خاص - نداء الوطن

مخايل الضاهر أكثر من نائب وأقلّ من رئيس

16 شباط 2023

02 : 00

مخايل الضاهر

غاب في 14 شباط الحالي أحد آخر وجوه مجلس نواب 1972 وأحد أبرز المشرّعين فيه، النائب مخايل الضاهر عن عمر يناهز الـ95 عاماً. بغيابه تطوى صفحة من صفحات الماضي الذي ارتبط اسمه فيه بأكثر من مناسبة ولعلّ أهمّها مرحلة 1988 عندما تمّ التوافق عليه بين واشنطن ودمشق ليكون مرشحاً وحيداً لرئاسة الجمهورية. طرحه رئيس النظام السوري حافظ الأسد وحمل الإقتراح الموفد الأميركي روبرت مورفي إلى لبنان عارضاً مخايل الضاهر أو الفوضى. ولكنّه ووجِه بمعارضة مسيحية كبيرة أدّت إلى سقوطه وسقوط لبنان في الفوضى.

ولكنّ تاريخ مخايل الضاهر لا يُختصر بهذه الواقعة التي دخلت مرحلة التقييم اللاحق خصوصاً بعد التداعيات الكارثية التي نجمت عن تكليف رئيس الجمهورية أمين الجميّل العماد ميشال عون رئاسة الحكومة العسكرية الإنتقالية وانتقاله من حرب التحرير إلى حرب الإلغاء ونقل لبنان من جمهورية 1943 إلى جمهورية الطائف.

قيل وقتها إنّ الضاهر كان يمكن أن يكون رئيساً أفضل من خيار ميشال عون وإنّه أخطأ في أنّه لم يسوّق نفسه في بكركي حيث انعقد الإجتماع المسيحي النيابي الموسّع للبحث في مسألة الرئاسة قبل الفراغ. وقيل إنّه تمّ تحميله عبء الخيار السوري والتعهّدات التي قدّمها إلى دمشق شخصياً أو بواسطة شخصية أخرى كانت تتولّى تقديم هذه الأوراق. ولكن هذا الإحتكام إلى التاريخ لم يحصل إلّا بناء على مرّ التجربة العونية.

كان مخايل الضاهر ضدّ الدخول السوري إلى لبنان في العام 1976 ولذلك كان هناك استغراب كبير كيف أنّه تحوّل ليكون مرشح النظام السوري الرئاسي. ولكن تلك كانت آية من آيات العمل السياسي المحلي غير الثابت وغير القائم على ثوابت.

في العام 1995 عارض الضاهر التمديد للرئيس الياس الهراوي بشراسة مع علمه أنّه كان قراراً متّخذاً في دمشق. ربما كان يريد أن يكون هو المرشح مع أن مرحلة ترشيحه عام 1988 كانت قد طويت. ولذلك اعتبر أنّ خسارته في انتخابات 1996 النيابية كانت مؤامرة عليه دبّرها الهراوي مع السوريين الذين فضّلوا عليه رجلهم الجديد فوزي حبيش في القبيات. صار الصراع مفتوحاً بين الشيخين الضاهر وحبيش وانتقل لاحقاً من الأب فوزي إلى الإبن هادي. لذلك طعن الضاهر بانتخاب فوزي أمام المجلس الدستوري فتمّ قبول الطعن وأعيدت الإنتخابات وحاول الضاهر وقتها أن يصوّر نفسه ضحية النظام السوري وأن يحصل على تأييد المسيحيين المعارضين لسوريا وخصوصاً في القوات اللبنانية ولكنه لم ينجح في الإنتخابات التي أعيدت.

عاد الضاهر إلى المجلس النيابي في العام 2000 وخرج منه في العام 2005 ثم ترشّح في العام 2009 وطعن مجدّداً بفوز هادي حبيش. ولكنه فشل في استعادة مقعده النيابي. حرب النيابة بينه وبين حبيش طوياها في انتخابات 2016 البلدية عندما ارتضى أن يعلن مع حبيش لائحة البلدية من دارته تحت شعار التحالف ضدّ الأحزاب.

آخر نشاط قام به الضاهر في العام الماضي كان زيارته إلى الرئيس ميشال عون في بعبدا قبل انتهاء ولايته. طوال حياته السياسية بقي مهتمّاً بالمقعد النيابي وبقي أكثر من مجرّد نائب وأقلّ من رئيس.


MISS 3