سلامة يُمعن في حماية المصارف المتعثّرة... مقابل هيركات 76% على حساب المودعين

02 : 00

قال رياض سلامة حاكم البنك المركزي إنّ لبنان سيتبنّى سعر صرف رسمياً جديداً هو 15 ألف ليرة للدولار الأميركي اعتباراً من الأول من شباط (أمس)، ما يمثّل انخفاضاً بنسبة 90 في المائة عن سعره الرسمي الحالي الذي ظلّ دون تغيير لمدة 25 عاماً.

ولا يزال التحوّل من السعر القديم البالغ 1507 إلى 15000 بعيداً عن السوق الموازية، حيث تمّ تداول الدولار مساء أمس بـ63 ألف ليرة.

وقال سلامة إن التغيير سيطبق على البنوك، ما يؤدي إلى انخفاض في حقوق ملكية المصارف التي هي في قلب الانهيار المالي للبلاد منذ 2019.

ويتوقع المحللون أن يكون لهذا التحوّل تأثير أقل على الاقتصاد الأوسع نطاقاً، والذي يتمّ تحويله إلى الدولار، بشكل متزايد وحيث يتمّ معظم التداولات وفقاً لسعر السوق الموازية.

وعلى الصعيد المصرفي فإن السعر الجديد يخفّض الرساميل من نحو 16 مليار دولار الى نحو 3 مليارات فقط، علماً بأن تلك الأرقام اسمية لأن البنوك شبه مفلسة بمجرّد أنها توقّفت عن دفع الودائع لأصحابها والتي كانت تبلغ عشية الأزمة 126 مليار دولار، ولم يبق منها إلا 95 ملياراً بفعل سحوبات منها خصوصاً بالليرة وهيركات وصل أحياناً 85%. والسنوات الخمس الجديدة التي منحها سلامة للبنوك لمعالجة خسائرها سيوازيها حتماً تذويب إضافي للودائع.

وبين الهندسات الجديدة التي ابتدعها حاكم مصرف لبنان لمساعدة البنوك إعادة تقييم العقارات على سعر صيرفة، واستخدام جزء منها (حسابياً) في حساب الأموال الخاصة.

في المقابل فإنّ سحوبات المودعين من ودائعهم الدولارية هي 15 ألفاً أي باقتطاع قسري (هيركات) نسبته 76% قياساً بسعر الدولار في السوق الموازية أمس.

الى ذلك فإن الهندسات تأتي على كيفية معالجة الخسائر بإعادة تقييم موجوداتها الداخلية والخارجية على سعر المنصة وتقسيط مراكز القطع المدينة على 5 سنوات. وتبلغ قيمة تلك المراكز بين 8 و9 مليارات دولار.

وقال سلامة لرويترز إن البنوك التجارية في البلاد «ستشهد انخفاضاً في جزء من حقوق الملكية لديها بمجرّد تحويله إلى دولار عند 15 ألفاً بدلاً من 1500».

وقال إنه من أجل تخفيف أثر هذا التحوّل، ستمنح البنوك خمس سنوات «لإعادة تعويض الخسائر الناجمة عن تخفيض قيمة العملة».

وقال سلامة إن التغيير إلى 15 ألفاً كان خطوة نحو توحيد أسعار الصرف المتعدّدة، تماشياً مع مسودة اتفاق توصّل إليه لبنان مع صندوق النقد الدولي العام الماضي، والذي حدّد شروطاً لإطلاق خطة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار.

لا تزال هناك عدة أسعار، بما في ذلك السعر الرسمي، وسعر منصة صيرفة الذي يبلغ حالياً 38 ألف ليرة للدولار، وسعر السوق الموازية.

قال أحد المحللين، مايك عازار، إن فترة الخمس سنوات لإعادة تعويض الخسائر لا تتفق مع وجهة نظر صندوق النقد الدولي القائلة بوجوب التعامل مع الخسائر بسرعة.

وأكد أنه بدون إطار شامل لإعادة الهيكلة المصرفية، سيتعيّن على البنوك زيادة رأس المال من المساهمين لتغطية خسائرهم أو نقل الخسائر إلى المودعين من خلال السماح لهم بالسحب من حسابات الدولار بالعملة المحلية.

وقال عازار، أستاذ الاقتصاد السابق في جامعة جونز هوبكنز: «لا يمكنهم فعل ذلك على الفور، لذا فإنّ البنك المركزي يمنحهم مهلة مدّتها خمس سنوات للقيام بذلك».

ولا يُتوقّع أن يؤدي التغيير في سعر الصرف إلى تخفيف أحد أكثر جوانب الأزمة إضعافاً للبنانيين العاديين - عدم القدرة على الوصول بحريّة إلى مدّخراتهم الدولارية.

في حين لم يتمّ فرض قيود على رأس المال رسمياً في لبنان أبداً، فقد فرضت البنوك منذ عام 2019 ضوابطها الخاصة، ما حدّ بشدة من عمليات السحب بالدولار والليرة اللبنانية.


MISS 3