رفيق خوري

صدام الخيارات في طريق مسدود

8 آذار 2023

02 : 00

ليس إستمرار المراوحة، ولو في طريق مسدود الى القصر الجمهوري مجرد عناد. ولا ما يدفع جماعة «الممانعة» الى الإنتقال من ممارسة الغطرسة الناعمة الى ممارسة الغطرسة الخشنة هو مجرد النكد السياسي والخوف على الهيبة. فنحن في صدام خيارات وطنية وسياسية وإقتصادية وإجتماعية ضمن نظام طائفي، لا على الطريق الى دولة المواطنة المدنية. ومعركة الرئاسة، شغوراً وإمتلاء، هي فصل في الصدام الواسع. صدام محلي متصل بصدام إقليمي ودولي. لا تحولات جدية في الصدام المحلي من دون تحولات عميقة في الصدام الإقليمي والدولي. ومن المبكر رؤية التحولات والمتغيرات على المستوى الإقليمي والدولي قبل أن تنتهي اللعبة الكبيرة الدائرة في حرب على أرض أوكرانيا في الجغرافيا وعلى مستوى الكرة الأرضية في الجيوبوليتيك والإستراتيجيات، وما تنتهي إليه في أوكرانيا وأوروبا والعالم من ضمنه الشرق الأوسط وبالطبع لبنان.

وكل طرف في الطريق المسدود يعرف أن المرشح الذي يريده يحتاج الى صفقة داخلية لضمان الأصوات، وصفقة إقليمية ودولية لتأمين المساعدات والإستثمارات. وإلا كان الرئيس حارس مقبرة. ولا صفقة منهما الآن وراء الباب. الخارج بالمفرق وبالجملة في إطار مجموعة العمل الدولية من أجل لبنان يدعو الداخل الى إنتخاب رئيس ويقول إنه لن يدخل في «لعبة الأسماء». والمشكلة أن الأسماء هي كل اللعبة. والداخل يتكل على الخارج الذي يقول أو يقال باسمه إنه لا يضع فيتو على أي مرشح. لكن المواصفات التي يضعها هي عملياً «فيتو مضمر» على أي مرشح إن لم يكن «مقبولاً عربياً ودولياً يحترم الدستور ويلتزم تطبيقه وإجراء الإصلاحات المطلوبة لمساعدة لبنان والتي مفتاحها الإتفاق مع صندوق النقد الدولي».

وإذا كانت القوى المحلية عاجزة عن تركيب طبخة رئاسية موادها معروفة وموجودة في البلد الذي ليس عاقراً ولا محصوراً باسمين أو ثلاثة، فإن من الوهم إنتظار الخارج ليقوم بتركيب الطبخة مع مطالبة كل طرف بأن تكون الطبخة على مزاجه. ولا يبدل في الأمر تسمية مرشحين من دون ضمان الطبخة. ولا فائدة ولا مبرر من «تكبير الكعكة» بحجة أنه قد يحل الأزمة عبر صفقة ترضي الجميع في الرئاسة ورئاسة الحكومة وتوزيع الحقائب الوزارية سلفاً. فهذه وصفة لتركيز المحاصصة في الحاضر والمستقبل ونعي أي أمل في التغيير والإنتقال التدريجي الى دولة مدنية.

وقمة السخرية في إستنكار الطائفية من جانب فريق طائفي وفريق مذهبي عندما ترفض القوى المسيحية الأساسية سياسات الإستهانة بدورها في معركة الرئاسة الني يتولاها ماروني. فالطائفيات واحدة. وأكبر خديعة مكشوفة هي الدعوة الى دولة مدنية من طرف مسؤولين لا موقع لهم من دون الطائفية التي يتمسكون بها ويمارسون سياستها، ويدّعون أنها سياسة وطنية.

يقول المثل البرتغالي: «الوقت لا يرحم الأمور التي لا تتم في أوقاتها». لكن الوقت الضائع الذي لا يرحم اللبنانيين يبدو كأنه رصيد لمصلحة المافيا المتسلطة.


MISS 3