كلير شكر

مزايدة البريد: براءة ذمّة "ليبان بوست" منقوصة

1 شباط 2023

01 : 59

للدولة اللبنانية مستحقات إضافية لم تسدد بعد

قبل أيام من موعد تلزيم الخدمات البريدية، أعلن وزير الاتّصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم، «تمديد مهلة تقديم العروض للمزايدة إلى 16 شباط المقبل، بعدما كانت مقرّرة يوم الثّلثاء 24 كانون الثّاني الماضي، وذلك إفساحاً في المجال أمام عدد أكبر من الشّركات للمشاركة في المزايدة؛ بهدف تحقيق مبدأ المنافسة الشفّافة».

ولكن من يدقق في خبايا هذا التلزيم، يدرك أنّ ثمة اشكالية قانونية - سياسية تحيط بوضعية شركة «ليبان بوست» التي يبدو أنّها العارض الوحيد المتحمّس للمشاركة من جديد في التلزيم. وترتبط هذه الاشكالية بذمّة الشركة المالية، وهي مزدوجة: تلك المتصلة بالرسوم والضرائب وتصدر عن وزارة المال، وتلك المتصلة بشراكتها مع القطاع العام أي وزارة الاتصالات وتصدر عن الأخيرة.

وهذه الذمّة كانت موضع مساءلة بناء على تقرير ديوان المحاسبة الذي اتهم الشركة بالفساد وطالبها بتسديد مبلغ قيمته مليار و545 مليوناً و613 الفاً و277 ليرة. وعلى هذا الأساس وافق مجلس الوزراء بعد الاستماع إلى وزير الاتصالات أنّه تمّ ايداع شيك عدد 2 في وزارة المال - مديرية الخزينة، تبلغ قيمة أحدهما 13,733,470,000 ليرة لبنانية فيما تبلغ قيمة الثاني 1,545,613,277 ليرة لبنانية، (مجموعهما حوالى 15 مليار ليرة) المتوجبة بذمة شركة ليبان بوست إلى وزارة الاتصالات - المديرية العامة للبريد، وذلك لغاية 31/12/2019، على تكليف وزير الاتصالات وتفويضه بالتوقيع على عقد المخالصة والإبراء مع الشركة.

بالنسبة للإبراء الأول، فقد تقدمت «ليبان بوست» بتصاريح ضريبة الدخل وسددت الضرائب المتوجبة عن نتائج أعمالها عن السنوات 2016 لغاية 2021 ضمناً وقد أعطيت إفادة بهذا الخصوص. أمّا بالنسبة للإبراء الثاني فقد رفض وزير الاتصالات توقيع براءة الذمة، ولو أنّ الشركة سددت ما يتوجب عليها لوزارة الاتصالات، بعدما تبيّن للوزير، كما نقل عنه، نتيجة استشارة هيئة القضايا والاستشارات أنّ دفتر شروط المزايدة لا يشترط وجود براءة ذمة، وهو وإن كان بصدد اجراء مخالصة مالية مع الشركة فذلك تطبيقاً لما ورد في تقرير ديوان المحاسبة لكنه غير متحمس لتوقيع براءة ذمة مالية شاملة.

ولكن الوقائع تظهر غير ذلك، اذ أنّ رئيسة هيئة القضايا القاضية هيلانة إسكندر أعلنت في تصريحات صحافية أن لا مصالحات في الدعاوى «سواء الجزائية أو المدنية» ولا يحقّ لمجلس الوزراء «عقد مصالحة إلا بعد أن تُعرض علينا، لأن الدعوى ما زالت عالقة لدينا، وخصوصاً أننا لم نقبل طلب ليبان بوست بالتراجع عنها، بل يهمنا أن نثبت أن الشركة مدينة للدولة لا العكس كما تطالب». أما الشيكات التي دُفعت، فعلى القضاء «أن يقول كلمته فيها إذا كانت تسدّ ما هو مستحق للدولة فعلاً أو لا، طالما أن النزاع معروض أمامه، حتى لو دُفع المبلع وبوجود براءة ذمّة أم لا». وهي تقصد بذلك الدعوى التي لا تزال أمام مجلس شورى الدولة.

كما تفيد المعلومات أنّ هيئة القضايا والاستشارات ذكّرت وزارة الاتصالات، بصفتها، أي الهيئة، ممثلة الدولة أمام المحاكم، أنّها طلبت من مجلس الشورى البت بالملف لا سيما وأنّ تقرير ديوان المحاسبة يظهر أنّ المبلغ المترتب على الشركة للدولة اللبنانية يفوق المبلغ المذكور في قرار مجلس الوزراء (15 مليار ليرة) لكونه لم يشمل الايجارات ولا الديون المترتبة بعد العام 2019، فضلاً عن أنّ التقييم حصل على أساس سعر الصرف 1500، وهو لم يعد مقبولاً. وأكّدت الهيئة رفضها الرجوع عن الدعوى القضائية وعدم جواز ابراء ذمة الشركة.

يذكر أيضاً أنّ المادة 20 من قانون تنظيم وزارة العدل أناطت بهيئة القضايا صلاحية الموافقة على المصالحات وبالتالي قبول الرجوع عن الدعاوى وابراء الذمم.

فهل يحق لشركة «ليبان بوست» المشاركة في المزايدة؟

وفق الشروط العامة، يجب استبعاد أي عارض صادر بحقه حكم قضائي مبرم، وهي حالة غير متوفرة بشركة ليبان بوست كون مجلس الشورى لم يبتّ في الدعوى العالقة أمامه.

ولكن دفتر شروط المزايدة ينصّ على أنّه «يجب ارفاق طلبه ببراءة ذمة من وزارة المال تثبت سداده لكافة الضرائب والرسوم ويشار فيها إلى عدم وجود أي ضرائب أو مدفوعات أخرى مستحقة للدولة. اذ أنّ براءة الذمة هي الاعلان عن أي مستحقات للجمهورية اللبنانية، بما في ذلك الإدارات والهيئات العامة، عبر الضرائب المباشرة/ غير المباشرة والتراخيص والرسوم والعقوبات وغيرها من الأموال التي ما زالت مستحقة للجمهورية اللبنانية، مع خطة تبيّن بالتفصيل كيف يعتزم العارض تسديد هذه المستحقات. اذا لم تترتّب على العارض أيّ أموال مستحقة للجمهورية اللبنانية، يجب تقديم إفادة تثبت ذلك».

بالنتيجة، وحسب هيئة القضايا والاستشارات، فإنّ للدولة اللبنانية مستحقات إضافية لم تسدد بعد، ولا يجوز بالتالي منحها براءة ذمّة، ما يعني أنّ اشتراكها بالمزايدة دونه خلل قانوني.