مايز عبيد

العودة إلى صناعة السجّاد العربي بالنول القديم

30 كانون الثاني 2023

02 : 00

عبير سكرية أثناء الحياكة على النول القديم

تحاول عبير سكّرية، وهي من النسوة القلائل جدّاً في عكّار وفي قرية عيدمون بالتحديد، اللواتي يحافظن على حرفة حياكة السجّاد العربي بالنول الخشبي القديم حتى اليوم بالرغم من المصاعب. ولو عدنا بالزمن قليلاً إلى الوراء لتأكدنا أنّ عيدمون كانت الأولى في حرفة صناعة وحياكة السجّاد العربي ليس فقط في عكار وإنما في كل لبنان. فحياكة السجّاد العربي من صوف الأغنام هي حرفة عتيقة يزيد عمرها عن المئة عام في هذه القرية، حيث كان في كل بيتٍ من بيوتها نول قديم للحياكة. لكنّ هذه الحرفة تراجعت كثيراً في السنوات الأخيرة بسبب تخلّي الناس عنها، لمصلحة الماكينات الحديثة التي تحيك السجّاد بالشكل الآلي.

غابت هذه الحرفة التراثية لسنوات ثم عادت أخيراً لتظهر في عيدمون نفسها، على أيدي نِسوة من القرية، بعدما خضعن لدورات تدرييبة لاستخدام النول القديم العهد، الذي يعمل بشكل يدوي ولا يحتاج إلى كهرباء وهو الحلّ لهذه الحرفة مع غلاء المازوت والإنقطاع المتواصل للتيار الكهربائي. أمّا حالياً فلم يتبقّ إلا عبير سكرية في قرية عيدمون السيدة الوحيدة التي لا تزال تحيك على النول القديم في منزلها، يساعدها في بعض الأحيان بعض النسوة إذا كان هناك طلب متزايد على السجّاد العربي الذي يضاهي السجّاد العجمي بأشكاله وأنواعه.

تقول عبير سكرية لـ»نداء الوطن»: «أردت أن أحافظ على هذه الحِرفة من الزوال، فالمرأة تستطيع من خلالها أن تؤمّن دخلاً وأن تصبح صاحبة عمل ودور في مجتمعها لا سيما في هذه الأيام الصعبة».

وتضيف: «نستخدم في هذه الحرفة التراثية صوف الغنم بعد غسله وتمشيطه وصبغه. ولقد ارتفعت أسعار الصوف بشكل كبير وباتت تكلفة سجّادة واحدة بطول متر ونصف تفوق الـ700 دولار. وتتمنّى نساء كثيرات من عيدمون وخارجها تعلّم المهنة أو ممارسة الغزل والحياكة لو أنّ الدولة أو الوزارات المعنية تهتمّ بإحياء مثل هذه الحِرف لا سيّما في هذه الظروف الصعبة حيث لا كهرباء ولا محروقات، لكانت بذلك أمّنت لهن فرص العمل، وهذه المهنة تستطيع أن تؤمّن المردود المادي المقبول. ويزداد الطلب على المصنوعات اليدوية وعلى السجّاد العربي بشكل خاص، سواء من عكار ومن طرابلس او من العديد من المناطق اللبنانية، خصوصاً وأنك تشتري سجّادة يمكن أن تعمّر لأكثر من مئة عام، ومن الممكن العودة إلى هذا التراث كون السجّاد العربي لا يحتاج إلى أكثر من نول خشبي يصنع في المناشر الخشبية العادية، وليس هناك حاجة للكهرباء».

وتتمنّى عبير سكرية التي تعمل الآن من منزلها بنولٍ واحد، لو تتمكّن «من فتح مشغلٍ لهذه الغاية، لتشغيل العديد من نسوة قريتها ومن خارج القرية، وإعادة الإزدهار إلى هذه الحرفة وإعادتها إلى سابق عهدها».

تجدر الإشارة إلى أن عبير وزميلاتها يستطعن إلى جانب حياكة السجاد العربي، حياكة العديد من الأشكال بألوان مختلفة ومن هذه الأشكال ما يستخدم للأثاث المنزلي أو للزينة.