شربل داغر

ماذا يجري في متحف "اللوفر"؟

13 شباط 2023

02 : 01

يستعيد متحف "اللوفر" حركة صفوف الزوار أمام مدخله، مثلما تأكدتُ بنفسي قبل ثلاثة أسابيع في باريس. هذا يعني، قبل أي شيء آخر، انحسار جائحة "كورونا"، وعودة السياح خصوصاً إلى السفر، وإلى الوقوف الصابر أمام الهرم الزجاجي المفضي إلى المتحف الأكثر زيارة في العالم.

هذا ما رافقتْه رئيسة المتحف، في حوار صحافي معها، بالحديث عن "حلول" جديدة لتسهيل وصول الزوار إلى قاعات المتحف الثمينة؛

وهو ما يعني العمل على زيادة عدد الزوار في واقع الأمر...

غير أن ما قرأتُ، بعد عودتي من باريس، أثار انتباهي أكثر إلى الحراك الجاري، وهو أن ما يصيب المتحف الفرنسي الأشهر يبدل وظيفته، بل يجعل له وظائف مستحدثة: دعت إدارة المتحف عشرين فناناً شاباً (دون الأربعين من أعمارهم) لصناعة فيديو (من ثلاث دقائق) يُعبر فيه كل فنان عن "تصوره" للمتحف الذي يرقى تأسيسه إلى أكثر من مئتي سنة ونصف.

بات المتحف قيد التصور من جديد، قيد التبلور، قيد التعديل، ولم يعد مخزنَ أعمالِ الفن "الخالدة"، وواجهةَ عرضِها.

بل أكثر من ذلك، وهو أن اللوفر يتحول- في جزء من سياساته ونشاطاته- إلى صالة عرض للفن... المعاصر تحديداً.

ما هو أكيد، أن المؤسسة الأكثر تقليدية ورسوخاً في "وظائف" مؤسسات الفن، أي المتحف، باتت تبحث عن سياسات ووسائل جذب جمهور عريض، غير طلاب الفن والفنانين والدارسين (كما كان عليه دورُها عند تدشينها، وطوال عقود وعقود).

باتت إدارة متحف اللوفر تفكر في اجتذاب قسم من أعداد السياح، الذين يجددون سنة تلو سنة كون العاصمة الفرنسية مدينة السياح الأولى في العالم.

وهو ما يفترض التنويع والتعدد والتجديد في سياسات العروض بالتالي...

هذه الحركة ليست بعيدة عما يجري في متاحف ومدن أخرى غير فرنسية. وهي تتشبه وتتوازى مع حراك اقتصادي عالمي، يقضي ببناء مؤسسات ذات توجه "عولمي"، وتستوعب ما عداها من مؤسسات "صغيرة" و"متوسطة".

لنفكر فقط في النقلات المتسارعة، في العقود الأخيرة، بين: "الدكان"، و"الماركت"، و"الميني ماركت"، و"المول"، و"السوبرمول" وغيرها...

بات الفن، بصورة أشد، في صلب حراك اقتصادي معولم، فيما يستمر الخطاب في الفن في تغييب هذه المحركات والتغييرات، وينصرف في صورة مزيدة إلى خطاب "عجائبي" عن الفن، من دون أن يحيط بتداوله الاستثماري والرمزي.


MISS 3