البحرية مع العدو الأزلي لاستخراج النفط والغاز من الحقول المشتركة بين لبنان وبين دولة إسرائيل.. ووفق شروط أقل ما فيها أنها ترهن ثروة لبنان النفطية للمصلحة الإسرائيلية.


لنعد إلى أزماتنا ولا نوسع البيكار، ونفتش عن البصمات الأميركية في كل المصائب التي تضعنا في مجاهل جهنم من خلال فبركة الشيطان الأكبر لأزماتنا الاقتصادية والمالية، بما يلبي متطلبات صفقات الفساد المتلاحقة والمتدفقة كنهر هادر يجرف معه كل أمان واطمئنان لحاضر اللبنانيين ومستقبلهم. لنفتش عن الدور الأميركي في دعم مصرف لبنان للأساسيات عبر سرقة متواصلة لودائع اللبنانيين ومن ثم تهريبها إلى سوريا على يد مافيات محمية من الحاكم بأمره عندنا والحاكم بأمره عند جيراننا.


لنبحث عن الإصبع الأميركي النجس في تحويل لبنان وسوريا برعاية مافيات الحاكمين بأمرهما إياهما، إلى مركز عالمي لصناعة المخدرات وترويجها وتهريبها إلى الجيران أولا والى حينما هو ممكن إيصالها بعد ذلك، وفي النهب الموصوف لقطاع الطاقة والمنشور غسيله الوسخ على صنوبر العالم كله.


وإذا تبين أن للإدارة الأميركية دورا في كل هذه الملفات فإن الأمر سيقودنا إلى استنتاج واحد لا ثانٍ له، وهو أن هذه الإدارة متكافلة ومتضامنة مع السلاح الذي يحمي الفساد ويحتمي به للتنكيل الشعب اللبناني. وهذا الشعب يتحوَّل عميلا إذا احتج على ما يكابده من فظائع وظيفتها ملء جيوب أهل المنظومة بالمال العام والخاص.


أو، ببساطة يمكننا إسقاط ما قاله النائب الإصلاحي الإيراني، مسعود بزشكيان، في تصريح لموقع "عصر إيران"، من أن "جميع الناس لا يمكن أن يكونوا عملاء للخارج" وأن "المعادين للثورة والأجانب حاولوا ركوب موجة الاحتجاجات؛ لكن لماذا المجتمع ملتهب على هذا النحو؟؟.. وبدلا من أن نعود لمعالجة الأسباب في القضايا التي أهملنا حلها، نريد أن نقول إن الناس مذنبون"..