غادة حلاوي

السعودية تنتظر "الثقة" بدياب... ولا بديل عن الحريري

3 شباط 2020

02 : 00

ترجيحات بميل السعودية نحو العودة مجدداً إلى المشهد اللبناني

الصمت السعودي على تكليف حسان دياب رئاسة الحكومة لن يدوم طويلاً. إذ يتوقع أن تبادر المملكة من خلال سفارتها في لبنان إلى التواصل مع دياب بعد نيل حكومته الثقة ليعاد ترتيب العلاقة مع رئاسة الحكومة اللبنانية بما يتوافق وتوجه المملكة العربية السعودية إلى الانفتاح مجدداً على لبنان بما يصبّ في مصلحة البلدين. هذه المعلومات تؤكّدها مصادر مطلعة رفيعة المستوى، مستندة في ذلك إلى كون الملف اللبناني أصبح ضمن صلاحيات الأمير خالد بن سلمان، الذي شغل منصب سفير بلاده في واشنطن. وتكشف المصادر عن نية سعودية لتقديم دعم مالي للبنان لم تتضّح تفاصيله بعد ربطاً بما ستشهده الأيام المقبلة.

يمكن تبني هذا الكلام إذا ربطناه بالدعوة التي وجهها مندوب المملكة العربية السعوديّة الدّائم في الأُمم المتحدة عبد الله المعلمي إلى نظيره السوري بشار الجعفري لحضور حفل استقبال أقامه على شرف الوزير السعودي فهد بن عبد الله المبارك بمناسبة التحضير لاستضافة بلاده قمة المجموعة العشرين، وتلبية الجعفري للدعوة. إذ لا تعدّ الدعوة مجرد خطوة عابرة، بل بداية تغيير في السّياسة السعوديّة تجاه سوريا ومحاولة طيّ صفحة العداوة بين البلدين خاصّةً أن خطوة المسؤول السعودي سبقها اختراق إماراتي تمثل بالإشادة التي قدّمها القائم بالأعمال الإماراتي بحكمة الرئيس السوري بشار الأسد.

ولم يتوقف الانفتاح السوري السعودي على هذا اللقاء فحسب، بل توسّع ليشمل مجالات أمنية سياسية ومخابراتية. وبات متداولاً في عدد من الأوساط أن السعودية تقصد من تقاربها مع سوريا خلق إطار للمواجهة مع الأتراك، في وقت كانت قد سرت فيه معلومات قبيل اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني عن رسالة سعودية تجاه إيران عبر رئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي. ولكن أياً كانت اعتبارات التقارب السعودي - السوري وأهدافه، فهو يبقى مساراً طويلاً يلزمه المزيد من الوقت والظروف التي قد تساعد على تمتينه أو ربما الانقلاب عليه في ظل المخاض العسير الذي تعيشه المنطقة، ولبنان ليس في منأى عنه مع الحكومة التي ولدت مؤخراً وهي في طريقها لنيل ثقة مجلس النواب هذا الأسبوع.

جلسة الثقة هذه ستكون مؤشراً الى كيفية التعامل مع لبنان. قد يكون من الصعب التنبؤ بمجريات الجلسة وحسم عدد الأصوات النيابية التي ستنالها حكومة دياب، لكن سؤالاً أساسياً يبقى حاسماً في تلمّس ملامح المرحلة المقبلة: هل سيسري على هذه الجلسة ما سرى على جلسة الموازنة التي أمّن رئيس الحكومة السابق سعد الحريري نصابها فانعقدت ولو بشق النفس؟ بمعنى آخر هل سيمنح الحريري ثقته لدياب؟

حتى اليوم لم يبد رئيس الحكومة السابق أي سلبية في التعاطي مع رئيس الحكومة الجديدة. ومن الواضح أنه سلّم بأنه مقبل على مرحلة جديدة في حياته السياسية، قد تكون قصيرة في حال تحوّلت الحكومة الراهنة إلى حكومة انتقالية، وقد تطول في حال بقيت حتى نهاية عهد رئيس الجمهورية ميشال عون. يتوقف الأمر هنا على سير عمل الحكومة وجديتها في معالجة الأزمة وعدم سقوطها في الشارع، من دون أن ننسى تطورات المنطقة والموقف السعودي بينهما، بالإضافة إلى رؤيتها للعلاقة مع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري. طوال الفترة السابقة لم يكن خافياً أن المملكة السعودية كانت تبحث عن شخصية سنية بديلة عن الحريري، في وقت حاول كثيرون أن يبرهنوا أمامها إمكانية استبدال زعامة الحريري بزعامة أخرى، باءت المحاولات بالفشل، لا السعودية وجدت بديلاً عن الحريري ولا الآخرون نجحوا في كسب ثقتها على المدى البعيد، وبقي رصيد الحريري الأب يشفع للرئيس الشاب عربياً ودولياً من دون عودة العلاقة معه إلى سابق عهدها، بعدما شابها التوتر والالتباس. فالفتور في علاقته مع الرياض كان ولا يزال مستمراً ولو أن بمقدور الحريري أن يزور المملكة ساعة يشاء. عدم إعلان القطيعة هو ما يرجّح حديث المصادر عن ميل لدى السعودية إلى العودة مجدداً الى المشهد اللبناني من باب تعويم الحريري سياسياً على أن يكون المطلوب منه في الفترة المقبلة تفكيك الجزء الأكبر من فريق عمله وإعادة تشكيله من جديد.

لكن عودة السعودية لدعم الحريري لا تعني حكماً أن الأمر سيكون على حساب الرئيس حسان دياب وحكومته، والإشارات كثيرة في هذا المجال، لأنه حين كلف دياب لم يرتفع أي صوت اعتراض لا عربياً ولا دولياً على الخطوة بل بالعكس، ساد الصمت الذي برهنت الأيام على كونه علامة رضى. حتى الأميركيون لم يتوانوا عن منحه فرصة وهو ما عبرت عنه السفيرة الأميركية في بيروت حيث قالت اثناء مأدبة عشاء سياسية إنه يجب إعطاء فرصة لحكومة حسان دياب.