عودة للنّوّاب: إنتخبوا رئيساً يقود السّفينة إلى ميناء النّجاة

13 : 08

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للرّوم الأرثوذكس المطران الياس عودة، خدمةَ القدّاس الإلهيّ في كاتدرائية القديس جاورجيوس.


بعد قراءة الإنجيل المقدّس، ألقى عظة، قال فيها: "إنّ من حق كل إنسان أن يعامل على أنه كائن مخلوق للحب لا للاستغلال. لذلك، إن الجوع والعطش والعري والتغرب والمرض لا تكون بسبب الأمور المادية فقط، بل بسبب غياب المحبة الواجب تقديمها مجاناً إلى كلّ شخص على هذه الأرض الفانية. هنا ننوّه بما رأيناه في الأيام القليلة الماضية، حيث إنّ بلداناً بينها عداواتٌ تاريخيةٌ متجذرة، قامت بفتح حدودها بمعابر إنسانيّة مفعمة بالمحبة الإلهيّة، من أجل إغاثة الإخوة المنكوبين جرّاء الزلزال المدمّر. هذا مثالٌ حيٌّ عن المحبة التي يشاؤنا الرب أن نظهرها تجاه الآخر، تلك المحبة التي «لا تسقط أبداً (1كو 13: 8). متديّنون كثيرون يظنون أنّ الدين هو ترداد صلوات وإضاءة شموع وحرق بخور، فيتعلّقون بالشّكليات ويهملون الأهم. الشّركة مع الآخر هي جوهر الدين، وغيابها يعني غياب الدين بأكمله. إننا قادمون نحو صومٍ ننقطع فيه عن الطعام، ليس من أجل تخفيف الوزن والاهتمام بصحّة الجسد، بل من أجل توفير الأموال التي نصرفها على ملذّات البطن بغية استخدامها في إشباع أخينا الجائع، وإرواء عطشه، وتدفئة جسده العريان، وتأمين حاجات المريض، والوحيد، والمنبوذ، والمشرد. هنا تكمن دينونتنا، لا في تعداد السّجدات والصلوات والتسابيح، على أهميتها".


ولفت إلى أنّ "دينونة البشر الذين لا يعرفون المحبة كبيرة، فكيف إذا كانوا من المسؤولين عن شعبٍ بأكمله؟ سنواتٌ مرت والأوضاع السياسيّة والاقتصاديّة تنهار، وعملتنا الوطنيّة تتدهور إلى حضيضٍ غير مسبوق، ولم نشهد جهداً من أجل إنقاذ الشعب من هذا المصير. هل انتفى الشّعور الوطنيّ، أم أن غياب الشعور الإنسانيّ يفقد الإنسان إنسانيّته فيتحول إلى وحشٍ بشريّ لا يفكر إلا بـ "أناه"، ولو على حساب الآخر المريض والجائع والموجوع؟".


وسأل: ألا يخجل كلّ من يسمي نفسه مسؤولاً أو زعيما من تحويل الشعب اللبناني الحيّ والمبدع إلى شعبٍ خائفٍ وجائعٍ ومتسوّلٍ وطالب للهجرة؟ ألا تخجلون من عنادكم ومن تشبثكم بمواقفكم وتقديم مصالحكم ومصالح من ترتبطون بهم على مصلحة بلدكم وشعبكم؟ كيف تعيشون مع ثقلِ الآثام التي ترتكبونها بحقّ وطنكم؟ ألا يُحرّك الوضع الّذي أوصلتم البلد إليه ضمائركم؟ وهل القائد قائد لجماعته أم على مستوى الوطن؟ وهل المسؤول مسؤول عن طائفته أم عن الوطن؟ متى نسترد دولتنا من براثن الأنانيين وأصحاب المصالح وأرباب الاستبداد؟ ألم يحن وقت لجم الشهوات المتسلطة على النفوس، ولجم الدولار الجامح، ولجم الخلافات التافهة أمام انهيار دولة ومجتمع؟ هل يبني العناد وطناً؟ وهل الرئيس الواجب انتخابه رئيس لفئةٍ أم إنّه رئيس للجمهورية، يخصّ جميع اللبنانيين، ومن واجب جميع النواب التحرّك سريعاً من أجل تسهيل انتخابه وبدء مسيرةِ الإصلاح والإنقاذ؟ دينونة المسؤولين عظيمةٌ لأنّ الشعبَ جاع فلم يطعموه، ولم يكسوا عريه ولم يؤمّنوا له الدواء، وما زالوا يُمعِنون في التنكيل به. الويل لكلّ من فعل هذا بإخوة يسوع الصغار، إلا أنّ زمان التوبة لم يول بعد. أنتم أمام فرصة للتكفير عن خطاياكم تجاه شعبكم، فانكبّوا على العمل، وانتخبوا رئيساً يقود السفينة إلى ميناء النجاة، وسهلوا تأليف حكومة أصيلة تستطيع إدارة مؤسّسات الدولة وإخراجها من أزماتها".


وختم عودة: "نحن مدعوون اليوم إلى تقديم المحبّة المجانيّة للجميع من دون استثناء، لأنّ الرب خلقنا جميعاً على صورته ومثاله، وشمسه تشرق على الأشرار والصالحين، فأحبوا لكي ترثوا ملكوت الله، آمين".

MISS 3