طوني فرنسيس

مجلس بلدي حكومي وعطلة مدرسية نيابية

28 شباط 2023

02 : 00

في ختام التحليل يبدو أنّ الشعب اللبناني، عبر ناخبيه، هو المسؤول عن الانسداد القائم في مسألة انتخاب رئيس الجمهورية، وتالياً تسمية رئيس للحكومة وتشكيل حكومة جديدة. فمن دون مسار الانتخاب والاختيار هذا، سيستمر الوضع على ما هو عليه. بلدٌ من دون رئيس ومن دون حكومة قادرة، ما يُبقي مختلف الأزمات على تفاقمها، اقتصادياً ومالياً واجتماعياً وأمنياً وقضائياً وإدارياً...

الإستعصاء القائم في عملية تجديد الهيئات الدستورية مردّه عدم قدرة الكتل النيابية زرافاتٍ ووحداناً على إحداث الخرق بالانتخاب، وليست مشكلة هذه الكتل في عدم الرغبة بذلك، بالعكس، لدى كل منها مرشحه للرئاسة المعلن وغير المعلن، ولدى كل نائب مرشحه لرئاسة الحكومة، لكن مشكلة المجلس النيابي المنبثق من خيارات الناخبين في الدورة الأخيرة، أنّ ما من تكتل فيه قادر على جمع أكثرية نيابية تحقق له مبتغاه، وفي ظل الانقسام الحاد والحقيقي حول مصير البلد ووجهته يصعب توافق الكتل على خيار موحد. فحصول مثل هذا الأمر، في ظروف الانقسام القائم، سيكون استسلاماً من فريقٍ للآخر، وهزيمة رؤية لمصلحة رؤية أخرى، وهو ما لا يمكن تصور حصوله حتى اللحظة.

لكن ما يصعب تصوره قد يحصل في بلد فقد الانتخاب فيه محتواه، وصارت مفاهيم البرلمانية والديمقراطية والقانون والدستور وتداول السلطة فولكلوراً يجري التغني به في المناسبات، فمنذ الخروج السوري من لبنان وانفكاك قبضته المباشرة على الحياة السياسية، تكرر دوس الديمقراطية والأغلبية وفرض الترهيب تفسيره للدستور ووصلنا إلى ما نحن فيه اليوم.

يمكن تحميل جزء من المسؤولية إلى الناخبين عندما اختاروا مجلسهم النيابي من دون أكثرية نيابية حاسمة وقادرة على الحسم، لكن استنتاجاً من هذا النوع سيفترض وجود مخرج في حلّ المجلس النيابي وإجراء انتخابات جديدة وهو ما تلجأ إليه الأنظمة الديمقراطية عادة. وفي الحالة اللبنانية يستحيل القيام بذلك، والأخطر أنّ حصوله قد لا يغيّر شيئاً في المعادلة. لقد جعل المستفيدون من النظام حلَّ المجلس أمراً مستحيلاً، وخاطوا قانوناً للانتخابات يجعل وصولهم على رأس كتل مناسبة إلى المجلس أمراً مضموناً، ومع ذلك، لو جرت انتخابات جديدة بقانون جديد، فإن التغيير والحسم في البرلمان سيبدوان مستحيلين طالما أنّ هناك من يضع عناوين مصالحه الخاصة هدفاً مستقبلياً للبلد وأهله، ويستخدم في سبيل تحقيق غايته مسدسات وقمصاناً وصواريخ وصوتاً يقول للآخرين ببساطة: ستخسرون!

في ظروف كهذه يبدو عبثياً البحث عن مخارج، اللهم الّا اذا توفرت صحوة وطنية غير متوقعة توفر أرضيةً جدية للبحث بإخلاص عن مخارج، وفي انتظار تلك الصحوة سيستمر الانهيار على مختلف المستويات، فيما يواصل المجلس البلدي الحكومي اجتماعاته بمن حضر وينصرف نواب المجلس إلى عطلتهم المدرسية المديدة.


MISS 3