الراعي: ندعو القوى الدوليّة المهتمّة بلبنان إلى مساعدته سياسيّاً

17 : 44

أنهى البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي زيارته الرسمية والراعوية الى العاصمة البريطانية لندن، وقد تضمنت لقاءات مع مسؤولين في مجلس العموم والحكومة وبعض رؤساء الدوائر الرسمية المهتمة بالشأن اللبناني بوجهيه السياسي والاقتصادي، الى جانب اللقاءات مع أبناء الرعية المارونية وسائر أبناء الجالية اللبنانية.


وقد شهدت اللقاءات الراعوية هذه كثافة حضور ومشاركة من جميع اللبنانيين الموجودين في العاصمة البريطانية لندن، خصوصاً أنّ زيارة الراعي الى تلك البلاد كانت مقررة منذ سنة 2019، وقد تأجلت بسبب وباء كورونا.


وتناول الراعي ملفات عديدة متّصلة بالوضع اللبنانيّ، وكرّر دعوته إلى القوى الدوليّة المهتمّة بلبنان، ومنها بريطانيا، "لمساعدته سياسياً لتجاوز أزمته الراهنة، وتجنيبه تداعيات الصّراع الإقليميّ المتفاقم". كما وجدّد دعوته السابقة إلى "ضرورة تهيئة الظروف الداخلية والخارجية لتكريس حياد لبنان الإيجابيّ الذي يضمن مستقبله التّعددي ضمن وحدته، ورسالته الحضاريّة التاريخيّة في الشرق وفي العالم كلّه، وذلك في إطار رعاية ودعم دوليَّين".


كما وطرح ملف الأزمة الاقتصاديَّة وتداعياتها الخطيرة لجهة دفع اللّبنانيّين إلى المزيد من الهجرة، وتهديد الأرض اللبنانيّة بإفراغها من أصحابها وسط وجود نحو مليونَي نازح سوريّ ونحو نصف مليون لاجئ فلسطينيّ".


وجدّد دعوته إلى المجتمع الدوليّ "لإيجاد حلّ لأزمة النّازحين السوريّين وإعادتهم إلى سوريا، حفاظاً على تراث سوريا ووحدتها وحضارتها ودورها"، بالإضافة إلى تجديد المطالبة "بضرورة تطبيق حقّ عودة الفلسطينيّين وفق القرارات الدوليّة".


كذلك، عرض البطريرك الراعي مع المسؤولين الرّسميّين "طريقة تطوير الدعم الاقتصاديّ للبنان من خلال تطوير مبادرات التّنمية المستدامة، التي تكفلُ رسوخ النّاس في أرضهم في لبنان، وتتركّز هذه المبادرات في المجال البيئيّ الثقافيّ، الذي انطلقَ مع عددٍ من الأجهزة الرسميّة البريطانيّة منذُ سنة 2003 مع زيارة البطريرك صفير إلى لندن".


وعلى الصّعيد الراعوي، شدّد الراعي مع أبناء الرّعيّة المارونيّة على "ضرورة تعزيز الرّعيّة كإطارٍ لوحدتهم حول آباء الرّهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة الّتي تتولى خدمتهم مشكورة وحول جملة مشاريع تتّصل بدور الكنيسة الرّاعويّ الاجتماعيّ، ولجهة التّواصل مع أهلهم في لبنان ودعمهم، بالإضافة إلى إيجاد كنيسةٍ جديدةٍ أكبر تتّسع لأبناء الرعيّة الّذين زاد عددهم". كما وركّز مع أبناء الجالية على "ضرورة إعطاء المجتمع البريطانيّ صورة لبنان الواحد، بعيداً من كلّ أشكال الانقسامات والخلافات السياسيّة القائمة بين أركان الطبقة السياسيّة، فيما الشّعب اللبنانيّ بأكمله يواصل حياته اليومية المشتركة".


وتضمّن برنامج الزّيارة الأولى إلى المملكة المتّحدة لقاءات كنسيّة مسكونيّة ومقابلات إعلاميّة ولقاءات مع مؤسّسات تعليميّة جامعيّة وأخرى شرقيّة. وتكلّلت باللّقاء الجامع والعشاء الّذي دعت إليه سفارةُ لبنان في لندن، وقد ضمّ، إلى وزراء ونواب بريطانيين وسفراء دول أجنبيّة، ممثلين عن الطّوائف الاسلاميّة والمسيحيّة وعدداً كبيراً من أبناء الجالية اللبنانيّة.


وفي كلمة التّرحيب الّتي ألقاها في مستهلّ اللقاء، قال سفيرُ لبنان رامي مرتضى: "يُشرّفني أن أرحّب بغبطة أبينا البطريرك الذي شرف هذه البلاد بزيارة راعويّة ورسميّة. كما وأرحّب بالوزراء والنوّاب والسّفراء العرب والسّفراء الأصدقاء ورؤساء الطّوائف الموجودين بيننا. إنّ الجمع المُتنوّع الحاضر بيننا، يُؤشّر إلى الغنى في القيم الّذي يُمثّله سيّدنا البطريرك بشخصِه ومسيرتِه وكذلك بالمرجعيّة السّامية الّتي تُمثّلها بكركي لجميع اللبنانيّين. كما يُمكن تلمس الغنى في مسيرة أبينا البطريرك في الشّعار الّذي رفعَه منذُ انتخابه بطريركاً، شعار الشركة والمحبة، هذا الشعار الذي شرحه غبطة البطريرك بأنّه علاقة أفقيّة مع الله من خلال الصلاة والأسرار المقدّسة وعموديّة من خلال العلاقات بين الكنيسة المارونيّة وسائر الكنائس والعائلات الروحيّة كافة، وكذلك، علاقات لبنان مع سائر دول المنطقة والعالم".


أضاف: "يقوم غبطة أبينا البطريرك في هذه الأيّام بزيارةٍ إلى المملكة المتحدة لتفقُّد رعيّته، وبرعيّته أعني جميع اللبنانيين، لان بكركي هي المرجعيّة الجامعة لجميع اللبنانيين. كما تُساهم زيارة أبينا البطريرك في إعطاء دفعٍ هام للعلاقات اللبنانيّة البريطانيّة، تلك العلاقات المبنيّة على القيم المشتركة، قيم الديمقراطيّة والانفتاح والتسامح. تنقلون يا سيدنا خلال زيارتكم هواجسَ عموم اللبنانيّين وآمالهم وتطلعاتهم، لا سيّما في هذه الظّروف، حيث يمر وطننا بتحدياتٍ جمة، بعضها من صنع أيدينا كالفراغ في سدّة الرئاسة، وهنا نأمل في أن يحظى لبنان قريباً برأسٍ للدولة يُعيدُ الانتظامَ إلى حياتنا السياسيّة والوطنيّة، وكذلك، يُواجه لبنان تحدياتٍ شتّى شرحتموها بشكلٍ وافٍ للمسؤولين البريطانيّين، كما وشرحتم الصيغة اللبنانيّة التي يُمكن أن تشكّل حلّاً تبحث عنه العديد من الدول، لا سيّما في هذه الظّروف العالميّة حيثُ تطغى ثقافة الانغلاق والأحاديّة. باختصار، زيارتكم يا سيّدنا جلبت البركة والتفاؤل لنا ولجميع اللبنانيّين القاطنين في بريطانيا، ويقيني أنّه ستكون لها آثار هامّة في المقبل من الأيام".


وختم مرتضى: "أرحّب مجدّداً ببطريرك الشّركة والمحبّة في سفارة لبنان في لندن وأُعبّر عن فخري وسروري برؤية غبطته بيننا".


وكان الراعي وقبيل لقاء السفارة اللبنانيّة قد التقى سفير بريطانيا السابق في بيروت توم فليتشر الذي يشغلُ حالياً منصب نائب رئيس جامعة أوكسفورد، ثمّ استقبلَ رئيس حزب المحافظين الحاكم الوزير نديم زهاوي.


واليوم اختتم الراعي زيارته إلى المملكة المُتّحدة بزيارة مدينة بيرمينغهام، ملبّياً دعوة رئيس الأساقفة الكاثوليك المطران برنارد لونغلي.


وبدأت الزيارة بالاحتفال بالذّبيحة الإلهيّة بحسب الطّقس المارونيّ في كنيسة الأوراتوري للقدّيس فيليب ناري في مُشاركةِ المطران بولس صيّاح، الكاردينال مايكل فيتزجيرالد ورئيس أساقفة المدينة.


وفي عظته، شدّد البطريرك على "ضرورة الصّلاة من أجل الدّعوات انطلاقاً من كلام الإنجيل: إنّ الحصاد كثير أمّا الفعلة فقليلون"، طالباً من اللّه "أن يُرسِلَ إلينا دعواتٍ على مثال القديسين فيليب ناري وجون هنري نيومان".


بعد القدّاس، جال الرّاعي في المبنى الّذي كان يعيشُ فيه القديس جون هنري نيومان إضافةً إلى مكتبته القيمة.


وبعد الظّهر، التقى برئيس أساقفة بيرمينغهام، وناقش معه الوضع المسكوني في لبنان وعلاقة الكنيسة المارونية مع الكنائس الشرقية، ولفت الى "العلاقات المميزة التي تجمع الكنيسة المارونية بسائر الكنائس الشرقية"، مشدداً على "ضرورة الحفاظ على لبنان كنموذج للعيش المشترك المسيحي - المسيحي والمسيحي - الإسلامي".


وفي ختام اللقاء، وجّه البطريرك الراعي دعوةً الى رئيس الأساقفة لزيارة لبنان في فصل الصيف. ثم توجّه الى كاتدرائية القديس تشاد حيث ترأس الصلاة المسكونية مع رؤساء الكنائس المحلية في المدينة، وفي ختام اللقاء، ألقى كلمة شكر فيها لرئيس الأساقفة الدعوة وقدم له أيقونة العذراء سيدة لبنان كعربون شكر وشراكة روحية.

MISS 3