منتدى الإقتصاديين العرب:

أوضاع النازحين داخلياً في سوريا... أسوأ من النازحين خارجها

02 : 00

تزداد الأوضاع سوءاً في الشتاء

أعد منتدى الاقتصاديين العرب تقريراً لتقييم التحديات الاقتصادية والاجتماعية والحوكمية في مخيمات النازحين داخلياً في سوريا. وجاء في الملخص التنفيذي للتقرير ان في جميع مناطق السيطرة، يعيش معظم السكان النازحين داخلياً في الفقر ويعتمدون بشدّة على المساعدات، التي تعتبَر في كلّ مكان غير كافية وغير منتظمة، في حين أنّ فرص العمل نادرة ومنخفضة الأجر. وتحافظ التحويلات المالية من الاغتراب على سبل عيشهم في بعض الحالات. وفي ما يلي ابرز النقاط الأخرى الواردة في الملخص التنفيذي للتقرير:

***

* يعتمد النازحون في المخيمات اعتماداً كليّاً على البلدات المجاورة – أكثر من القرى القريبة – كمصادر لتوفير السلع والخدمات وكأماكن للعمل المأجور لكسب الرزق.

* يؤدّي توزيع المواد الغذائية العينية إلى خلق ممارسات واسعة في إعادة بيع جزء من السلال الغذائيّة لتجار الجملة مقابل النقود. ويستمرّ ذلك حتى عندما يستعاض عن التوزيع العيني بالقسائم. إذ تباع أيضاً القسائم بأسعارٍ منخفضة مقابل نقود. ويؤثّر ذلك على أسعار السلع الغذائيّة الأساسية ويؤدّي إلى تثبيط الإنتاج المحلي.

* يؤدّي توزيع المواد الغذائية والخدمات لفترة طويلة بشكلٍ عينيّ من قبل عددٍ لا يُحصى من المنظمات غير الحكومية، التي تعمل حسب أجندات المانحين، مع القليل من الوضوح حول تنظيم وكفاية التوزيع، إلى خلق «اقتصادٍ سياسي» للمساعدات. وما زال المانحون يتعاملون مع المساعدات وكأنّها طارئة دون التحوّل بعد 11 عاماً إلى منهجيّة أكثر استدامة فيما يخصّ معيشة النازحين.

* تنسّق عدّة منظّمات غير حكومية أنشطتها لتوزيع المساعدات مع «حكومة الإنقاذ» التابعة لـ «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً)، على الرغم من تصنيف هذه الهيئة من قبل الأمم المتحدة على أنّها «منظّمة إرهابية». ويشمل ذلك المنظّمات غير الحكومية المسجّلة في تركيا وفرنسا وبريطانيا أو المدعومة من هذه البلدان. ويبدو أن المنظّمات غير الحكومية المسجّلة في ألمانيا والولايات المتحدة أو المدعومة منها تعمل في الغالب في مناطق شمال حلب.

* عدم انتظام توزيع المساعدات وندرة فرص العمل يؤدّيان إلى انضمام العديد من الشبّان إلى الفصائل المقاتلة للحصول على رواتب.

* تدار امور النازحين المرتبطين بالفصائل التي نزحت بعد اتفاقيات فضّ الاشتباك بشكلٍ مباشر من قبل السلطات التركية والمنظمات غير الحكومية التابعة لها. وهم يعيشون عادةً في ظروفٍ أفضل من سكان الريف الذين شرّدهم الصراع. لكنّ الحركة إلى مخيّماتهم ومنها مقيّدة بشكلٍ صارم.

* تُظهِر نتائج مسوحات سبل العيش التي أقيمت والاستفسارات في المخيّمات المدروسة اختلافات في عدّة نواحٍ عن المعطيات التي تُبلِّغ عنها وكالات الأمم المتحدة. وهذا يشير إلى الحاجة إلى مزيد من التحقيقات التفصيلية.

* فرص العمل نادرة وبرواتب وضيعة في جميع المخيمات المدروسة تقريباً. وهي عموماً في البناء والحرف على أساسٍ يوميّ. ويلاحظ أيضاً وجود أنشطة زراعية موسميّة، لا سيّما بالنسبة للنساء. وقد لوحظت حالات قليلة من اتفاقات تقاسم الإنتاج في الزراعة مع ملاّك الأراضي.

* تمّ الإبلاغ عن عمالة أطفال وتسرّب من المدارس في جميع المخيمات المدروسة. كما أنّ الخدمات المدرسيّة والصحية سيئة وغير كافية إلى حدٍّ كبير في جميعها.

* يشكّل عدم وجود وسائل نقل عامّة أو شبه عامة إلى المناطق المجاورة إحدى المشاكل الرئيسية لمخيّمات النزوح الداخليّ. هذا الغياب يعيق إمكانية الحصول على فرص عمل، وكذلك إمكانية التسوّق بأسعارٍ أفضل. كما أنه يشكل عائقاً رئيسياً أمام التعليم، سواء كان ابتدائياً أو ثانوياً أو جامعياً.

* توصّف العلاقات الاقتصادية للنازحين مع المجتمعات المضيفة المجاورة بأنّها سيئة في معظم المخيّمات. ويشعر النازحون داخلياً باستياءٍ كبير من استغلالهم في المساعدات والوظائف ذات الأجور المنخفضة، في حين أن المجتمعات المضيفة قد زاد ثراؤها بسبب وجودهم. ويتجلّى ذلك بشكلٍ خاص في مخيّمات الشمال الغربي.

* علاقات النازحين مع المجتمعات المضيفة ضعيفة ولا اندماج بين المجتمعَين (الزيجات بينهما نادرة على سبيل المثال)، في حين أن لدى النازحين درجة معيّنة من التماسك الاجتماعي الداخليّ، خاصّة في المخيمات الصغيرة أو داخل كلّ منطقة من المخيّمات الكبيرة. إذ سرعان ما تقوى الروابط داخل مجتمعات النازحين داخلياً بسبب المعاناة المشتركة.

* تتنوّع العلاقات الاجتماعية بين النازحين داخلياً في المخيمات مع المجتمعات المضيفة حسب أصول السكان النازحين، إنّ كانوا حضريين أو ريفيين أو شبه رحّل، وعلى قدرتهم على الإمساك بسبل عيشهم بشكلٍ مستقل. وتؤثّر الفجوة بين الريف والحضر والاختلافات المناطقيّة تأثيراً قويّاً على هذه العلاقات. رصدت أفضل حالة اندماج للنازحين داخلياً مع المجتمع المحلّي المضيف في مخيم يازيباغ لأنّهم يتمتعون ببعض الاستقلاليّة الاقتصاديّة عن المجتمعات المضيفة.

* نادراً ما تمّ تعزيز هياكل الحوكمة المحليّة في المخيّمات لتمثيل مصالح النازحين واحتياجاتهم تجاه السلطات القائمة والمنظمات غير الحكومية. وعندما تكون موجودة، فإن هياكل الحوكمة هذه لا تنتج عن عمليّة «ديمقراطية». إذ تنبثق من القيادة التقليدية في أفضل الحالات، نتيجة اختيار السلطات القائمة أو المنظمات غير الحكومية لها. وفي جميع الحالات، لا يكون للنازحين داخلياً رأيٌ كبير حول شؤون تقديم المساعدات والخدمات. وحالات المحسوبية والفساد شائعة.

* يتمّ فرض رقابة «سياسيّة» صارمة على السكان النازحين من قبل السلطات القائمة، ولا سيّما في مناطق الحكومة السوريّة وقوات سوريا الديمقراطية وهيئة تحرير الشام. أمّا في شمال حلب، فتبدو السيطرة «السياسية» للفصائل المدعومة من تركيا أقلّ شدّةً.

* يتمنّى معظم النازحين «حلاً سياسياً» في سوريا، عبر إنهاء الحرب ورحيل القوات الأجنبية ووجود سلطة سورية نزيهة وقادرة على إعادة بناء البلاد وتحقيق الأمن والكرامة. لكنّ أغلبهم فقد الأمل في العودة من النزوح ويريد أوضاعاً أفضل حيث هم.