ريتا ابراهيم فريد

ريمي عقل: لستُ متمرّدة... بل أقدّم نوعاً مختلفاً من الفنّ

30 كانون الثاني 2023

02 : 01

من كليب إنسان حيوان أم شيء
صحافية ومخرجة وممثلة وفنانة إستعراضية. أثارت ضجّة كبيرة في مقاطع الفيديو التي تنشرها على مواقع التواصل الإجتماعي، والتي نالت مئات آلاف المشاهدات، ومن بينها كليب "شو بعد بدك لتنزل" الذي لاقى انتشاراً كبيراً بالتوازي مع انتفاضة "17 تشرين"، وكليب "البقلاوة" و"البطيخ" وغيرها، وصولاً الى كليب "انشروا الغسيل" الذي أنتجته بالتعاون مع جمعية "أبعاد". هاجمها البعض واتّهمها بأنّها نسوية متطرّفة. في المقابل تعرّضت للانتقاد من بعض النسويات. "نداء الوطن" تواصلت مع الفنانة ريمي عقل التي تحدّثت بكلّ عفوية وصراحة وردّت على أبرز الانتقادات التي طالت أعمالها.

تمرّد، رفض، وانتفاضة مدوّية جسّدتِها عن طريق الفنّ. ما الذي فجّر في داخلك كل هذه الثورة؟

أنا لا أعتبر نفسي إنساناً رافضاً أو متمرّداً. وشخصيّتي لا توحي بذلك. لكنّي وُضعتُ في هذه الخانة لمجرّد أنّ آرائي اختلفت عن النمط الذي حدّده المجتمع لنا. أنا فنّانة أعبّر عن رأيي بالصوت والصورة من خلال عمل فنّي قابل للنقاش.

وبالنسبة للثورة، أقدّم نوعاً مختلفاً عن الفنّ المتعارف عليه في هذه المنطقة بشكلٍ عام. الأمر الذي خلق لغةً جديدة طرحت علامات استفهام. من هُنا قد يعتبر البعض أننّي أقوم بثورة من خلال الفنّ. لكن لا يمكن تصنيفي في خانة "الرفض". فالأعمال التي أقدّمها تشمل جزءاً كبيراً من هويّتنا الثقافية، لناحية المأكولات والعادات والتقاليد اللبنانية والعربية.

لكنّك تنتقدين واقعاً معيّناً في رسائلك خلف كلّ فيديو. ألا ينبثق الانتقاد من رفض؟

أكرّر أنّ الأمر ليس رفضاً. بل هو أقرب الى طرحٍ لمفاهيم جديدة. فنحن اليوم نعيش في مكان أشبه بالمستنقع حيث لا تعمل المياه على تكرير نفسها. أنا أشبه المياه في هذا المستنقع، وأحاول أن أضخّ المياه للأجيال المقبلة، من خلال طرح إشكاليات جديدة انطلقت من رحم الأفكار السابقة.

خلف كواليس المقاطع المصوّرة، هناك فريق عمل كبير. كيف يتمّ طرح الفكرة ثمّ التنسيق لتنفيذها؟

بعد اختياري للفكرة، أكتب سيناريو النصّ كاملاً من الألف الى الياء، بحيث يشكّل مزيجاً من العبارات المكتوبة والتصوّر المرئي لتجسيده على شكل مقطع فيديو. بعد ذلك أدوّن النصّ على برنامج power point مرفقاً بمصادر مصوّرة، وقد أستعين بأحد الإختصاصيين لمساعدتي في ذلك إن احتاج الأمر. بعدها أعرض الفكرة كاملة على أعضاء الفريق كي أضعهم في أجواء التصوّر العملي لها، قبل أن يباشر كلّ فرد منهم بأبحاثه لتحضير مستند خاصّ به مرفق بالتفاصيل. ثمّ نلتقي كلّنا في لقاء نجمع فيه كلّ المستندات ونقدّمها للجهة المنتجة.

أثرتِ الجدل أكثر من مرة، خصوصاً حين نشرتِ أغنية عرّفتِ عنها بأنها "هابطة بامتياز وخلفها رسالة". هل تتعمّدين إحداث صدمة في أعمالك؟

لا أسعى الى إحداث أيّ صدمة. أصيغ عباراتي بكلّ عفوية وأعكس من خلالها إحساساً شعرتُ به في لحظة معيّنة، فكتبته وشاركتُه مع الآخرين من خلال عملٍ فنّي. كما أشدّد على أنّني لا أتعمّد إثارة الجدل، لكنّ أفكاري بحدّ ذاتها تولّد جدلاً.

تعرّضتِ لانتقادات كثيرة وقيل إنك تبالغين في الجرأة. وبعض التعليقات كانت جارحة وطالتك بشكل شخصي. كيف تتعاملين مع هذا النوع من الانتقادات؟

سأكون صريحةً. بالفعل تملّكني حزن كبير في المرة الأولى التي تلقّيتُ فيها هذا النوع من الإنتقادات. فقد كنتُ أكتب بعفوية، ولم أكن أتوقّع ذلك. وأذكر أنّي هوجمتُ بعنف ذات مرة حين أطلق البعض هاشتاغ يطالني، وتفاعل معه أكثر من 30 ألف مغرّد. هُنا شعرتُ بالخوف وانعزلتُ لفترة عن كل ما يحيط بي، كي أحاول أن أفهم ما يحصل. لكن مع الوقت، وبعد قراءتي عن هذا الموضوع وتواصلي مع فنانين تعرّضوا لانتقادات جارحة، فهمتُ أنّ الأمر طبيعيّ، ويشكّل جزءاً من النجاح.




كليب أنشروا الغسيل بالتعاون مع جمعية أبعاد




المرأة تحتلّ حيّزاً كبيراً في أعمالك، لكن اللافت أن هناك تقاطعاً بين معاناتنا المعيشية كمواطنين وبين معاناة المرأة. كيف تصفين أوجه الشبه بينهما؟

شخصياً، أرى أنّ لبنان والمرأة يتشابهان الى حدّ كبير. إنّما ليس أيّ امرأة، بل تلك التي تحبّ شريكها لدرجة بقائها معه وتحمّلها لضربه وتعنيفه. فتعيش على أمل أن يتغيّر يوماً ما، رغم علمها بأنّه يكذب عليها. الشعب اللبناني يشبه هذه المرأة في رهانه على السلطة التي تحكمه، وعلى احتمال أن يتغيّر حكّامه في يومٍ ما.

إضافة الى ذلك، هناك حضور نسوي في فيديواتي، ودفاع عن حقّي كإنسانة بالدرجة الأولى وحقّي كإمرأة بالدرجة الثانية. كما أنني أسخر من تصرّفات عدّة نقوم بها كنساء، وأحاول تجسيدها في مقاطع الفيديو بهدف تحسينها.

اتّهمك البعض بأنّك تلجئين الى أسلوب الاستعطاف حين تتحدّثين عن المرأة. كيف تردّين؟

صحيح، قالوا أيضاً أنّي ناعمة جداً وقد أنحني كي أرسل رسالتي بدلاً من أن أهجم وأصرخ. قدوتي في الحياة هم الأشخاص الذين نشروا رسائلهم إما من خلال الصمت، إما باللغة المسالمة. وأحلم بأن نصل الى مكان نستعمل فيه هذا الأسلوب. النسوية التي نراها اليوم في مجتمعاتنا اللبنانية والعربية تضمّ كمّية كبيرة من الذكورية التي ننتقدها. فنحن ننتقد الرجل الذي يصرخ ويضرب ويعنّف. لكنّه لن يشعر بخطئه إذا قلّدناه في سلوكنا، ولن يؤدي ذلك الى أيّ تغيير. من هنا أستعين في فيديواتي بلغة الهدوء. علماً أنّ هذه اللغة تتضمّن الكثير من النقد والسخرية، وفي الوقت نفسه الكثير من العاطفة والحنان والإحساس.




من كليب أغنية unfollow me



بالعودة الى كليب "شو بعد بدك لتنزل" الذي أطلقته أثناء انتفاضة "17 تشرين" وأثار ضجة كبيرة. هل ما زلت مؤمنة اليوم بثورة لبنان؟

ليتني أمتلك القوة والتأثير كي أحرّض الناس على العودة الى الشارع ورفض المعاناة التي يعيشونها. أنا كنتُ من أشدّ المؤمنين بثورة "17 تشرين" التي حرّرتني كما حرّرت الكثيرين، حيث امتلأنا بالكثير من الأمل حينها. لكنّ أخطاء عدّة حصلت. وأنا شخصياً لم أعد قادرة على الدفاع عنّا كشعب لبناني. وفي الوقت نفسه لا يمكنني ألا أتّهم هذه السلطة السياسية الفاسدة. بالتالي لا أعرف كيف يمكنني الإجابة على هذا السؤال.


MISS 3