جاد حداد

Just Mercy, Seberg, The Aeronauts... ثلاثة أفلام تتنافس على الجوائز!

7 شباط 2020

10 : 20

تكثر الأفلام الرائجة والمقتبسة من قصص حقيقية وغالباً ما يحصد هذا النوع من الأعمال الجوائز. لا تتقاسم الأفلام الثلاثة التالية أي نقاط من الناحية السردية، لكنها قصص من الواقع وتطمح إلى فرض نفسها وسط أعمال كثيرة.يعجّ فيلم Just Mercy (الرحمة بكل بساطة)، من إخراج ديستين دانيال كريتون، بالنجوم ويدعو إلى التمسك بالأمل واللطف في وجه مظاهر الظلم على أساس الانتماء العرقي حول العالم. لا أحد يستطيع إنكار هذا الواقع! لا شك في أن الفيلم يحمل رسائل مقنعة، كتلك التي تتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام في الولايات المتحدة، لكنه يطرح هذه الأفكار بطريقة سطحية ويعجز عن التعمق في القصة التي يتطرق إليها.يقدم الممثل العظيم مايكل ب. جوردان المستوى المناسب من الشغف الفكري لأداء دور "براين ستيفنسون"، خرّيج قانون من جامعة "هارفارد" ينتقل إلى ألاباما ويفتح مكتباً صغيراً يُعنى بمنع إعدام الأبرياء. يتعاون "براين" مع "إيفا أنسلي" (بري لارسون في دورٍ يهدر موهبتها على نحو صادم) ويستلمان معاً أصعب القضايا في "إصلاحية هولمان"، حيث نقابل رجلاً يقوده اضطراب إجهاد ما بعد الصدمة إلى قرار سيئ جداً (يسرق روب مورغان الأضواء بهذا الدور)، وآخر اعتُقِل بسبب لون بشرته (أوشي جاكسون جونيور). لكن يجمع أبرز لقاء مؤثر بين "براين" و"والتر ماكميليان" (جيمي فوكس)، وهو رجل بريء بكل وضوح من الجريمة التي أوصلته إلى حكم الإعدام. لقد كان ضحية قضية أراد رجال شرطة عنصريون حلّها بأي طريقة ونائب عام متعصب (رايف سبال بأداء كاريكاتوري). هل يستطيع "براين" إنقاذ حياة "والتر"؟

يسهل أن ينال هذا الفيلم الإعجاب نظراً إلى رسائله الكامنة، لكنه يفتقر إلى الجوانب العميقة والمؤثرة.

كان صانعو فيلم Just Mercy يعرفون القصة التي أرادوا سردها على الأقل، على عكس Seberg للمخرج بينيديكس أندروز. يفتقر هذا الفيلم إلى وجهة واضحة أو رسالة قيّمة لدرجة أن تصبح مشاهدته تجربة مزعجة. رغم مشاركة كريستين ستيوارت المدهشة بدور "جان سيبيرغ"، يتلاشى الاهتمام بمضمونه قبل انتهاء مئة دقيقة من عرضه.تدور أحداث Seberg في أيار 1968، بعد تصوير فيلم Saint Joan للمخرج أوتو بريمينغر، فتتغير حياة "سيبيرغ" إلى الأبد.

بعدما أصبحت هذه الممثلة مشهورة عالمياً بفضل تعاونها مع المخرج الفرنسي جان لوك غودارد، تجد صعوبة في تحديد مسارها اللاحق، فيُشجّعها مدير أعمالها (ستيفن روت) على تقديم تجربة أداء للمشاركة في فيلم Paint Your Wagon (ارسم عربتك)، بعدما تترك زوجها في فرنسا للسفر إلى ديارها في لوس أنجليس.

على متن الطائرة، تقابل "حكيم جمال" (أنطوني ماكي)، ناشط في "حزب النمر الأسود"، فتتحالف معه وتلفت أنظار السلطات سريعاً.يحاول الفيلم أن يطرح قصة عن خليط الثقافة والنشاط السياسي للمشاهير، وتداعيات التدخل الحكومي، وطريقة مراقبة حركة "النمر الأسود"، فضلاً عن تقديم شخصيتَي ممثلة وعميل ما كان يجب أن يتقابلا يوماً. لكن لا يستكشف الفيلم أياً من هذه المواضيع بعمق. أي فيلم يهدر مواهب مجموعة لامعة من الممثلين (منهم مارغاريت كوالي وزازي بيتز) يجب أن يُصنَّف كجريمة سينمائية تستحق أن تلاحقها السلطات المختصة!

أخيراً، يبرز فيلم ممتع آخر من إنتاج "أمازون" وهو مقتبس بدوره من قصة حقيقية. ورغم التحفظات على فيلم The Theory of Everything (نظرية كل شيء) الذي شارك فيه البطلان نفسهما، يروي The Aeronauts (الطياران) للمخرج توم هاربر قصة مغامرة وصمود لا تضاهيها قصص كثيرة اليوم. حين يُركّز الفيلم على حبكته الأساسية، نصبح أمام ملحمة حقيقية بين شخصين يقومان بالمستحيل، فيحلّقان فوق الأرض أكثر مما فعل أي رجل أو امرأة يوماً. يتّسم العمل بتصوير سينمائي متقن وتصميم صوتي مدهش، وتقدم بطلة القصة أداءً مؤثراً ومقنعاً.

كان فيلم Theory من بطولة فيليسيتي جونز وإيدي ريدماين، وهما يجتمعان هذه المرة في قصة هاربر بدور راكبَي منطاد. يجسّد ريدماين دور رجل مقتنع بأن كسر الرقم القياسي في علو المنطاد سيُعلّمه الكثير عن الطقس (هو من اخترع علم الأرصاد الجوية المعاصر). لكنه يحتاج إلى مساعد طيار، فيجد ما يبحث عنه في "أميليا ورين" المغامِرة (جونز). تكون "ورين" امرأة جريئة جداً وقد توفي زوجها في حادثة منطاد. أما "جيمس غليشر" (ريدماين)، فيصرّ دوماً على إثبات نفسه أمام كل من يشكك به. بعبارة أخرى، سيكتشف الاثنان ما يحتاجان إليه في الحياة وهما فوق الغيوم.

يصعب أن نتوقع مشاهدة مغامرة ممتعة لهذه الدرجة طوال المدة التي يخصصها الفيلم للمشاهد في الهواء. يواجه بطلا القصة عدداً من العوائق المفاجئة طبعاً، بما في ذلك عاصفة لا ينتظرها "غليشر" ثم قضمة صقيع في نهاية المطاف. سرعان ما يتحول The Aeronauts إلى حكاية صمود، وتصبح جونز بطلة حركة غير متوقعة. حبذا لو بقي الفيلم كله في الهواء، لأنه يصبح سطحياً ومتوقعاً حين يعرض لقطات من الماضي لتوضيح خلفية البطلَين، لكنه يحافظ على هذه الأجواء الحالمة لمدة كافية في مطلق الأحوال. من المؤسف أن يشاهد معظم الناس هذا الفيلم على شاشات صغيرة. إنها مغامرة تقليدية ولا شك في أنها تستحق مشاهدتها على أكبر شاشة ومع أقوى نظام صوتي ممكن.


MISS 3