غادة حلاوي

النشاط السياسي السعودي في لبنان مجمّد...

6 شباط 2020

02 : 00

دريان خلال استقباله البخاري

بناء على موعد محدد سابقاً، ينتظر أن يلتقي رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. عادت العيون لتكون شاخصة باتجاه المملكة السعودية مجدداً. المملكة التي أدارت وجهها مالياً وسياسياً عن لبنان ولا تزال، قطع سفيرها في لبنان وليد البخاري خلوته الخاصة بزيارة إلى دار الفتوى، ليحل ضيفاً على مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان. انتظروه في السراي الحكومي زائراً مباركاً لرئيس الحكومة حسان دياب، فإذا به يستعيض عن المرجعية السياسية بالمرجعية الدينية فيزورها داعماً.

هذا في الشكل، أما في المضمون، فالبخاري الذي جالس المفتي لمدة من الزمن وحادثه في شؤون الطائفة وشجونها وصولاً إلى صفقة القرن، تطرق وعرضياً إلى موضوع الحكومة ليأتي رأيه متفقاً مع المفتي على كونها "حكومة اللون السياسي الواحد التي لا تمثل جميع اللبنانيين ولا يمكن الرهان عليها لإعادة علاقات لبنان العربية والدولية وجلب المساعدات للبنان". غير أن كلام المجالس بقي بالأمانات حيث حرص البخاري على إنهاء زيارته من دون الإدلاء بأي تصريح، تاركاً لبيان صادر عن دار الفتوى أن يعبّر عما يفترض أن يعلن من موقفه السياسي لا عن مكنوناته فجاء البيان بكلام عمومي يؤكد "حرص المملكة على أمن لبنان وسلامته واستقراره ووقوفها الى جانب اللبنانيين جميعاً ومؤسساتهم والمحافظة على تعزيز العلاقة بين البلدين الشقيقين في المجالات كافة". حتى هنا تقصّد السفير تغييب ذكر دياب وحكومته!

ليس البخاري المعتكف وحده عن المجاهرة بموقف عن الحكومة أو المباركة لها، بل إن أي موقف سعودي رسمي لم يصدر في هذا الخصوص بعد. ما يمكن فهمه على أنّ الزيارة بحد ذاتها رسالة، وتجاهل الحديث علناً عن الحكومة سلباً أو إيجاباً، رسالة أيضاً. لا شك أنّ دار الفتوى علّقت أهمية على الزيارة وفسّرتها مصادر عليمة بشؤونها على أنها "رسالة دعم مهمة لدار الفتوى خصوصاً وأنها الزيارة الأولى لسفير المملكة السعودية بعد الإنتفاضة الشعبية والتي اختار أن تكون للمفتي دريان وليس إلى رئيس الحكومة الجديدة حسان دياب، ما يعني أنها ذات أهمية بالشكل والمضمون".

وفضلاً عما أورده البيان "المدروس والمدوزن" عُلم أنّ البخاري أكد لمفتي الجمهورية ضرورة "توحيد الصف السني والحؤول دون تقسيمه أو تجزئته" غير أن مصادر عليمة بشؤون الطائفة السنية توقعت ألا تكون الزيارة قد اقتصرت على ما أعلن وقيل وأدرجت الزيارة في إطار رسالة معينة أو "كلمة سر" أراد البخاري أن يضعها في عهدة المفتي دريان الذي يعتزم اتخاذ خطوات معينة على مستوى الطائفة في الفترة المقبلة خصوصاً بعدما زاد منسوب التشرذم والتباعد ما بين القوى السياسية داخلها خصوصاً في ظل غياب الحريري الذي لا يزال خياراً سعودياً راجحاً ووحيداً على ما يبدو.

غير أن مصادر مطلعة على الأجواء السعودية عن قرب فضلت "عدم تحميل الزيارة أكثر مما تحتمل" وقالت إنّ "المملكة في مرحلة ترقّب لما يجري على الساحة اللبنانية على ضوء التطورات الأخيرة، وهي في إطار إعطاء الفرصة للحكومة الجديدة إنسجاماً مع مواقف دول الاتحاد الاوروبي ومؤتمر "سيدر" فإذا ما استطاعت تحقيق الإصلاحات والخطوات اللازمة فستفتح أمامها باب المساعدات" أي أنّ شرط أي مساعدة سعودية "أن يساعد لبنان نفسه كي تنظر المملكة في مساعدته". تخفيض التمثيل

وتكشف المصادر أنّ المملكة "وبعدما أثبتت التطورات أنّ هناك وضعاً في لبنان غير آمن بالنسبة إلى سفارتها في لبنان ومخالفاً للتوجهات السياسية السعودية، إتخذت قراراً بتخفيض عديد العاملين في سفارتها في لبنان للمرة الثانية بعد ان سبق وخفضته للمرة الأولى قبل أيام، في وقت جمّد السفير بخاري نشاطه الديبلوماسي مانحاً نفسه إجازة طويلة تجنباً لأي موقف محرج للحكومة الجديدة. في تقدير المصادر ذاتها أنّ زيارة البخاري إلى دار الفتوى جاءت لتؤكد أنّ "المملكة حاضرة ولكن بالحد الأدنى من التحرك خصوصاً وأنها لا تزال تعتبر أن أية مساعدة في الوقت الحاضر للحكومة اللبنانية سيستفيد منها "حزب الله" حكماً".دياب ودار الفتوى

على أنّ اللافت الإضافي لزيارة البخاري إلى دار الفتوى ان رئيس الحكومة حسان دياب لم يزرها بعد. غير أن الدار التي تستعد لاستقباله بعد نيل الحكومة التي يرأسها الثقة، تتحضر لعقد الإجتماع الشهري، بعد غد السبت، للمجلس الإسلامي الشرعي الأعلى برئاسة المفتى دريان، يحضره جرياً على العادة رئيس الحكومة الحالي ورؤساء الحكومات السابقون، وقد أصبح دياب ضمنهم حكماً بمجرد أن أصبح رئيساً للحكومة ما يعني أنّ حضوره يعد طبيعياً في المجلس كسائر رؤساء الحكومات والسؤال هنا هل يحضر دياب الاجتماع؟ خاصة وأنّ المتوقع أن يصدر عن اجتماع المجلس بيان يضمّنه الموقف من التطورات الأخيرة والأزمات التي يعانيها البلد.


MISS 3