جاد حداد

The Turning... لا يستحقّ عناء المشاهدة!

31 كانون الثاني 2020

11 : 10

تتعدد الإنتاجات المحاولة اقتباس كتاب The Turn of Screw (منعطف المسمار) لهنري جيمس. فيلم The Turning (نقطة التحول) أحدث محاولة لتحويل قصة بسيطة إلى حكاية قيّمة. يقدّم كاتبا السيناريو كاري وتشاد هايز- من أعمالهما The Conjuring (الشعوذة)- نسخة لافتة من قصة جيمس، لكنّ مخرجة The Runaways (الهاربون) فلوريا سيغيسموندي تعيق أهدافهما لأنها تفتقر على ما يبدو إلى الأسلوب أو الصبر لتقديم فيلم مشوّق ناجح. في المشاهد التي لا يُركّز فيها الفيلم على اللقطات المخيفة والمبتذلة والأداء التمثيلي البارد، يفشل في طرح قصة غامضة ومشوّقة، فيتمسك بتركيبة الأفلام المرتبطة بالمنازل المسكونة ولا يطرح أي تقنيات جديدة لتعزيز أجواء الرعب.

في العام 1994، تحصل المعلمة "كيت" (ماكنزي ديفيس) على فرصة أن تصبح مُدرّسة خصوصية لـ"فلورا" (بروكلين برينس) و"مايلز" (فين ولفهارد)، وهما شقيقان يتيمان يعيشان في أرض بعيدة تديرها السيدة "غروز" (باربرا مارتن). تبتعد "كيت" عن حياتها اليومية العادية لاقتناص هذه الفرصة المهنية الاستثنائية، فتُودّع والدتها المصابة باضطراب نفسي (جولي ريتشاردسون) وتحاول إحداث فرق حقيقي في محيطها الجديد عبر التقرب من "فلورا"، لكنها تلاحظ أن "مايلز"، المراهق الفظ، هو أكثر اضطراباً منها. تريد "كيت" أن تنشئ بيئة تعليمية وتربوية سليمة للولدَين بعدما خسرا مُدرّستهما السابقة، لكنها تصطدم فوراً بغرابة ذلك المنزل الضخم وسرعان ما تكتشف أن الواقع يشبه أسوأ الكوابيس التي تراودها. تقرر "كيت" متابعة عملها لأنها لا تريد التخلي عن الولدَين وتناضل لحمايتهما والحفاظ على عملها، لكنها تتعرض تدريجاً لشرور خفية في الأروقة ويصيبها الارتباك. يبدو اختيار العام 1994 لسرد الأحداث غريباً بعض الشيء. ربما أراد كاتبا السيناريو اختيار فترة تسبق شيوع الهواتف الخلوية لجعل تجربة "كيت" أكثر انعزالاً حين تتخلى عن حياتها العادية لتمضية فترة في الريف. يستعمل الفيلم تاريخ وفاة المغني الأميركي كورت كوبين للكشف عن السنة التي تدور فيها الأحداث، لكن لا تجيد المخرجة سيغيسموندي معالجة جميع المشاكل وتعجز عن اختيار موسيقى تصويرية قوية بما يكفي، فتكتفي بنغمات عادية. وحتى أن الممثلين لا يقدمون الأداء المطلوب منهم، بل إنهم أشبه بطاقم مسلسل كوميدي يعرف أنه لن يتجدد لموسم جديد على شبكة "نتفلكس"! تتلاحق الأحداث رغم هذه الشوائب كلها، فتضع "كيت" خطة للاستقرار في وظيفتها المرموقة وتصبح مسؤولة عن "فلورا"، تلك الفتاة الصغيرة التي تلعب مع الدمى ومع أحصنة حقيقية. أما الشاب "مايلز"، فيعبّر علناً عن إعجابه بالمعلمة الجديدة، لذا تشعر "كيت" بانزعاج إضافي في محيطها الغريب. يواجه الولدان مجموعة مشاكل ويحتاجان إلى انتباه دائم، لكن يتمحور الفيلم حول مصير المُدرّسة السابقة التي اختفت في إحدى الأمسيات خلال نوبة هلع.



في الفيلم عنصر خارق للطبيعة لا يستحق الاستكشاف، لكنه يعطي العمل طابعاً معيّناً. يتجول شبح داخل المنزل حين تبدأ "كيت" برؤية مظاهر لا تستطيع تفسيرها، فيزيد اضطرابها فيما تحاول فرض سلطتها. تضاعف السيدة "غروز" أجواء القلق والتوتر بدور المربّية الصارمة التي تعمل لدى هذه العائلة منذ سنوات ولا تسمح للولدَين بمغادرة المكان، ما يضيف بُعداً آخر من الغموض إلى القصة. لكن لا يحمل The Turning هدفاً واضحاً في طريقة سرده لقصة مرعبة. ربما واجه السيناريو المشاكل قبل وصول العمل إلى الشاشة، لأن الفيلم يتعامل مع بعض الأفكار والشخصيات الثانوية بطريقة شائبة في المشاهد الأخيرة، فيوحي بأن مصاعب "كيت" مع والدتها المريضة نفسياً تفوق ما شاهدناه (لا تتّضح معالم تلك العلاقة بأي شكل). كذلك، تتلاشى أجواء الرعب والخطورة داخل المنزل، إذ تُركّز المخرجة على لقطات مخيفة اعتيادية بما يتماشى مع تصنيف الفيلم لمن هم فوق عمر الثالثة عشرة، فتبقى "كيت" في حالة هلع فيما تتعامل مع مكائد الولدَين الخطيرة وتدرك أن روحاً شريرة استولت على المنزل أيضاً.

يحاول فيلم The Turning رفع منسوب الرعب عبر الكشف عن الجوانب النفسية في شخصية "كيت"، كما يُركّز على تصرفات "مايلز" الغريبة مع المُدرّسة الجديدة. كانت هذه الأفكار قابلة للتطوير، لكن تُسارع سيغيسموندي نحو خط النهاية فتقدّم فيلماً غير مرعب وغير مفاجئ، حتى أنه لا يصل إلى نهاية واضحة أو مُرضِية. لا مفر من أن نشعر بأن مرحلة المونتاج حطّمت الفيلم بمعنى الكلمة، فقد أرادت شركة الإنتاج بكل بساطة أن تقدّم فيلماً عابراً بمكوّنات سينمائية شائبة!


MISS 3