ميشال قزح

هل استعمل مصرف لبنان الذهب؟

20 شباط 2023

02 : 00

بعد أقلاع طائرتي، لدى عودتي من دبي الى بيروت، بدأت تصفّح مجموعة الافلام المعروضة على متن طيران الشرق الاوسط. فوجدت فيلماً وثائقياً بعنوان «الحاكم بأمر الليرة».

يتحدّثون في الوثائقي عن مرحلة التسعينات، وعن مرحلة الحريري الأب الذي قام بإنقاذ البلد في حينها.

من يشاهد الوثائقي يفهم بأنّ الحاكم بأمر الليرة هو حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ولا يزال لغاية اليوم.

هو الرجل الذي يجلس في مكتبه يخطّط ويدخّن سيغاره الكوبي، ويضع مفتاح خزنة الذهب في جيب سترته السرية المخيّطة خصوصاً له بحسب تقليد قام به المرحوم الياس سركيس.

المخطط اليوم هو استعمال الذهب! فمع تغيير سعر الصرف الرسمي من 1507.5 الى 15,000 ليرة نشر مصرف لبنان ميزانيته النصف الشهرية في 15 شباط، وقام بإعادة تقييم موجوداته والتزاماته بحسب سعر الصرف الجديد.

قد يكون ذلك شيئاً عادياً عند الجميع، ولكن لن يمرّ مرور الكرام عند من يفهم بعالم المال.

مصرف لبنان يدين بمجموع 90 مليار دولار بالدولار ودائع للمصارف أي للمودعين، وإعادة تقييمها على سعر صرف 15000 يخسّره 1220 تريليون ليرة.

لتغطية هذه الخسائر خلق ديناً على الدولة بمجموع 16,5 مليار دولار اي ما مجموعه 248 تيرليون ليرة،

واستعمل الأرباح من إعادة تقييم الذهب والاحتياطات بمجموع 425 تيرليون ليرة.

ولتغطية الفارق خلق حساباً جديداً في ناحية الاصول بمجموع 548 تريليون ليرة هي بالفعل ليست أرباحاً بل خسائر وسيستعمل مجدداً فارق اعادة تقييم الذهب لتسكيرها في المستقبل القريب، عندما يقوم بإعادة تقييم الذهب على سعر صرف السوق.

الخسائر:(1220) تريليوناً

الذهب والاحتياط: 425 تريليوناً

دين على الدولة: 247 تريليوناً

فروقات تقييم: 548 تريليوناً

الثابت في الموضوع بأن مصرف لبنان لديه فجوة بمجموع حوالى 80 مليار دولار، وهي خسائر راكمها على مدى السنوات في حساب «أصول أخرى». وقد بدأ مصرف لبنان بالفعل بتسكير هذه الخسائر بوضع دين على الدولة 16 مليار دولار واستعمال 16 مليار دولار من احتياطي الذهب، وبالتالي هو يمهّد الطريق لتحميل الدولة ربع الخسائر المتراكمة، ومصرف لبنان ربع الخسائر ليترك النصف الثاني من الخسائر لتتقاسمها المصارف والمودعون.

هو الحاكم بأمر المال، لا يهمّه صندوق نقد ولا حكومة ولا مجلس نوّاب. بل يحلّ الأزمة على طريقته ولو لم يعجبنا الأمر.

هو أيضاً الحاكم بأمر الليرة التي تدفع اليوم ثمن سياساته الخاطئة المدمّرة بانهيار متسارع لن يوقفه سوى القبول بالتمديد له!

(*) مستشار مالي


MISS 3