محمد دهشة

بين الفقر المدقع وبرد الشتاء...

مبادرات فردية وجماعية تجمع الصيداويين

14 كانون الثاني 2023

02 : 00

من مبادرات شباب صيدا

تملأ المبادرات الفردية والجماعية فراغ غياب مؤسسات الدولة وتراجع خدماتها من جهة، وتسدّ رمق العائلات الفقيرة والمتعفّفة التي وصلت إلى الحضيض جرّاء الأزمة المعيشية الخانقة التي يعيشها لبنان.

والمبادرات المتنوّعة في صيدا التي تشتهر بالتكافل الإجتماعي، تشكّل جسوراً للتواصل بين أبنائها الميسورين والمحتاجين، وتؤدّي الجمعيات الأهلية والخيرية الى جانب الناشطين دوراً فيها، وقد نشطت مع بدء الأزمة الإقتصادية ثم تراجعت بسبب قلّة الحيلة وازدياد الحاجة، ثم عادت اليوم لتلبّي الإحتياجات بين موسم الشتاء والبرد القارس والفقر المدقع ووصلت هذه المرة إلى السجون خارج حدود المدينة الجغرافية.

«كن دفئهم» شعار المبادرة التي أطلقها نادي «روتاراكت صيدا» ونادي «روتاراكت بيروت كوزموبوليتان» ومبادرة «مثلي مثلك» بالتعاون مع «الإتحاد لحماية الأحداث في لبنان» للتبرّع بالثياب للأحداث في سجني رومية للفتية وضهر الباشق للفتيات، شعوراً معهم في مواجهة برد الشتاء.

ويقول رئيس نادي روتاراكت صيدا أحمد عبد الله إنّ الحملة انطلقت في 21 كانون الأول 2022 وتستمرّ حتى 30 كانون الثاني 2023، وتتلقّى التبرّعات في 4 مراكز رئيسية في صيدا وبيروت، موضحاً أنه «في ظلّ ما يشهده لبنان من أزمات وأوضاع، كان من الطبيعي بالنسبة لنا أن نُفَكر بغيرنا، وأن نمدّ يد المساعدة والعون لمن هم بحاجة فكيف إذا كانوا أطفالاً وأولاداً فرضت عليهم الظروف أن يحرموا من كثير ممّا يفترض أن يتلقاه من هم بأعمارهم. فكان اختيار الأحداث في سجني رومية وضهر الباشق، علّنا بذلك نمنحهم بعض دفء يقيهم برد الشتاء القارس، وحتى الآن تمّ جمع نحو 400 قطعة ثياب ساهم بها متبرّعون أفراد وجمعيات ومؤسسات من صيدا وبيروت».

ومنذ أكثر من ربع قرن، استقرّت قيمة الليرة مقابل الدولار الأميركي عند حدود 1510، إلا أنها اهتزّت للمرة الأولى في كانون الأول 2019 عقب الانتفاضة الشعبية في 17 تشرين الأول من العام ذاته، وبدأت تتدهور تدريجياً فوصلت إلى 29 ألف ليرة في الأيام الأخيرة من2021، وإلى 40 ألف ليرة لبنانية في نهاية العام 2022، وحالياً تلامس الـ47 ألف ليرة لبنانية ما يعكس عمق الأزمة.

بالرغم من كل المشاكل، قرّرت الجمعيات الأهلية والميسورون مواجهة تداعيات الأزمة على طريقتهم، وذلك من خلال مبادرات لتأمين الأدوية، الطعام، الغاز للتدفئة، إقفال الديون في الدكاكين وحتى الثياب للعائلات المحتاجة. ومن أروقة صيدا القديمة باشرت «مجموعة شباب صيدا» ومتطوعو كشاف المسلم بتوزيع وجبات يومية لعدة أيام على العائلات الفقيرة والمتعفّفة، بدعم وتعاون من مطبخ كشاف المسلم «مطبخ جود» والبنك الغذائي اللبناني، إضافة إلى توزيع 50 مدفأة بدعم من أحد الخيّرين على بعض العوائل المستورة.

توازياً، شارك شباب صيدا القديمة، بالتوافق مع جمعية التنمية للإنسان والبيئة وتجمّع المؤسسات الأهلية وبرعاية بلدية صيدا في كنس وجمع نفايات شوارع صيدا القديمة والمناطق المحيطة بها وخصوصاً قرب خان الفرنج وساحة بحر العيد.

ويقول أحد ناشطي مجموعة شباب صيدا القديمة أحمد مزين: «نظّفنا بعض أحياء صيدا القديمة، بالإضافة إلى المنطقة الممتدّة من مقهى العيساوي الى خان الإفرنج، وأزلنا أكوام النفايات التي كانت عند مدخل الخان، وسنستكمل عملنا خلال الأيام المقبلة. وهذا العمل التطوعي ليس غريباً على شباب صيدا القديمة الذين كانوا سبّاقين خلال الفترة الماضية بالمشاركة في كل المبادرات التي شهدتها البلدة القديمة، ونحن على استعداد لمساعدة أي جمعية، تريد العمل في صيدا، في تحقيق أهدافها».


MISS 3