دقّت ساعة "بريكست"!

02 : 00

خرجت المملكة المتّحدة من الاتحاد الأوروبي عند الساعة 23:00 (ت غ) بالأمس

يستيقظ البريطانيّون اليوم بصفتهم مواطنين من خارج الاتحاد الأوروبي، إذ بعد 47 عاماً من العضويّة الأوروبّية خرجت المملكة المتّحدة من التكتل عند الساعة 23:00 (ت غ) بالأمس، لتُسدل الستارة عن مرحلة حسّاسة من حياتها الجيوسياسيّة مع دول "القارة العجوز".

واحتفل مناصرو "بريكست" أمام مقرّ البرلمان بخروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي، بعد أزمة سياسيّة عميقة استغرقت ثلاث سنوات، لكن بالنسبة إلى معارضي الخروج من التكتلّ، فلم يكن هناك سوى البكاء على "أطلال الاتحاد".

ووسط أعلام المملكة المتحدة وعلى وقع هتافات الفرح، غادر نوّاب بريطانيّون مناهضون للمنظومة الأوروبّية البرلمان الأوروبي في بروكسل صبيحة يومهم التاريخي الذي سيرسم ملامح مستقبل المملكة المتحدة وكذلك الاتحاد الأوروبي الذي سيخسر 66 مليون مواطن بريطاني وثاني اقتصاد إقليمي.

ويُشكّل خروج المملكة المتّحدة من الاتّحاد الأوروبي "بداية لمرحلة من التجديد والتغيير بالنسبة إلى البلاد"، بحسب رئيس الوزراء البريطاني المحافظ بوريس جونسون، وذلك خلال كلمته إلى الأمّة. وقال: "إنّها ليست نهاية، بل بداية. حان الوقت لتجديدٍ حقيقيّ ولتغيير وطنيّ".

وكان دعم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قبل أربع سنوات، مغامرة كبيرة حتّى بالنسبة إلى سياسي غير تقليدي مثل جونسون، لكن فيما دقّت ساعة "بريكست" بالأمس، ها هو يحصد ثماره السياسيّة بشكل مذهل. وبغض النظر عن كلّ ما قيل حول جونسون، سيكتب التاريخ اسمه على أنّه الرجل الاستثنائي الذي نجح في قيادة الحملة من أجل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في استفتاء العام 2016، وبعد ذلك كرئيس للوزراء. ونجح في رهانه.

بالتوازي، رأى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل بضع ساعات من "بريكست" أن خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي يُشكّل "صدمة ومؤشّر إنذار تاريخيّاً لأوروبا بأسرها"، وقال في بيان: "هذا الخروج صدمة. إنّه مؤشّر إنذار تاريخي ستتردّد أصداؤه في كلّ بلد من بلداننا، وفي كلّ أوروبا ويدفعنا إلى التفكير"، مضيفاً: "بريكست بات ممكناً لأنّنا جعلنا أوروبا في كثير من الأحيان كبش فداء لصعوباتنا الخاصة، ولأنّنا لم نعمل على تغيير أوروبا بما فيه الكفاية". وتابع الرئيس الفرنسي: "أكثر من أي وقت مضى، نحن بحاجة إلى أوروبا بمواجهة الصين أو الولايات المتحدة للدفاع عن مصالحنا".

ودعا ماكرون إلى أن تكون أوروبا "أكثر سيادة وأكثر ديموقراطيّة وأقرب إلى المواطنين، وبالتالي أيضاً أكثر بساطة في حياتها اليوميّة، من أجل إعادة بناء مشروع أوروبي أكثر وضوحاً". وختم قائلاً: "إنّه يوم حزين، دعونا لا نُخفيه، لكنّه يجب أن يدفعنا إلى المضي قدماً بشكل مختلف"، بينما أثنى رؤساء مؤسّسات الاتحاد الأوروبي قبيل "بريكست" على ما وصفوه بـ"أوروبا على عتبة عصر جديد"، مذكّرين المملكة المتحدة بأنّها ستخسر "مكتسبات" الدولة العضو، وذلك في رسالة نشرت بالأمس.

وأعرب شارل ميشال (المجلس الأوروبي) وأورسولا فون دير لاين (المفوضيّة) وديفيد ساسولي (البرلمان) في النصّ، عن "الاستعداد للانخراط في شراكة جديدة مع جيران الضفة الأخرى من بحر المانش". وقالوا: "بالنسبة إلينا، كما لأشخاص كُثر، سيكون هذا اليوم حتماً مدعاة تأمّل وسيتّسم بمشاعر مختلطة". وأضاف المسؤولون الثلاثة: "بالرغم من انتفاء العضويّة ضمن الاتحاد الأوروبي، فإنّ المملكة المتحدة ستبقى جزءاً من أوروبا. الجغرافيا والتاريخ المشتركان، كما الروابط القائمة في عدد من المجالات، تجمعنا بشكل راسخ وتجعل منّا حلفاء طبيعيين". وختموا بأنّ الاتحاد الأوروبي سيستمرّ في "النهوض بأعبائه... مع بزوغ شمس الغد".

وينبغي على المفوضيّة الأوروبّية التفاوض مع لندن في شأن علاقة ما بعد "بريكست" بدءاً من بداية آذار، أي خلال الفترة الانتقاليّة التي ستمتدّ حتّى نهاية 2020.


MISS 3