كلير شكر

دولة الرئيسة... زينة "تاتشر"

28 كانون الثاني 2020

02 : 00

أن تكون سيّدة على رأس وزارة الدفاع، فتلك مفارقة بحدّ ذاتها، أقله في الدول العربية. سابقة تسجّل للمرة الأولى في مرصد تأليف الحكومات في لبنان وفي محيطه العربي. وأن تكون زينة عكر عدرا هي الوزيرة المعيّنة لهذا المنصب، فتلك مفارقة ثانية، شكلت بحدّ ذاتها مفاجأة من العيار الثقيل نظراً أولاً، لحساسية الموقع الذي ستتولاه ربطاً بطبيعة العلاقة مع قيادة الجيش... وثانياً، لحيثية خليفة الياس بوصعب.

تقول المعلومات إنّ رئيس الجمهورية ميشال عون هو الذي طرح فكرة توليها هذا المنصب لحظة تسمية حسّان دياب رئيساً للحكومة، قبل أن تنخفض أسهمها لمصلحة العميد المتقاعد ميشال منسى، ليطفو اسم بترا خوري على وجه الماء قبل لحظات من إعلان مراسيم الحكومة، قبل أن تستقر البورصة على المديرة التنفيذية لـ"الدولية للمعلومات" بعد منحها لقب "دولة الرئيسة".

ابنة كفرحزير- الكورة، إدارية بامتياز، تعرف عن شؤون الدولة وخفاياها أكثر مما يعرف ممن لهم سنوات في العمل الحكومي، بسبب مواكبتها واحتكاكها اليومي بالدراسات والأبحاث التي تجريها الشركة. وهي، إلى جانب متابعتها بدقة كل شاردة وواردة في "الدولية للمعلومات" والإشراف على مجلة "الشهرية"، ناشطة في لجنة الأهل في مدرسة "الانترناشونال كوليدج"، وقد ساهمت مع زوجها في تأسيس متحف "نابو" في الهري في أيلول 2018، الذي سرعان ما أحيط بجدل حول مصادر الآثار التي يحويها.

ومع ذلك، فإنّ مسألة المبادرة لطرح ترشيحها على طاولة القرار، لا توازي أهمية مسألة القبول الذي لاقاه اسمها، وذلك انطلاقاً من الحالة التي تشكلها زينة عدرا بكونها "حمّالة أسئلة"، تبدأ بنشأتها ولا تنتهي بشبكة العلاقات الواسعة المتناقضة التي تحتضنها، وقد توّج توزيرها بسيل من علامات الاستفهام طاولت قضايا مالية ونزاعات عقارية وشكاوى تعدٍّ على الأملاك العامة البحرية.

سبق للمشهد الحكومي أن استضاف لأيام سيناريو توزير زوجها، جواد عدرا عشية تأليف حكومة سعد الحريري الثانية في عهد الرئيس ميشال عون، وذلك بدفع من رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل الذي طرح اسمه، لكن ممانعة عدرا في الالتزام السياسي بـ"اللقاء التشاوري" حال دون دخوله جنّة السلطة التنفيذية، فآلت إلى حسن مراد.

وإذا كانت الواجهة الاعلامية لم يسبق لها أن سلّطت الأضواء على زينة عكر، لكن أرقام المؤسسة التي تديرها "الدولية للمعلومات"، موضع تداول على أكثر من مستوى نظراً لدقتها ومهنيتها. ومع ذلك، فهي ليست نكرة على المشتغلين في الشأن العام. زينة عكر سيدة نشيطة من الطراز الأول. الانطباع الأبرز لكل من يعرفها هو ذكاؤها الحاد وشخصيتها القوية، جداً، حتى أنّ أحد معارفها يحلو له تشبيهها بالمرأة الحديدية القادرة على إدارة كل شيء من حولها، برصانة وجدية، أقرب إلى النظام المرصوص!

"دولة الرئيسة" وجه معروف في الأوساط السياسية والديبلوماسية. تحرص السيدة عدرا على استضافة جلسات اجتماعية شبه أسبوعية في منزلها، تضمّ شريحة واسعة من السياسيين والعاملين في الشأن العام، والسفراء العرب والغربيين، منهم السفيرة الأميركية ريتشارد اليزابيت. كما أن مروحة صداقاتها السياسية تبدأ من أقصى 14 آذار لتصل إلى أقصى 8 آذار، وما بينهما.

ولذلك، وقع الالتباس حين طرح السؤال عن حقيقة خيارها السياسي في ضوء التناقضات المكتومة التي تنطوي عليها شبكة علاقاتها ومعارفها. فوالد زوجها هو نديم عدرا، القيادي القومي. أما هي فيتردد أنّها كانت في مرحلة ما بعد 2005 أقرب إلى 14 آذار حيث لعب ابن عم والدها، غابي عكر، الذي كان مستشاراً سياسياً في السفارة الأميركية، دوراً أساسياً في تكوين شخصيتها السياسية. وهنا، واحد من مفاتيح "الألغاز" التي تحيط بحالتها.وقد أعلنت "الدولية للمعلومات" منذ يومين على حسابها على تويتر أنّ السيدة عكر تقدمت باستقالتها من الإدارة العامة في الشركة.

اللافت أنّ جواد عدرا غرّد منذ أيام مشيراً إلى أنه "أمام الحكومة أسابيع لتثبت جدارتها. يجب أن يعكس البيان الوزاري جدية فلا يكون عاماً أو منمقاً. لا ترف في الوقت أو المال، ولا مراعاة. كانت الدولية للمعلومات تنشر نتائج عمل بعض الحكومات بعد 100 يوم. هذه المرة سننشر بعد 30 يوماً. وسوف نرصد العمل يومياً".


MISS 3