700 ألف نازح وسط ضربات جوّية مكثفة

قوّات النظام تتقدّم في شمال غربي سوريا

09 : 45

دبابة تابعة لقوّات النظام على الطريق الدولي في شمال غربي سوريا أمس (أ ف ب)

قُتِلَ أكثر من عشرة مدنيين في غارات جوّية استهدفت مدينة أريحا في محافظة إدلب في شمال غربي سوريا، حيث تواصل قوّات النظام تقدّمها على الأرض وتقترب تدريجيّاً من تحقيق هدفها باستعادة كامل الطريق الدولي الاستراتيجي، فيما كشف المبعوث الأميركي الخاص في شأن سوريا جيمس جيفري أن المقاتلات السوريّة والروسيّة نفّذت 200 ضربة جوّية في منطقة إدلب خلال الأيّام الثلاثة الماضية، لافتاً إلى أن نحو 700 ألف نازح في شمال غربي سوريا "يتحرّكون في اتجاه الحدود التركيّة، وهو ما سيُثير أزمة دوليّة".

ويتركّز التصعيد العسكري في ريفي إدلب الجنوبي وحلب الغربي، حيث يمرّ جزء من الطريق الدولي الذي يربط مدينة حلب بالعاصمة دمشق. وبعد أسابيع من القصف الكثيف والمعارك العنيفة، سيطرت قوّات النظام الأربعاء على معرة النعمان، ثاني أكبر مدن محافظة إدلب، والواقعة على الطريق الدولي. ولم تتوقف العمليّة العسكريّة هناك، إذ تُواصل المقاتلات الروسيّة والسوريّة قصف ريف إدلب الجنوبي وحلب الغربي، دعماً لقوّات النظام على الأرض، وفق المرصد.

وأسفرت غارات روسيّة، بحسب المصدر نفسه، استهدفت منطقة تضمّ مباني سكنيّة وفرناً ومستشفى، عن مقتل عشرة مدنيين في مدينة أريحا جنوب إدلب. وقد أدّى القصف إلى خروج المستشفى عن الخدمة. ودائماً ما تنفي موسكو قصفها للمدنيين، مؤكدةً أنّها تستهدف "الإرهابيين" فقط. وهكذا، نفت وزارة الدفاع الروسيّة بالأمس استهداف المستشفى والفرن، مشدّدةً على أن مقاتلاتها "لم تُنفّذ أي مهمّة قتاليّة في هذه المنطقة من سوريا".

وشاهد مراسل لوكالة "فرانس برس" طبيباً يخرج صارخاً من المستشفى وقد ملأه الغبار الناتج عن الغارة. وانهارت جدران في المستشفى وتناثرت حجارتها إلى جانب معدّات طبّية وأدوية تضرّرت وسقطت أرضاً. وإلى جانب المستشفى، شاهد المراسل ثلاثة مبان وقد دُمّرت تماماً، فيما كان سكان يبحثون عن ضحايا تحت الأنقاض، وسط صراخ النساء والأطفال. وفي مشفى بالقرب من أريحا، انهمك أطباء باسعاف الجرحى وبينهم أكثر من خمسة أطفال، وقد غرق أحدهم في البكاء أثناء تضميد جرح في رأسه، فيما وُضع آخر على جهاز أوكسيجين. وقال توفيق سعدو، سائق سيّارة اسعاف في مستشفى أريحا، لـ"فرانس برس": "كنت جالساً في إحدى الغرف، وإذ بغارة جوّية تستهدف المستشفى، فسارعنا للخروج أنا وأحد الأطباء، لنُفاجأ بغارة أخرى"، مضيفاً: أُصيب الطبيب وتمكّنت أنا من الهرب والاختباء في مبنى مجاور، وإذ بغارة ثالثة اندلعت على أثرها الحرائق وارتمى المصابون أمام باب المشفى".

ويأتي قصف أريحا، بعد ساعات على مقتل 11 مدنيّاً في قصف في جنوب إدلب، بينهم عشرة قُتِلوا أيضاً في غارات روسيّة، بحسب المرصد، على قرية كفرلاتة.

وتُكرّر دمشق نيّتها استعادة كامل منطقة إدلب وأجزاء محاذية لها في حماة وحلب واللاذقيّة. وتسعى قوّات النظام من خلال هجماتها الأخيرة في إدلب، إلى استعادة تدريجيّة للطريق الدولي "إم 5"، الذي يربط مدينة حلب بالعاصمة دمشق، ويعبر أبرز المدن السوريّة من حماة وحمص وصولاً إلى الحدود الجنوبيّة مع الأردن. وفي إدلب، يمرّ الطريق الدولي من ثلاث مدن رئيسيّة، خان شيخون، التي سيطرت عليها قوّات النظام خلال صيف 2019، ومعرة النعمان، ثمّ مدينة سراقب شمالاً، التي لا تزال خارجة عن سيطرتها.

ويُركّز جيش النظام، وفق المرصد ومراقبين، على مدينة سراقب، التي لا تكمن أهمّيتها بأنّها تقع على الطريق "إم 5" فقط، بل بأنّها نقطة التقاء لهذا الطريق مع الطريق الدولي الآخر "إم 4"، والذي يربط محافظتَيْ حلب وإدلب باللاذقيّة غرباً. وتدور حاليّاً اشتباكات عنيفة في جنوب سراقب، وتُواصل قوّات النظام تقدّمها حتّى باتت على بُعد كيلومترَيْن منها، بحسب المرصد، الذي أشار أيضاً إلى استمرار المعارك غرب حلب، حيث حقّقت قوّات النظام كذلك تقدّماً ميدانيّاً ملحوظاً.

ولا يزال 50 كيلومتراً من الطريق الدولي خارج سيطرة دمشق، تعبر غالبيّتها ريف حلب الغربي. وخلال نحو أسبوع فقط، سيطر جيش النظام على أكثر من 30 قرية وبلدة ومدينة في جنوب إدلب وغرب حلب.

وباتت سراقب اليوم شبه خالية من السكّان نتيجة حركة نزوح كثيفة خلال الأيّام الماضية مع اقتراب التصعيد منها، هي التي كانت ملجأ لنازحين فرّوا من منطقة معرة النعمان.


MISS 3