ريتا ابراهيم فريد

مدرّبة كرة القدم سحر دبوق: نواجه التنمّر بإظهار مهاراتنا في اللعب

8 آذار 2023

02 : 01

أثناء التدريب
للسنة الثانية على التوالي، حقّق المنتخب الوطني اللبناني للناشئات فوزاً في بطولة غرب آسيا لرياضة كرة القدم. شابات صغيرات صنعن فوزاً أدخل فرحاً كبيراً على صعيد الوطن، بقيادة المدرّبة سحر دبوق. وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة، تواصلت "نداء الوطن" مع سحر التي تحدّثت عن مسيرة رياضية مليئة بالتحديات في مواجهة نظرة ذكورية إلى الفتيات اللواتي يلعبن كرة القدم.

نسمع كثيراً عبارة "الفوتبول للصبيان". كيف أقنعت نفسك في البداية بأنّ الرياضة ليست محصورة بذكور أو إناث؟

الأمر كان عبارة عن تحدٍّ. ومنذ أيّام الدراسة كنتُ أحبّ الرياضة على أنواعها. لكنّني كنتُ ألعب كرة السلّة كبديلٍ عن كرة القدم التي كانت ممنوعة على الفتيات، وحتى أساتذة الرياضة كانوا يحاولون قدر الإمكان إبعادنا عنها. وحيث إنّ كرة القدم كانت شغفي منذ الصغر، شعرتُ برغبة في خوض هذا التحدّي. حين انتقلتُ الى الجامعة في بيروت، حظيتُ بفرصة الإنضمام الى فريق لكرة القدم. ومن هُنا انطلقت مسيرتي في هذه الرياضة.

ماذا عن تقبّل الأهل والمحيط؟

بصراحة في البداية كان أهلي أوّل المعترضين. كانوا يخافون عليّ من العبارات الجارحة التي يمكن أن أسمعها على اعتبار أنّ كرة القدم تقتصر على الصبيان. لكن في كلّ مرّة واجهتُ فيها اعتراضاً كان يولد في داخلي إصرار أكبر على الإنخراط في هذه الرياضة.



كأس بطولة إتحاد غرب آسيا للناشئات




وهل تغيّر موقفهم بعد النجاحات التي حقّقتِها على صعيد الوطن؟

هم اليوم فخورون بي بالطبع. وأتفهّم أنّه لم يكن من السهل إقناعهم في السابق بسبب الذهنية التي كانت سائدة بأنّ كرة القدم أو الرياضة بشكلٍ عام هي حكر على الذكور.

ما هي أبرز التحدّيات التي واجهتك في بداية مسيرتك الرياضية؟

لطالما تعرّضتُ للتنمّر في كلّ مرة كنتُ فيها بصدد حجز ملعبٍ قبل المباراة. وكنتُ أسمع عبارات مثل "حسن صبي" التي تُقال عادةً للفتاة التي تلعب كرة القدم. كان ذلك يزعجني بلا شكّ ويستفزّني بشكلٍ كبير. لاحقاً واجهتُ تحدّي الانتقال من صور الى بيروت لإجراء التمرينات. وكان أهلي يشعرون بالقلق أثناء تنقّلي على الطرقات. فكان عليّ قبل كلّ تمرين أن أحاول إقناعهم بقدرتي على تحمّل المسؤولية. لكنني في المقابل أرى أنّ هذه المرحلة ساهمت في تطوير شخصيّتي. وبسبب هذه التحدّيات قرّرنا زميلتي سارة عوالي وأنا أن نؤسّس نادياً ونطلق أكاديمية صغيرة في مدينة صور لتدريب الفتيات اللواتي يرغبن في ممارسة رياضة كرة القدم، خصوصاً اللواتي يواجهن اعتراضات من الأهل بالتوجّه الى بيروت أو حتى لفكرة ممارسة هذه الرياضة. واليوم لدينا في نادي Super girls حوالى ستين صبية يشاركن في الدوري.



هل تذكرين حادثة كنتِ فيها بمواجهة مع شبان وحصل خلالها موقف طريف؟

عادةً يبادر الصبيان الى السخرية منّا فور دخولنا الى الملعب، ويعتبرون أنّنا "ما منعرف نهدّي طابة". لكن في اللحظة التي نبدأ فيها بحركة "ترقيص" الكرة أو نقوم بتمريرة أو نسدّد هدفاً نحو المرمى، تتجلّى الصدمة فوق وجوههم. فيصمتون وقد يراجعون أنفسهم. أحبّ كثيراً هذه اللحظة، خصوصاً أننا نواجه التنمّر الذي نتعرّض له بإظهار مهاراتنا في اللعب.





لاحظنا في السنوات الأخيرة إقبالاً أوسع على كرة القدم النسائية. ما هي العوامل التي ساعدت على ذلك برأيك؟

أعضاء الاتحاد كانت لديهم رؤية لتطوير كرة القدم النسائية والعمل على إطلاق الفئات العمرية، أي اللاعبات تحت سنّ الـ17 أو 19 سنة، بحيث يتمّ تحديد العمر للمشاركة في الدوري. ففي السابق كان الأمر مقتصراً على فرق السيدات. وأظنّ أنّ مسألة الفئات العمرية ساهمت بشكلٍ كبير في تطوير كرة القدم النسائية، طبعاً بمساعدة وتشجيع الأندية. إضافة الى أنّ الإنجازات من شأنها أن تشجّع الفتيات كذلك على المشاركة.

في اليوم العالمي للمرأة، ما رسالتك لكلّ فتاة تحبّ ممارسة رياضة كرة القدم وللأهل الذين يرفضون الفكرة؟

أتوجّه بشكلٍ خاص للفتيات الصغيرات وأشجّعهنّ على أن يقفن بوجه كلّ التحدّيات مهما بلغت درجة صعوبتها. وأقول لهنّ: يمكنكنّ إنجاز الكثير والمشاركة في بطولات مع منتخبات أخرى وتحقيق الفوز من أجل بلادكنّ، فلا تفقدن أبداً الحماس. نحن نستحقّ كلّ الإنجازات التي نحقّقها، وعلينا أن نضعها هدفاً لنا وأن نسعى بدورنا كي نكون جزءاً منها. وللأهل أقول: إذا كانت ابنتكم تحبّ كرة القدم فلا تمنعوها عنها، ولا تجبروها على ممارسة رياضة أخرى. فمن الممكن أن تتألّق وأن تتميّز في هذه اللعبة التي تحبّ، وأن تحقّق من خلالها إنجازات كبيرة على صعيد الوطن.


MISS 3