إرتياح عام لخطبته في ساحات الاعتصام

السيستاني يُطالب القوّات الأمنيّة بحماية الثوّار

12 : 26

الثوّار يرفعون صورة ضخمة للسيستاني قبالة "ساحة التحرير" في بغداد أمس (أ ف ب)

ندّد المرجع الديني الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني أمس، بأعمال العنف الأخيرة ضدّ ثوّار "بلاد الرافدين"، إذ تعرّضوا لهجمات دمويّة من قبل أنصار للزعيم الشيعي مقتدى الصدر، مطالباً قوّات الأمن بعدم "التنصّل" من واجباتها في حماية المعتصمين.

ووصف السيستاني في خطبة صلاة الجمعة التي تلاها ممثله أحمد الصافي في مدينة كربلاء، الأحداث الدمويّة الأخيرة، بأنّها "مؤسفة ومؤلمة... سُفكت فيها دماء غالية بغير وجه حق". وبينما دان "كلّ الاعتداءات والتجاوزات التي حصلت من أي جهة كانت"، شدّد في الوقت عينه على أنّه "لا غنى عن القوى الأمنيّة الرسميّة في تفادي الوقوع في مهاوي الفوضى والإخلال بالنظام العام". لكنّه طالبها بأن "تتحمّل مسؤوليّة حفظ الأمن والاستقرار، وحماية ساحات الاحتجاج والمتظاهرين السلميين، وكشف المعتدين والمندسين"، معتبراً أنّه "لا مبّرر لتنصّلها من القيام بواجباتها في هذا الإطار، كما لا مسوّغ لمنعها من ذلك".

وتستخدم قوّات الأمن القنابل المسيّلة للدموع والرصاص الحيّ في تعاملها مع التظاهرات، وهو ما ندّد به السيستاني أيضاً. وقدّمت خطبة السيستاني دعماً معنويّاً ملحوظاً للثوّار في "ساحة التحرير" في بغداد، حيث عبّروا عن ارتياحهم الكبير لها، مجدّدين ثقتهم بالمرجعيّة العليا.

وفي هذا الصدد، قال علي، الناشط في الثورة المطالبة بالتغيير السياسي منذ بدايتها، لوكالة "فرانس برس": "كنت أُشاهد (الخطبة) وخشيت أن تكون عامة وأن تسمح بالمزيد من القمع ضدّ المتظاهرين"، مضيفاً: "لكنّه (السيستاني) وجّه رسالة مفادها أنّه لا يقبل إلّا بالقوّات الأمنيّة الرسميّة فقط، فلا قبّعات زرق (أنصار الصدر) ولا أحد آخر".

وفي الديوانيّة جنوباً، اعتبر المتظاهر محمد البولاني (26 عاماً) أنّ الخطبة أظهرت دعم المرجعيّة الشيعيّة العليا للمتظاهرين. وتابع: "هي الوحيدة التي بقيت واقفة مع مطالبنا وتُدافع عنّا، ونأمل في ألّا نفقد هذا الأمر المهمّ، كون الجميع من أحزاب وميليشيات وفصائل مسلّحة خارجة عن القانون، تُحاول إبادتنا وقتلنا كي تُنهي التظاهرات بأي وسيلة". توازياً، قُتِلَ أكثر من 543 شخصاً منذ بداية الثورة المناهضة للسلطة الحاكمة المدعومة من طهران في الأوّل من تشرين الأوّل، بحسب ما أفادت مفوضيّة حقوق الإنسان الحكوميّة في تقرير اطّلعت عليه "فرانس برس" أمس. ولم تُعلن وزارة الصحة أي حصيلة باستثناء اليوم الأوّل من الثورة، التي تُطالب باسقاط النظام السياسي وبرحيل الطبقة الحاكمة المتّهمة بالفساد والفشل، والتي ووجهت بالقنابل المسيّلة للدموع والرصاص الحي والاغتيالات.

وبعد أكثر من أربعة أشهر على اندلاع الثورة العراقيّة، خرجت المفوضيّة العليا لحقوق الإنسان عن صمتها، بعدما كانت اتّهمت في السابق مؤسّسات حكوميّة بالامتناع عن تزويدها بأعداد القتلى والمصابين والموقوفين. وبحسب المفوضيّة، أحد أكثر الأصوات الحكوميّة انتقاداً لطريقة إدارة السلطة للأزمة، قُتِلَ 543 شخصاً منذ انطلاق التظاهرات، بينهم 276 في بغداد وحدها. كما أوضحت أن بين القتلى 17 من عناصر الأمن.

وذكرت المفوضيّة أنّ عمليّات الاغتيال طاولت 22 ناشطاً، في حين فُقِدَ أثر 72 آخرين يُعتقد أنّ بعضهم لا يزالون محتجزين لدى الجهات التي قامت باعتقالهم. ووفقاً للتقرير ذاته، كانت هناك 2700 عمليّة توقيف بحق نشطاء، لا يزال 328 منهم قيد الاحتجاز.

وأفادت مصادر طبّية "فرانس برس" بأنّ عدد المصابين بلغ نحو 30 ألفاً منذ بداية التظاهرات، بينهم آلاف أُصيبوا بطلقات ناريّة، علماً أنّ الحكومة تتّهم مسلّحين مجهولين بالوقوف وراء عمليّات إطلاق النار، بينما يتّهم الثوّار عناصر تابعة لميليشيات "الحشد الشعبي" التي تدور في فلك النفوذ الإيراني، والقوّات الأمنيّة.

وكانت الأمم المتحدة قد اتّهمت جماعات مسلّحة بالوقوف خلف حملات الاغتيال والخطف والتهديد ضدّ الناشطين، في محاولة لقمع الثورة غير المسبوقة في العراق الذي يحتلّ المرتبة 16 على لائحة الدول الأكثر فساداً حول العالم.


MISS 3