جاد حداد

What/‏If... رينيه زيلويغر تُنقذ المسلسل

18 شباط 2020

11 : 00

الممثلة رينيه زيلويغر

يبدأ مسلسل What/If (ماذا لو) بمناجاة فردية، فنتساءل عن الجهة التي تتوجه إليها تلك الشقراء الغامضة واللاذعة حين تتكلم عن القدر وتقدير الذات والأخلاق والنفوذ والمجازفات والمكافآت. قد نتخيل أسوأ السيناريوهات المحتملة، لكن تبقى الحقيقة أقل من التوقعات. سرعان ما نكتشف أنها تتكلم وحدها أمام مسجّل صوتي. هي ترتجل فصلاً من أحدث كتاب لها، فتكتب عنوانه على ورقة فخمة حين تبلغ تهديداتها ذروتها وتشدد على عبارة "بأي ثمن"!

تبدو تلك المناجاة الفردية أشبه بنسخة مصغّرة عن أول موسم من What/If، المسلسل الجديد على شبكة "نتفلكس"، من كتابة مايك كيلي (من أعماله مسلسل (انتقام) Revenge). العمل مبالغ فيه بدرجة معينة، كما أنه مخيّب للآمال على نحو غريب رغم تلاحق سلسلة من الأحداث المشوقة. يركّز المسلسل على طرح مسائل فلسفية وأخلاقية كبرى، لكنه يكتفي باستعمال كلمات تناسب هذه المواضيع بطريقة عشوائية. وحالما يشعر المشاهدون بالملل، يستعمل المسلسل أفكاراً لافتة مثل رمزية شجرة بونساي. في المقام الأول، يستفيد مشهد المناجاة الفردية، والمسلسل عموماً، من حضور رينيه زيلويغر التي تؤدي دور "البطلة القوية"! يسهل أن نشعر بأن الدور كُتِب في الأساس لرجل قبل أن يغيّر الكاتب رأيه ويجعل البطولة نسائية.

حين لا تظهر زيلويغر على الشاشة، يبدو المسلسل فارغ المضمون في معظمه، فيصبح أقرب إلى نسخة مستحدثة من المسلسلات القاتمة والغامضة التي تتخذ منحىً سطحياً ويسهل نسيانها بعد مشاهدتها. وحين تظهر زيلويغر في أي مشهد، لا يتحسن مستوى العمل لكنها تعطيه طابعاً مشوقاً وتجبر المشاهدين على المتابعة.تؤدي زيلويغر دور "آن مونتغومري"، سيدة أعمال رأسمالية غامضة وشخصية نافذة في عالم المال (خليط من شيريل ساندبيرغ وسوزي أورمان لكن مع خصائص المرأة الفاتنة التي نشاهدها في أعمال التشويق الأميركية الغامضة). تحمل الشخصية هذه المواصفات ظاهرياً، لكنها تبدو مستوحاة من الناحية الدرامية من دور "جون كايج" الذي أداه روبرت ريدفورد في فيلم Indecent Proposal (عرض غير لائق).



يؤثر هذا العمل بكل وضوح على مسار الموسم الأول (مع أن الحب لا يؤدي أي دور هذه المرة). لأسباب تبقى غامضة عمداً، تستهدف "آن" "ليزا دونوفان" (جاين ليفي بشخصية أساسية تعاكسها الظروف بكل بساطة). تدير "ليزا" شركة طبية هشة لكن مبتكرة اسمها "إيميغن"، وتهدف إلى مساعدة المصابين بأمراض قابلة للشفاء لكنها حادة لدرجة ألا تداويها العلاجات التقليدية. إنها ظروف مؤاتية كي تتدخل "آن" وتنقذ الوضع مقابل تمضية ليلة مع "شون"، زوج "ليزا" (بلايك جينير).

لكن يمنع أحد بنود العقد الزوجين من مناقشة ما يحصل خلال تلك الليلة لأي سبب.من الناحية السردية، يُعتبر هذا الشرط الأخير من أكثر الجوانب إثارة للاهتمام في المسلسل: لا تبدو أحداث تلك الليلة مهمة بقدر عجز الزوجين عن مناقشة حقيقة ما حصل. يستمر هذا الوضع لفترة، ويجد كيلي ومساعدوه طرقاً فاعلة للتركيز على هذه الفكرة في الحبكات الفرعية التي تتمحور حول عدد كبير من الأشخاص في حياة "ليزا" و"شون" (شقيق يتخبط بين تحديد هويته الجنسية وشريكه المريض، وامرأة تواجه المشاكل بسبب علاقتها مع أحد زملاء عملها من دون علم زوجها، وزميلا "ليزا" اللذان يلحظان ألاعيب "آنا"). لكن يتصدّع مسلسل What/If فعلياً حين نبدأ بالتركيز جدياً على الأفكار التي يطرحها، فندرك أن الحبكة (وأداء زيلويغر المثالي) تبدو مثيرة للاهتمام أكثر من الشخصيات والمواضيع المطروحة. بدل أن تتدهور العلاقة بين الزوجين وينفصلا بسبب الحقائق الخفية، يخبرنا المسلسل بكل بساطة بأن زواجهما أصبح مهدداً الآن ويعيش الجميع في حالة من الإحباط.


MISS 3