غادة حلاوي

جنبلاط يفتقد دفء الحضن الروسي

29 كانون الثاني 2020

02 : 00

ما يهم الزعيم الدرزي هو الاطلاع على آلية ترتيب البيت اللبناني

مجدداً يباشر القيادي في "الحزب التقدمي الإشتراكي" حليم بو فخر الدين ترتيب زيارة لرئيس الحزب وليد جنبلاط إلى موسكو ولقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. زار بو فخر موسكو والتقى مساعد وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، و"تمّ الاتفاق على زيارة يقوم بها جنبلاط إلى موسكو للقاء المسؤولين والبحث في المستجدات الراهنة". ليست المرة الأولى التي يتولى فيها هذا الرجل هذه المهمة. محاولته الأولى حصلت في تموز ولم تبلغ خواتيمها بحيث فشل في ترتيب لقاء بين جنبلاط والرئيس الروسي.

يحافظ رئيس "الحزب الإشتراكي" على علاقته التاريخية مع اللاعب الروسي. متانة العلاقة مع الأميركيين في المراحل الماضية لم تدفعه إلى التخلي عن الروسي، فالأول لا يؤتمن جانبه ولا يمكن الرهان عليه بدليل التجارب السابقة من "14 آذار" إلى "7 أيار"، في حين أن الدور الروسي آخذ في التمدد انطلاقاً من سوريا إلى لبنان.

كانت الزيارة الأخيرة للزعيم الدرزي يوم التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قبل عامين تقريباً. شهدت العلاقة بين الجانبين تبايناً في مراحل معينة، لم يصل حد القطيعة النهائية. بقي التواصل قائماً دائماً، من خلال زيارات متكررة لنجله تيمور. بقيت روسيا هي الدولة العظمى التي تجمعها بجنبلاط علاقة استراتيجية تاريخياً، وبقي جنبلاط ذاك الحليف الذي لم تقبل روسيا بانكساره رغم هجومه عليها يوم دخلت تناصر النظام في سوريا.

كثيرة هي المستجدات التي ستحتل صدارة البحث خلال الزيارة المرتقبة منتصف الشهر المقبل، المقصود استشراف آفاق المرحلة بعد اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني، وزيارة بوتين إلى سوريا، وصفقة القرن وتداعياتها على المنطقة ككل، والمقاربات الروسية المستجدة على صعيد كل ملف.

ما يهم الزعيم الدرزي هو الاطلاع على آلية ترتيب البيت اللبناني في المرحلة المقبلة وهو من هذا الباب قصد الحضن الروسي مسلماً بقوة الدور وحاجته، خصوصاً أن لروسيا حلفاء في لبنان لا يمكن أن تستغني عنهم وفي مقدمهم "حزب الله". في كل المراحل حرصت روسيا على فتح أبوابها أمام كثير من الشخصيات اللبنانية المسلمة والمسيحية، سعت إلى تعزيز علاقتها مع لبنان وحاولت ابرام اتفاقية عسكرية لم تلتزم بها الحكومة الماضية تجنباً لأي موقف أميركي.

وكانت روسيا من أوائل الدول التي دعمت الحكومة الجديدة وتمنت إعطاءها فرصة للعمل، بعد زيارة سفيرها ألكسندر زاسبيكين رئيس الحكومة حسان دياب. تطمح روسيا ليكون لها دور في ملف النفط والأرجح أن هذا ما سيحصل فعلاً.

جنبلاط الذي يلتقط آفاق المستقبل أدرك أن لا غنى عن روسيا كحليف داعم يحتاجه، خصوصاً في الظروف الراهنة حيث تمر المنطقة في أوج توترها بينما يرزح لبنان تحت أزمة تهدد كيانه. كلما ضاقت به السبل توجه نحو روسيا التي يبدو أنها تستعد في المقابل لفتح ذراعيها لملاقاته. فجلّ هدفها أن تقوم بخطوات تستفز من خلالها الأميركي وتسجل نقاطاً في ملعبه.

لا يعتبر مفوض الاعلام في "الحزب الإشتراكي" صالح حديفة أن حصول الزيارة أمر مفاجئ، ففي الفترة الأخيرة "شهدت العلاقة أكثر من محطة إيجابية من ناحية التنسيق في بعض الملفات المتعلقة بالدروز في سوريا، إضافة إلى زيارتين قام بهما رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب تيمور جنبلاط إلى موسكو، وكانت نتائجهما إيجابية".

يتوقف عند الدور الروسي بشكل واضح وقوي في المنطقة "على مستوى أكثر من ملف، وصولاً إلى الوضع القائم في لبنان والأزمة الاقتصادية الكبيرة التي يواجهها والتي تستطيع روسيا، من موقعها كقوة عظمى، أن تلعب دوراً إيجابياً فيه، من خلال الوقوف إلى جانب لبنان وشعبه". وهذا أمر لا يتوقف على فريق بعينه بقدر ما يجب ان يكون الدور الأكبر للدولة والحكومة.

بعد خروجه من "بيت الوسط" ولقائه الأخير مع الرئيس سعد الحريري عبّر جنبلاط عن تطلعه "إلى مشاركة روسيا في موضوع استثمار الغاز والنفط في لبنان واستثمار بعض المرافئ اللبنانية كمرفأ طرابلس، الذي من الممكن أن يكون للروس دور فيه، بالإضافة إلى مصافي النفط". وعلى هذا الأساس "تنحو الأمور نحو الإيجابية بشكل أكثر، مما يستلزم بحثاً معمّقاً في بعض القضايا على مستوى الشرق الأوسط وعلى مستوى الساحة اللبنانية"، ومن هنا انطلقت وفق حديفة "فكرة زيارة رئيس الحزب إلى موسكو قريباً".

برنامج الزيارة

لم يحدد بعد برنامج الزيارة الذي سيتولى بو فخر التنسيق بشأنه مع المسؤولين الروس، أما موضوعات البحث فهي مرهونة بتطور الأمور، إنما ستكون هناك جولة أفق في ملفات المنطقة ومن بينها القضية الفلسطينية، إضافة إلى الملف اللبناني.

ويتابع حديفة: "لطالما لعبت روسيا دوراً موازناً للدور الأميركي في المنطقة وتحديداً ما يتعلق بالقضية الفلسطينية. وفي هذه المرحلة التي ستتعرض فيها هذه القضية إلى خطر تصفيتها بسبب صفقة الرئيس دونالد ترامب، يتطلع كل الحريصين في المنطقة، وليس الحزب الاشتراكي فحسب، إلى أن تقوم روسيا من جديد بهذا الدور في مواجهة التفرّد الأميركي في ما يتعلق بالموضوع الفلسطيني تحديداً".


MISS 3