لوسي بارسخيان

أساتذة زحلة لا يكفلون إستكمال العام الدراسيّ

7 آذار 2023

02 : 00

زينة الميلاد تكشف الفجوة الزمنية التعليمية

في إحدى الثانويات الرسمية في مدينة زحلة، تظهر محاولة استطلاع انطباعات الأساتذة حول عودتهم إلى قاعات التدريس بعد أسابيع من إضرابهم الطويل، والفجوة الزمنية التي مرّ بها القطاع التعليمي الرسمي في لبنان. فقد دخل تلاميذ هذه المدارس بمرحلة عطلة قسرية مفتوحة منذ عيدي الميلاد ورأس السنة، بحيث لم يتسنّ للقيّمين على بعضها حتى إزالة زينة الميلاد من باحاتها الداخلية المشتركة. وكان يفترض أن تضجّ هذه الباحات مجدّداً بأصوات التلاميذ كنتيجة لإعلان روابط التعليم الرسمي وقف الإضراب بدءاً من صباح يوم الإثنين، ولكن بدلاً منها طغت أصداء حوارات أساتذتهم حول لاعدالة القرار الذي إتّخذته روابط التعليم الرسمي بالعودة عن الإضراب.

ملامح الخيبة على الوجوه تبدو واضحة هنا. وعلى رغم الوعود التي إنتزعت بتأمين بدلات الإنتاجية والإنتقال إلى أماكن تدريسهم، بدا الأساتذة محمّلين بضغوطات الإنهيار المتواصل والسريع للعملة اللبنانية، بحيث لم تعد رواتبهم توازي ثلث القيمة التي كانت عليها قبل بدء إضرابهم منذ أسابيع فقط. وعليه، رفض بعضهم العودة إلى مقاعد التدريس. أمّا من عاد منهم ففعل ذلك على مضض، مترقّباً إنفجار القنبلة الموقوتة، التي يعتبر الأساتذة أنّ صمام أمانها موضوع بيد وزير التربية والحكومة مجتمعة، فإمّا أن يلتزموا بالحدّ الأدنى من التقديمات التي وعدوا بها، أو أنّ التوجه هو لإنهاء العام الدراسي باكراً هذه السنة.

أثمر نفَس وزير التربية الطويل في منازلة الأساتذة في حقوقهم، بإيقاع الفرقة بينهم وبين روابطهم. فجاء قرار هذه الروابط بإنهاء الإضراب مجافياً لرأي الأساتذة. وقد عبّر بعض هؤلاء عن هذه الخيبة من خلال تحرّك رمزي نفّذوه أمام منطقة زحلة التربوية، لم يكن هذه المرّة بوجه السلطة الرسمية، وإنّما بوجه النقابات التي يفترض أن تكون حاملة قضاياهم. ومع أنّ توجّه الأساتذة الذين امتنعوا عن التدريس يوم الإثنين كان بالعودة إلى قاعات التدريس بدءاً من صباح اليوم الثلاثاء، منعاً لتوسّع الشرخ بين الأساتذة أنفسهم كما أكدوا، فقد أخذ هؤلاء على روابطهم أنّها بتحاشيها الجمعيات العمومية لم تستطلع جدّياً رأي أصحاب الحق في العودة عن الإضراب. وهذا ما وصفته مديرة إحدى المدارس بـ»مصادرة رأي الأساتذة، والتعامل معهم وكأنّهم قطيع يدار كما تشاء الروابط، التي على ما يبدو خسرت ثقة من تمثّلهم».

إلا أنّ أساتذة التعليم الرسمي ليسوا هواة تعطيل كما أكّدت مديرة متوسطة في زحلة في المقابل، فـ»كمؤتمنين على المدرسة الرسمية لا نكون مرتاحين ضميرياً عندما نضرب، ونتألّم لهذه اللاعدالة بين تلاميذنا وتلاميذ المدارس الخاصة، ومن بينهم أولادنا، الذين يتابعون العام الدراسي بشكل أفضل». وتشدّد على «أنّ أساتذة القطاع الرسمي مؤتمنون ليس فقط على تعليم التلاميذ، وإنّما أيضاً على سمعة مدارسهم»، موضحة «أنّ العام الدراسي الحالي أظهر تدنّياً في عدد تلاميذ المدرسة الرسمية كنتيجة لإضراب العام الماضي. علماً أن فترة الإضراب حينها كانت أقصر من الإضراب الذي نفّذ منذ بداية العام الحالي»، لتعرب عن التخوّف من أن يؤدّي تكرّر الإضرابات «إلى خسارة الثقة التي بنتها بعض المدارس الرسمية كنتيجة لأدائها التعليمي».

وهذا برأيها «ما يجب أن تتنبّه إليه السلطات الرسمية في مفاوضاتها على حقوق الأساتذة»، مشدّدة «على أنّ الخسارة هنا ليست فقط للأساتذة، وإنما لأطفال الطبقة المهمّشة، الذين تشكل المدرسة الرسمية فرصتهم الوحيدة لتلقّي العلم». وهذا التنبيه يقول أساتذة في التعليم الرسمي إنّه يمكن أن يوجّه أيضاً للهيئات الداعمة، ولا سيّما الـUNICEF، ويبدو مستغرباً برأيهم «إصرارها على الإمتناع عن دعم الأساتذة في العام الدراسي الحالي أسوة بالعام الماضي. مع أن الوضع المعيشي حالياً أسوأ بكثير» كما يقولون، متجنّبين في المقابل إلقاء اللوم سوى على السلطات الرسمية «التي أثبتت عجزاً غير مسبوق في رعاية أمور مواطنيها على كافة المستويات والحفاظ على حقوقهم».