خاص نداء الوطن

سوق بعلبك الشعبية... ملاذ الفقراء في الأزمة

6 شباط 2020

02 : 00

بسطات تنتشر بكثافة

يشتدّ خناق الأزمة الإقتصادية على رقاب المواطنين ويلاحقهم الفقر والجوع من دون رحمة، وترتفع الصرخة علّ من يسمع الأنين والوجع، وفي سبيل لقمة العيش يقاتل الناس وسط انتشار البطالة وإقفال العديد من المؤسسات والمحال، حيث كان لبعلبك حصة من الأزمة الحاصلة حيث أقفل العديد من المحال التجارية أبوابه، ناهيك عن البطالة المنتشرة.

على امتداد مساحة الوطن يبحث معظم المواطنين عن عمل، ويرضون بما تيسّر من مال لتأمين مستلزمات الحياة التي أصبحت صعبة لكثيرين، ويقبض الواحد منهم على جزء يسير من المال خلال توجهه إلى أحد الأسواق لشراء ما يلزم، يجوبون كل المحال للحصول على أفضل وأقل الأسعار في ظل الفورة التي شهدتها الأسواق وارتفاع اسعار السلع والمنتجات المرتبطة بسعر صرف الدولار.

وككل المناطق اللبنانية حيث تنتشر الأسواق الشعبية، ينتظر أهالي بعلبك والقرى المجاورة وصولاً حتى غرب بعلبك، السوق الشعبية التي تفتح أبوابها يومي السبت والأربعاء لشراء حاجاتهم ومستلزماتهم، يجمعون ما يريدون بما يناسب ميزانياتهم ويكفيهم لنهاية الأسبوع. وعلى مسافة تزيد على عشرة آلاف متر مربع عند مدخل بعلبك الجنوبي مقابل ثكنة نجيب زعتر لقوى الأمن الداخلي تقع السوق الشعبية في المدينة حيث قسّمت إلى قسمين: سوق للماشية وآخر للبسطات التي أصبح معروفة بالبضاعة التي تبيعها وبصاحبها الذي أصبح له زبائنه.

منذ مطلع الستينات بدأت السوق الشعبية في بعلبك كسوق ماشية، ثم تطوّرت وأصبحت تحتوي على مختلف الأصناف والأنواع من ألبسة وأحذية وأثاث منزلي وفاكهة وخضار وأدوات تنظيف وبهارات ونحاسيات، تنتشر على بسطات مخصصة يستأجرها الباعة مقابل بدل قيمته 25 ألف ليرة لبنانية عن كل يوم بعدما قام صاحب العقار بتجهيز المكان وتحسينه منذ سنوات.

وعند تزاحم الأقدام حيث تتسع الأرزاق، تبدأ عمليات عرض البضائع منذ الرابعة فجراً ليكون الباعة وهم في معظمهم من السوريين على موعدٍ مع زبائنهم مع بداية ساعات الصباح الأولى، لتصل زحمة السوق إلى ذروتها خلال فترة الظهيرة وتبقى حتى ساعات المساء، فينتظر الكثيرون فترة ما بعد الظهر للحصول على حاجاتهم بأقل الأسعار، بحيث ترتفع أصوات الباعة معلنةً بدء الحسومات على مختلف الأنواع لحين إنتهاء السوق.

تشكل السوق الشعبية في بعلبك نعمةً لكثير من الناس ممن يعجزون عن تأمين ما تحتاجه عائلاتهم من غذاء وملبس، فينتظر الحاج محمد ابن السادسة والستين عاماً وهو القادم من بلدة قصرنبا غربي بعلبك السوق من السبت إلى السبت ليلملم ما تحتاجه عائلته على مدار الأسبوع وفق ما قال لـ"نداء الوطن"، ويضيف "السوق هي رحمةٌ للعباد ممن لا يستطيعون الشراء من المحال والأسواق حيث ترتفع الأسعار بشكل جنوني ولا قدرة لأحد على تحملها".

بدورها عليا حسن ابنة المدينة تتوجه إلى السوق عند الثانية بعد الظهر تنتظر وفق ما قالت لـ"نداء الوطن" شراء الخضار والفاكهة بأقل الأسعار حيث تبدأ العروضات من الثانية حتى ساعات المساء، فتشتري كل ما تحتاجه بمعدل 2 كيلو مقابل كيلو واحد في الأسواق العادية، غير أنها لا تشتري المأكولات المكشوفة والحلويات خوفاً من أي ضرر قد يلحق بأبنائها، ومن بسطات الخضار والفاكهة تتنقل إلى بسطات الألبسة والأحذية حيث يصل سعر القطعة إلى خمسة آلاف ليرة، فتشتري لأبنائها ولها كل ما تريد بأقل كلفة ممكنة.

وفيما ارتفع معدل المبيع في السوق نتيجة الأزمة السورية حيث يتوجه معظم النازحين السوريين في المدينة إلى السوق أسبوعياً لشراء حاجاتهم، يسيطر السوريون أيضاً على معظم البسطات يستأجرونها لبيع جميع أنواع الخضار والثياب وغيرها من دون معرفة ما إذا كانت مهربةً أم دخلت بشكل نظامي.

وفي هذا الإطار يقول طلال ناصر لـ"نداء الوطن" وهو من الباعة السوريين يملك ثلاث بسطات من الخضار والفواكه إضافةً إلى محلين اثنين في دورس، أن "لكل بسطةٍ زبائنها، يقصدونها من مختلف القرى والأحياء"، وهو المتواجد في السوق منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، ويضيف إنّ الخضار التي تبيت في محاله يعرضها على البسطات خلال أيام السوق.

وعما اذا كانت الخضار والفواكه مهربة ينفي طلال الأمر ويؤكد أن كل بضائعه يشتريها من الأسواق المحلية.

وعلى المقلب الآخر للسوق تنتشر عدة بسطات للنحاسيات و"الأنتيكا" والخردة وعدد من الأدوات المستعملة من كهربائيات وغيرها، لها زبائنها الذين يقصدونها كل أسبوع بانتظار بضاعةٍ جديدة معروضة.


MISS 3