"صفقة القرن" تُفجّر مواجهات دمويّة متفرّقة

عمليّة دهس تهزّ القدس

10 : 26

في تصعيد للتوترات عقب الإعلان عن خطّة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط، أُصيب 14 شخصاً بينهم 12 جنديّاً إسرائيليّاً بجروح، فجر أمس، في عمليّة دهس بسيّارة في وسط القدس، فيما قُتِلَ ثلاثة أشخاص بينهم فلسطينيّان، خلال مواجهات عنيفة مع جنود إسرائيليين.

وإذ أعلن الجيش الإسرائيلي مساء أمس اعتقال المشتبه بتنفيذه عمليّة الدهس، أوضح في بيان أنّه "في أعقاب عمليّة واسعة قام بها الجيش وجهاز الاستخبارات، اعتقلت الشرطة الإسرائيليّة والوحدات الخاصة الإرهابي منفّذ الهجوم بسيّارة"، في حين جاء في بيان باللغة العربيّة للمتحدّث باسم الشرطة الإسرائيليّة: "تمّ إلقاء القبض على المخرّب في مفترق غوش عتصيون وأُحيل إلى التحقيق لدى قوّات الأمن".

وبحسب الجيش، فإنّ "هجوماً بواسطة الدهس بسيّارة وقع في القدس"، في منطقة تضمّ مقاهي ومطاعم في القدس الغربيّة، مشيراً إلى إصابة جندي "بجروح بالغة" و11 آخرين "بجروح طفيفة"، بينما كشفت منظّمة الإسعاف الإسرائيليّة "نجمة داوود" أنّها عالجت ونقلت إلى المستشفيات 14 شخصاً أصيبوا في العمليّة. ووفق الشرطة، صدمت السيّارة حشداً قرابة الساعة 1:45 (23:45 ت غ). وفتحت الشرطة تحقيقاً في "هجوم إرهابي". وأوضح أحد المسعفين أهارون بومب لوسائل الإعلام أن "ما لا يقلّ عن ثمانية أشخاص عولجوا لإصابتهم بصدمات".

وعَثَرَ الجيش الإسرائيلي في وقت سابق على السيّارة التي استُخدمت في العمليّة. كما أشار الجيش إلى قراره الدفع "بقوّات إضافيّة في يهودا والسامرة"، أي الضفة الغربيّة، فيما هنأ رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو، أثناء جولة تفقديّة أمنيّة في محيط مستوطنات غوش عتصيون جنوب مدينة بيت لحم، "جنود جيش الدفاع الإسرائيلي ومقاتلي الحدود ورجال الشرطة الذين يعملون من أجل أمننا على مدار الساعة طوال أيّام الأسبوع". وأضاف عقب اعتقال المنفّذ "أودّ أن أقول شيئاً لأبو مازن: هذا لن يُساعدك، لا الطعنات ولا عمليّات الدهس، ولا القنص ولا التحريض". وتابع نتنياهو أنّه "سيفعل كلّ ما يتطلّبه الأمر لحماية أمننا وتحديد حدودنا وتأمين مستقبلنا، سنفعل ذلك معاً، معك أو من دونك". كما زار نتنياهو الجرحى والمصابين في عمليّة الدهس.

أمّا في قطاع غزة، فاعتبرت حركة "حماس" أن عمليّة الدهس "فعل مقاوم"، ردّاً على خطّة ترامب للسلام التي يرفضها الفلسطينيّون. وقال الناطق باسم "حماس" حازم قاسم في بيان: "الفعل المقاوم في قلب القدس المحتلّة هو ردّ شعبنا العملي على إعلان صفقة ترامب التصفويّة"، في وقت شنّت مقاتلات إسرائيليّة فجر الخميس غارات عدّة على مواقع معظمها لـ"حماس" في القطاع، ردّاً على إطلاق قذيفتَيْ هاون وبالونات حارقة من القطاع في اتجاه إسرائيل.

وبعد ساعات على الهجوم، أعلن المتحدّث باسم الشرطة الإسرائيليّة ميكي روزنفيلد أن الشرطة قَتَلَت مسلّحاً أطلق النار على عناصرها في البلدة القديمة بالقدس وأصابهم بجروح طفيفة. وتابع: "أطلقت قوّاتنا النار على المهاجم فقُتل". ووفق قائد الشرطة الإسرائيليّة للبلدة القديمة، فإنّ منفّذ الهجوم من سكان شمال إسرائيل واعتنق الإسلام حديثاً ومعروف لدى الشرطة بمخالفاته الجنائيّة.

وقال قائد مديريّة البلدة القديمة العميد حاييم شموئيلي في شريط فيديو للصحافيين إن "المهاجم وصل في حدود الثانية عشرة ظهراً وترجّل من سيّارته بالقرب من باب الأسباط واتجه نحو جبل الهيكل (الحرم الشريف) واستلّ مسدّسه وبدأ إطلاق النار على أفراد الشرطة المتمركزين هناك"، مضيفاً: "ردّت عليه قوّاتنا بإطلاق النار وأردته قتيلاً".

وعلى صعيد متّصل، أعلن الجيش الإسرائيلي إصابة جندي إسرائيلي بجروح طفيفة خلال تبادل لإطلاق النار عند تقاطع طرق بالقرب من مدينة رام الله (شمال).

وفي وقت سابق الخميس، لفتت وزارة الصحة الفلسطينيّة إلى مقتل عنصر الشرطة طارق أحمد بدوان في جنين في شمال الضفة الغربيّة "متأثّراً بجروح حرجة بالرصاص الحي في البطن، أُصيب بها فجر اليوم"، خلال مواجهات مع جنود إسرائيليين. وأوضحت الوزارة أن بدوان أُصيب "بينما كان في ساحة مقرّ الشرطة قرب منزل اقتحمته القوّات الإسرائيليّة لهدمه في مدينة جنين، حيث اندلعت مواجهات". وكان القتيل الثاني خلال ساعات الذي يسقط برصاص إسرائيلي. فقد أُعلن في ساعة مبكرة الخميس عن مقتل الشاب يزن منذر أبو طبيخ، البالغ من العمر 19 عاماً، وإصابة سبعة أشخاص آخرين بجروح في صدامات مع الجيش الإسرائيلي في جنين.

وأفاد شهود عيان بأنّ المواجهات وقعت حين قام شبّان برشق الحجارة على قوّات إسرائيليّة اقتحمت المدينة لهدم منزل فيها، في وقت ذكر الجيش أن القوّة الإسرائيليّة هدمت منزل أحمد القنبع، وهو معتقل فلسطيني متّهم بالمشاركة في خليّة نفّذت هجوماً قُتِلَ فيه حاخام في كانون الثاني 2018، قرب نابلس في الضفة الغربيّة. وأشار الجيش أيضاً إلى أن الجنود رصدوا مسلّحين ألقوا متفجّرات وأطلقوا النار عليهم، فردّت القوّات عليهم.

وفي مدينة بيت لحم، أفاد مصوّر وكالة "فرانس برس" بإصابة مصوّر صحافي برصاصة مطاطيّة في البطن خلال مواجهات اندلعت صباح الخميس في أنحاء متفرّقة من المدينة، إذ أطلقت القوّات الإسرائيلية قنابل الغاز والرصاص المطاطي في اتجاه الشبّان الذين شرعوا بإلقاء الحجارة. كما دهمت القوّات الإسرائيليّة عدداً من المنازل والمحال التجاريّة وصادرت كاميرات مراقبة.

وكانت مدينة الخليل (جنوب) قد شهدت بدورها الأربعاء مقتل محمد سلمان الحداد (17 عاماً)، خلال احتجاجات عنيفة ضدّ خطّة الرئيس الأميركي التي استمرّت بالأمس أيضاً، إذ حصلت صدامات بين متظاهرين فلسطينيين غاضبين وجنود إسرائيليين.

من جهتها، دانت الرئاسة الفلسطينيّة ما اعتبرته "تصعيداً إسرائيليّاً"، والذي أدّى إلى "استشهاد أربعة شبّان برصاص قوّات الاحتلال وجرح العشرات"، محمّلةً "صفقة القرن" مسؤوليّة التصعيد. ورأى الناطق باسم الرئاسة الفلسطينيّة نبيل أبو ردينة أن "صفقة القرن هي التي خلقت هذا الجوّ من التصعيد والتوتر، بما تُحاول فرضه من حقائق مزيّفة على الأرض". ومن المقرّر أن يصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى الأمم المتحدة الأسبوع المقبل، بحيث من المتوقّع أن يُلقي خطاباً يتناول معارضته للخطّة الأميركيّة.