بشارة شربل

رئيسٌ للأخطار المُحدقة

30 كانون الثاني 2023

02 : 00

إذا كان الانهيار الذي يعيشه لبنان محوِّلاً أكثرية شعبه فقراء ودولته أشلاء لم يهزّ ضمير "المنظومة" الحاكمة لتُسهِّل انتخاب رئيس يشكل بداية لاستعادة انتظام المؤسسات، فإن حادثاً من نوع وصول المسيَّرات الى إيران وقصفها مصنع ذخيرة في أصفهان يجب أن ينبهها الى أن المنطقة على فوهة بركان.

غريب أمر الممانعين وحلفائهم المتباهين بـ"الصبر الاستراتيجي" والمكرّرين نظرية "حياكة السجاد" المملة. كلّ الظروف الموضوعية المأسوية تحضّ على وجوب الحؤول دون أن تكون 2023 "سنة الارتطام"، فيما هم لا يزالون مصرّين على استغباء الناس عبر "بيعهم" سليمان فرنجية مرشح توافق ووفاق، وكأن اللبنانيين نسوا أنه شريك أبدي للمنظومة من موقع القرار وفخورٌ على الدوام بـ"الوفاء" لآل الأسد الذين تحكَّموا بلبنان ولـ"الخط" الممانع الذي ورث هيمنتهما.

لا يغيب عن أي مراقب عادي للتطورات الدولية، وأهمها إطلاقاً الحرب المستعرة في أوروبا مهدّدةً السلم العالمي وربما مستقبل البشرية جمعاء، أننا على مرمى حجر من انعكاساتها. فـ"الجمهورية الاسلامية" التي لها اليد الطولى والثقيلة في لبنان، باتت شريكاً كاملاً بالتصعيد في اوكرانيا عبر تزويد جيش فلاديمير بوتين ومرتزقته بالمسيَّرات. وملفات الشرق الأوسط المعقدة والمتشابكة والتي تلعب فيها إيران دوراً محورياً تتفتح بسرعة لتجعل المناخ قابلاً للإنفجار.

كان يمكن لـ"حزب الله"، الذي تبلَّغ من وزير خارجية ايران حسين أمير عبداللهيان أثناء زيارته الأخيرة للبنان أن وضع المنطقة لا يُسِرُّ الصديق قبل العدو وأن "شعرة معاوية" الممدودة مع الغرب عبر أوروبا منذ سنوات على وشك الانقطاع، إستنتاجَ وجوب الإقلاع عن محاولة فرض رئيس شبيه بميشال عون والذهاب نحو توافق رئاسي فعلي. لكن، يبدو أنه اختار التشدد مكرراً ردَّ فعله بالتمديد لـ"الرئيس المقاوم" إميل لحود إثر القرار 1559، غير آبه بما استتبع ذلك من أحداث دراماتيكية غيَّرت المعادلات السياسية لكنها أسست للتدهور ووضعت البلاد أكثر من مرة على حافة حرب أهلية.

في 18 آذار 2018 فاجأ غبطة البطريرك اللبنانيين بإعلانه من قصر بعبدا أن "لبنان مفلس"، نبَّهَنا قبل الجميع ورغم ذلك سقطنا في مصيدة تحالف مافيا السلطة والمال. أمس قال لنا إن المنطقة ستشهد أحداثاً خطيرة، هو لا يتنبأ بل يعلم بحكم موقعه، ويؤكد رأي الخبراء والمحللين المجربين. ولذلك سيكون من الجريمة أن يستمر اللعب بالنار، سواء بالانقلاب الخبيث المدروس على المحقق العدلي لتكريس نهج "الإفلات من العقاب" والتسبب بفتنة، أم بتعطيل انتخاب رئيس مميز يمكنه تحييد لبنان عن شرّ مستطير إذا التهبت بين إيران واسرائيل.

ربما حان الوقت ليبرهن فريق 8 آذار عن حرصه على مصلحة المواطنين والبلاد. ليس مدعواً الى القبول بمرشح الفريق السيادي، ولا الى الرضوخ لأسماء يقترحها خصومه، بل الى وقف الترويج لكذبة الحوار والانطلاق نحو حلّ قد لا يكون محبباً للجميع لكنه ليس مكروهاً ولا مستنكراً من أيّ فريق. وهو يقضي بالتوافق على رئيس كفء قادر على استدراج دعم عربي ودولي، فيتعهد بناء دولة الدستور والقانون واستعادة السيادة عبر برنامج مرحلي. إنه أضعف الإيمان. أما الإصرار على مواصفات أقلّ فيعطي حقاً للمطالبين بتغيير الصيغة مهما كانت الأثمان، خصوصاً أن زمن الدويلة المستديم يستثير الرغبة بأبغض الحلال وبدويلات.


MISS 3