تظاهرات حاشدة وإضرابات واسعة وإغلاق طرق رئيسيّة وجسور

ثوّار العراق يرفضون تكليف علاوي تشكيل الحكومة

10 : 25

الثوّار يقطعون جسراً بالعوائق والإطارات المشتعلة في الناصريّة أمس (أ ف ب)

شهدت العاصمة بغداد ومدن جنوب العراق بالأمس تظاهرات حاشدة شارك فيها الثوّار الغاضبون المناهضون للطبقة السياسيّة الحاكمة المدعومة من طهران، رفضاً لتكليف وزير الاتصالات الأسبق محمد توفيق علاوي تشكيل الحكومة بعد أشهر من الثورة والشلل السياسي.

وانطلقت تظاهرات صاخبة شكّل الشباب غالبيّة فيها، رفضاً لتكليف علاوي تشكيل الحكومة، إذ يُطالب المحتجّون بتسمية رئيس وزراء مستقلّ سياسيّاً لم يعمل في الحكومة، ويعتبرون أن ذلك لا ينطبق على علاوي، الذي أُعلنت تسميته رئيساً للوزراء مساء السبت بعد توافق توصّلت إليه الكتل السياسيّة بشق الأنفس، بهدف الوصول إلى بديل عن رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، الذي استقال منذ شهرَيْن تحت ضغط الشارع. وتوافد آلاف الطلاب إلى الشوارع التي تؤدّي إلى "ساحة التحرير" الرمزيّة، المعقل الرئيسي لـ"ثورة بلاد الرافدين" في بغداد، حاملين صوراً لعلاوي وقد رُسِمَت إشارة الضرب باللون الأحمر على وجهه. وقالت المتظاهرة طيبة الطالبة في كليّة الهندسة (22 عاماً) لوكالة "فرانس برس": "نحن هنا لرفض رئيس الوزراء الجديد لأنّ تاريخه معروف ضمن الطبقة السياسيّة"، مضيفةً: "لا غيرة لديه ونحن نُريد أحداً يغار على الوطن ويعمل من أجله".

وفي مدينة النجف المقدّسة لدى الشيعة، رفع المتظاهرون لافتة تقول "محمد علاوي مرفوض، بأمر الشعب!". وأمضى شبّان مقنّعون الليل وهم يُشعلون إطارات سيّارات في الشوارع تعبيراً عن غضبهم من تكليف علاوي هذا المنصب. أمّا في مدينة الديوانيّة، فقد توجّه الثوّار إلى المقار الحكوميّة للمطالبة بإغلاقها وتوقفها عن العمل، فيما بدأ طلاب ثانويّات وجامعات اعتصامات واسعة.وفي الحلّة (100 كلم جنوب بغداد)، قام المتظاهرون بإغلاق طرق رئيسيّة وجسور بإطارات مشتعلة احتجاجاً على تولّي علاوي رئاسة الوزراء، رافعين صوراً مندّدةً به وهم يهتفون "علاوي ليس اختيار الشعب!".

كما طرد ثوّار "ساحة الحبوبي" في مدينة الناصريّة الجنوبيّة، أصحاب "القبّعات الزرقاء" التابعين للتيّار الصدري، بعدما مزّقوا لافتة تُندّد بتكليف علاوي تشكيل الحكومة. وتداول ناشطون فيديوات لمشادات كادت أن تتحوّل إلى تضارب بين المتظاهرين وأصحاب "القبعات الزرقاء"، التابعين لـ"سرايا السلام"، الجناح العسكري التابع لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر.

وجاء تكليف علاوي في الوقت "بدل الضائع" للمهلة التي حدّدها رئيس الجمهوريّة برهم صالح للكتل السياسيّة لتسمية شخصيّة ترأس الحكومة، قبل أن يتّخذ الرئيس نفسه قراراً أحادي الجانب. وقال علاوي (65 عاماً) في فيديو نشره عبر صفحته على "فيسبوك" متوجّهاً إلى الشعب والثوّار باللهجة العراقيّة: "الآن أنا موظّف عندكم، وأحمل أمانة كبيرة... وإذا لم أُحقّق مطالبكم، فأنا لا أستحقّ هذا التكليف"، مضيفاً: "بعد أن كلّفني رئيس الجمهوريّة تشكيل الحكومة... قرّرت أن أتكلّم معكم قبل أن أتكلّم مع أي أحد، لأنّ سلطتي منكم".

وفي وقت لاحق، نشرت رئاسة الجمهوريّة فيديو لصالح مكلّفاً علاوي، الذي تلا بعد ذلك كلمة تعهّد فيها تنفيذ مطالب الشارع، خصوصاً الانتخابات المبكرة وحقوق ضحايا التظاهرات. وهنّأ رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي علاوي خلال اتصال هاتفي، وفق مكتبه، ثمّ التقيا لاحقاً بالأمس. ولفت عبد المهدي إلى أنّه لن يعقد اجتماعات على مستوى رفيع بعد الآن أو يتّخذ قرارات مهمّة، حتّى لا يتعارض ذلك مع تحضيرات علاوي، متعهّداً "عمليّة انتقال سلسة". ويُعدّ الصدر، الذي رحّب بتكليف علاوي واعتبره "خطوة جيّدة"، أحد أقوى اللاعبين السياسيين. وطالب الصدر أنصاره بالأمس بالتعاون مع قوّات الأمن لإعادة فتح المدارس والشوارع. وقال في رسالة جديدة عبر "تويتر": "عشقت ثورة تشرين وما زلت أعشقها"، مضيفاً: "لا حرق ولا قطع ولا جهل ولا معصية"، بينما اعتبر الثوّار رسالة الصدر ودعمه لعلاوي خيانة، وهتفوا في "ساحة الطيران" وسط بغداد وغيرها من ساحات الثورة: "مرفوض بأمر الشعب، لا تُغرّد انت بكيفك"، وأخرى: "ثورة شبابيّة ما حد قادها"، كذلك رفعوا شعار: "كلّن كلّن... والصدر واحد منّن!".

في غضون ذلك، لم تُخفِ الصحف الإيرانيّة احتفاءها بتكليف علاوي، معتبرةً أنّه نجاح لاتفاق سياسي بين كتلة "سائرون" التي يترأسها الصدر وكتلة "الفتح" التي يقودها زعيم تنظيم "بدر" وأحد قادة "الحشد الشعبي" هادي العامري.


MISS 3