باتت الحملة الاستهدافية القديمة - الجديدة التي يشنّها رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل على قائد الجيش العماد جوزاف عون، لتشويه صورته وتخفيض أسهمه في البورصة الرئاسية، مثيرة لـ»الشفقة»، بحسب جهاتٍ سياسية عدة، إذ إنّ رئيس «التيار» الذي وُلد من رحم المؤسسة العسكرية لا يتوانى عن «التشويش» على قائد الجيش حتى لو أدّى ذلك الى وقف المساعدات التي بها فقط يتمكّن الجيش من الصمود والاستمرار وتأدية مهماته والحفاظ على الأمن. باسيل الذي «يُعيّر» حليفه «حزب الله» أو خصومه بسلوك درب الفوضى رئاسياً، يدفع بمواقفه إلى مسارٍ أخطر من الفوضى، فأي استهداف يؤثّر على الجيش ويؤدّي إلى اهتزازه يعني اهتزاز الاستقرار والبلد. لكن لا حملة باسيل المباشرة أو عبر وزير الدفاع، ولا «ماتراكاج» «حزب الله» أثّرا على عمل قيادة الجيش ومعنويات العسكريين، أو على ثقة الجهات التي تقدّم مساعدات للجيش، في قائده، فلا «خطر» على المساعدات المالية والعينية التي تُقدّم للمؤسسة العسكرية. وتشير مصادر مطّلعة الى أنّ عاملين أساسيين يؤثران في دعم الدول الغربية والعربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية للجيش: الأوّل والأهم قرار منع دخول لبنان في الفوضى الشاملة والكاملة التي لا يُمكن ضبطها على غرار ما حصل في الثمانينات من القرن الماضي إبّان مرحلة الحرب الأهلية، والجيش هو المؤسسة العامة الوحيدة القادرة على الحفاظ على الأمن والاستقرار وضبط أي تفلُّت قد يحصل في الشارع، بحسب هذه الدول التي تعزّزت مقاربتها للوضع في لبنان، بعد حرب روسيا على أوكرانيا، وهي: «لا انهيار ولا ازدهار». أمّا السبب الثاني، فهو الثقة الخارجية في العماد جوزاف عون شخصياً، مع التأكد من نزاهته وشفافية عمله وحُسن إدارته للمؤسسة عسكرياً ومالياً وتوظيفه المساعدات في المكان المناسب، ما مكّن العسكريين من الصمود والمؤسسة من الاستمرار وتأدية مهماتها بأفضل الممكن وفي أصعب الاستحقاقات التي واجهها البلد، أقلّه منذ أواخر عام 2019.
إنطلاقاً من ذلك، يؤكد زوار اليرزة من ديبلوماسيين ووفود أجنبية، لقائد الجيش، الاستمرار في دعم المؤسسة العسكرية ومدّها بالمساعدات. وتشكّل زيارة وفد من مساعدي أعضاء الكونغرس الأميركي من الحزبين الديموقراطي والجمهوري، للعماد جوزاف عون، الجُمعة الفائت، في حضور سفيرة الولايات المتحدة لدى لبنان، لـ»الاطلاع على سبل استمرار دعم المؤسسة العسكرية»، دليلاً على استمرار هذه المساعدات. وكانت رسالة الوفد واضحة، فأثنى على «احتراف الجيش وحُسن استخدامه للمساعدات...»، مؤكداً «استمرار تقديم المساعدات...». علماً أنّ وفداً من الكونغرس يزور قائد الجيش سنوياً للتحضير لبرامج مساعدة للمؤسسة للعام المقبل. كذلك زارت عضو مجلس الشيوخ الفرنسي السيناتور ايلين موري قائد الجيش، أمس، في حضور السفيرة الفرنسية في بيروت، وأكدت له استمرار دعم بلادها للجيش. بالتوازي، يستمرّ القطريون في تقديم المساعدة الشهرية لدعم رواتب العسكريين فيما المشروع الأميركي لدعم الرواتب على سكة التنفيذ.
أمّا قائد الجيش فيتعامل مع أي استهداف يُطاوله في إطار البازار الرئاسي كتعامله مع طرح اسمه ضمن أبرز المرشحين لتولّي هذا المنصب، وذلك بـ»الصمت». ويعرف كيف يمرّر الرسالة اللازمة إذا اضطُر الأمر. وكانت رسالة قائد الجيش لـ»قادة» الحملة عليه، واحدة وواضحة، في مناسبة معبّرة. فقال في كلمته، خلال «المؤتمر الطبي» الذي نظمته الطبابة العسكرية، في 16 من شباط المنصرم، إنّ «المؤسسة العسكرية هي الوحيدة الآن التي توفّر الخدمات الطبية لعناصرها، وكلّ ذلك بفضل المساعدات التي لا تزال تصلنا، ولثقتهم (المقيمون والمغتربون والدول الصديقة) بنا... وهم يعلمون أنّ أموالهم تصل الى مستحقيها، بعيداً من التحريض والشائعات والاتهامات التي لن نتوقف عندها، ولن تمسّ بمعنويات المؤسسة ولا بمعنويات عناصرها».
عدا عن هذه الرسالة، ستستمرّ المؤسسة العسكرية وقيادتها في العمل بـ»صمت»، مركزةً على الأمن عامةً والأمن الاجتماعي خصوصاً ومنع حصول أي إشكال طائفي. ولن يُعلن قائد الجيش أي موقف من موضوع ترشيحه. وفي حين تعتبر جهات سياسية أنّ قائد الجيش عليه إبداء موقفه من الرئاسة، وأن يُعلن إذا «بدّو ياها أو لا»، ينأى العماد جوزاف عون بنفسه عن التعليق على أي كلام رئاسي، وعندما يُفاتَح بهذا الموضوع سيكون لديه جواب.