محمد دهشة

الأمن بالتراضي يحكم "عين الحلوة": قتيل و11 جريحاً

3 آذار 2023

02 : 00

مخيم "عين الحلوة"

في كلّ إشكال أو اشتباك يقع في مخيّم عين الحلوة، يختلط الحابل السياسي بالنابل العائلي والمناطقي، ليدور أمنه واستقراره في حلقة من سلسلة حلقات مفرغة، عنوانها الأمن بالتراضي، الذي يولّد هدوءاً حيناً وتوتراً أحياناً، ولأقلّ الأسباب، فيما القوى الوطنية والإسلامية محكومة بمعادلة التعايش والتلاقي والحوار من دون إقصاء أحد أو إلغاء الآخر.

وصف يلخّص مشهد المخيّم السياسي والأمني وينطبق على ما جرى فيه حيث أدّى التباس بين ناشطين اسلاميين من منطقة «الصفصاف» وعناصر من حركة «فتح» من منطقة «البركسات»، في الشارع الفوقاني إلى اشتباك، اللافت فيه كثافة النيران وقوّتها واستخدام القذائف الصاروخية (B7) والأضرار الجسيمة في المنازل والمحال التجارية والسيارات.

وأكّدت مصادر فلسطينية لـ»نداء الوطن» أنّ الاتصالات السريعة التي جرت بين قيادتي «فتح» و»عصبة الأنصار الاسلامية» و»الحركة الاسلامية المجاهدة» وناشطين إسلاميين (وهم أفراد غير ملتزمين تنظيمياً مع أي إطار إسلامي)، نجحت في إبقاء الاشتباك محصوراً في ذات الشارع من دون أن يمتدّ إلى مناطق آخرى يتقاسم «الفتحاويون» و»الاسلاميون» النفوذ فيها، وتعتبر متداخلة وقابلة للاشتعال كما جرى في مرّات سابقة.

واعتبرت المصادر نفسها أنّ الاشتباك جاء سيّئاً جداً في توقيته مع الهدوء الذي يسود المخيم منذ فترة طويلة، ومع التلاقي الفلسطيني على تحصين أمنه واستقراره وقطع الطريق على أي توتير، ومع الحرص على التنسيق والتعاون على عدم التدخّل في الشؤون اللبنانية في ظلّ الخلافات السياسية والازمة المعيشية والاقتصادية المتفاقمة، والأهمّ مع حملات التضامن السياسية والشعبية مع المقاومة في الداخل لمواجهة الاعتداءات الاسرائيلية المتصاعدة وتنظيم أكثر من نشاط ووقفة احتجاج موحّدة.

وشهدت العلاقات «الفتحاوية – الاسلامية» مراحل كثيرة من الاشتباكات خلال السنوات الماضية، غير أنّ الأمن بالتراضي بقي يحكم معادلة المخيّم نتيجة تداخل القوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية والانقسام الداخلي حيث لعبت حسابات النفوذ والحضور دوراً في الاصطفاف وتكريسها على قاعدة عدم إقصاء أحد أو الغاء دوره وحضوره مهما كان.

إلتباس وإشتباك

ميدانياً، أدّى الاشتباك الذي وقع في عين الحلوة إلى سقوط قتيل هو العنصر في حركة «فتح» – الأمن الوطني محمود زبيدات، و11 جريحاً توزّعوا على مستشفيات «النداء الانساني» في المخيّم و»الهمشري» في المية ومية و»الراعي» في صيدا، إضافة إلى أضرار جسيمة في الممتلكات وخاصة في المنازل والمحال التجارية والسيارات على امتداد الشارع الفوقاني، في مناطق الصفصاف وعكبرة وطيطبا والبركسات.

وروت أوساط فلسطينية لـ»نداء الوطن» أنّ سبب الاشتباك هو التباس حصل أثناء نقل جريح أصيب عن طريق الخطأ في منطقة «البركسات» شمال الشارع الفوقاني، إلى مستشفى «النداء الإنساني» (جنوبه) الشارع، وأثناء مروره بمنطقة الصفصاف (وسطه)، وقع إشكال جراء الالتباس ظنّاً أنّ ثمة عملاً أمنياً، وسرعان ما امتدّ إلى شائعة عن عملية اغتيال لأحد عناصر حركة «فتح»، فتطوّر إلى اشتباك وإطلاق نار بين أبناء منطقتي «الصفصاف» – فتح و»البركسات» – الناشطين الاسلاميين.

ونشطت الاتصالات الفلسطينية التي شارك فيها سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبّور وقيادات فتح والقوى الاسلامية، أسفرت عن التوصّل إلى وقف إطلاق النار، خرق مرّة اثناء إعلان وفاة زبيدات، ومرّة أخرى صباحاً غضباً واحتجاجاً، وإلى تشكيل لجنة تحقيق لمعرفة تفاصيل ما جرى وتحديد المسؤوليات، بينما طالبت حركة «فتح» بتسليم مطلق النار، ولم تحدّد موعداً للدفن.

وأكّد قائد «القوة المشتركة الفلسطينية» في المخيّم العقيد عبد الهادي الأسدي لـ»نداء الوطن» أنّ «الجهود لم تهدأ لتطويق ذيول الاشتباك وتركّزت على تثبيت وقف إطلاق النار، وتجري اتصالات بين مختلف القوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية وبمشاركة السفير الفلسطيني دبور لتطويق ذيول ما جرى».

وتداعت «هيئة العمل الفلسطيني» المشترك إلى عقد اجتماع طارئ في مقرّ «الجبهة الديمقراطية» في المخيمّ لمناقشة الحادث وخطورته، في وقت خلا الشارع الفوقاني من المارة وأغلقت المحال التجارية، وأقفلت مدارس «الأونروا» أبوابها كما حال المدارس اللبنانية في محيطه، حيث توقّفت الدروس في مدارس الحاج بهاء الدين الحريري، عائشة أم المؤمنين، الفنون الانجيلية وثانوية الاستجابة. وأعلنت كليات الجامعة اللبنانية - الفرع الخامس تأجيل الامتحانات.

ودخلت القوى اللبنانية السياسية والأمنية على خط تطويق ذيول الأشتباك، وأجرى النائبان عبد الرحمن البزري واسامة سعد والنائبة السابقة بهية الحريري ورئيس الإتّحاد العالمي لعلماء المقاومة الشيخ ماهر حمّود، والمسؤول السياسي للجماعة الاسلامية الدكتور بسام حمود ومديرية مخابرات الجيش في الجنوب اتصالات بالقوى الوطنية والإسلامية داخل المخيّم لتثبيت وقف إطلاق النار.


MISS 3