جنى جبّور

الإعلامية رولا بحسون: تحرّري من قيودك

8 آذار 2023

02 : 01

تلقب بالمرأة الخارقة، رغم أنها تصف نفسها بالمثابرة فحسب. هي متعددة المواهب تبرع في الإعلام كما في الطيران، وتخوض حديثاً تجربة التمثيل. ولعل ما يجمع بين هذه الإختصاصات المختلفة حبها للحياة والسعي الدائم للتطور والتحرر. ورغم أنها مثال للمرأة القوية، الّا أنها متواضعة فائقة النعومة والجمال والذكاء. إنها الإعلامية رولا بحسون، التي أدركت أن السعي هو أول طريق النجاح، ورغم أنّ مسيرتها لم تكن معبّدة تمكنت من نفض غبار الصعوبات عنها، منتفضةً على نفسها وظروفها، فحلقت عالياً عالياً الى أن أصبحت السماء حدودها. وفي يوم المرأة العالمي، التقيناها في حديث شيّق يجمع ما بين مسيرتها المهنية وحياتها الشخصية.




هل تعتبرين نفسك امرأة خارقة كما يدعونك؟

ألقّب دائماً بالمرأة الخارقة، الّا أنّ تعدد مهاراتي نابع من حبي للحياة، وليس كما يعتبرني الجميع، امرأة قوية فحسب. مررت بظروف صعبة للغاية جعلتني أكبر قبل أواني؛ كنت في الـ13 من عمري عندما بدأت العمل، فتعرفت الى الوجه الثاني من هذا العالم.

ومنذ ذلك الوقت عاهدت نفسي ألّا أستسلم وأن أتحدى كل المصاعب، وأن اتمسك وأستمتع بالحياة. وها أنا اليوم أصبحت ما كنت أطمح اليه، أؤثر على من حولي ايجاباً واستفيد من كل ثانية وأستغلها في تعلم كل ما هو جديد.




أنت متعددة الاختصاصات، عرفينا عنها.

أنا استاذة جامعية في الاعلام، مدربة في مراكز اعلامية في لبنان وخارجه، مذيعة أخبار منذ نحو 12 سنة وكان لدي برنامج خاص على احدى المؤسسات الاعلامية العربية، مراسلة حربية غطيت الحرب بين سوريا ولبنان، كما انني كابتن طيار. كذلك أقود دراجة نارية، العب "بوكس"، وحالياً أخوض تجرية جديدة في التمثيل من خلال مشاركتي في مسلسل "وأخيراً" الذي سيعرض في رمضان 2023 (اخراج أسامة عبيد الناصر) من بطولة نادين نسيب نجيم وقصي خولي، وسألعب فيه دور صحافية استقصائية.




ما الرابط المشترك بينها؟

دائماً أُسأل هذا السؤال. عندما بدأت الأزمة في لبنان، كنت أنوي أن اكمل الدكتوراه في الاعلام ولكنني وجدت ان اختصاصي الغي من "الجامعة اللبنانية"، مع تعذّر توجهي الى اي جامعة خاصة نظراً للأوضاع الاقتصادية الراهنة في البلاد. عندها قررت أن اتوجه نحو اختصاص آخر، فالطيران حلم لطالما راودني، فتسجلت في مدرسة طيران Beirut Wings وأصبحت كابتن طائرة.




أي لقب أحب إلى قلبك: الإعلامية أو كابتن؟

الاعلامية رولا بحسون، لانني أمضيت كل حياتي امام الكاميرا. يجب ان اعطي المهنة التي ضحيت بعمري من اجلها حقها، كما اعتبر نفسي متطفلة على المهن الأخرى، ان كان الطيران أو التمثيل.




لم تكن طريق نجاحك وردية. فكيف حققت ما انت عليه اليوم؟

كان يمكن أن اختار الطريق الأسهل للوصول الى اهدافي، الّا أنني لم أتنازل يوماً عن مبادئي بل دست على الأشواك المزروعة في طريقي. صدقاً واجهت مواقف فائقة الصعوبة، احزنتني وأبكتني... في بعض الأحيان لم أكن أملك المال، وأحياناً أخرى برادي كان خالياً من الطعام، كما استغلني اناس كثيرون. لكنني صممت أن أترك بصمتي الخاصة قبل مغادرة الحياة خالقةً من الضعف قوة. وهكذا يجب ان تفعل كل امرأة، لأن الرجل الشرقي للأسف، يستغل ضعف المرأة، لذلك يجب ان تتحرر من كل القيود ولا سيما المادية منها والعمل في اي مجال شرط ان تحافظ على نفسها، كي لا يشعرها اي رجل كان انها عالة عليه وانّه محور كونها. اقول ذلك انطلاقاً من تجاربي الشخصية، وليس شعارات اطلقها من العدم.




تمارس هوايتها المفضلة




هل من موقف راسخ في مسيرتك واجهك في الإعلام أو الطيران، لأنك امرأة فحسب؟



طبعاً، بدأت في عمر صغير في الاعلام، وكان البعض يستعمل مقولة "كوني جميلة واصمتي" عند ذكري، مشككين في قدراتي بأن أتعاطى في الملفات السياسية، حتّى أن أحد المنتجين قال لي مرّةً: "أشك بنجاحك"، فتحديته مجيبةً "ستكتب يوماً ما خبر نجاحي". ولا يقتصر الموضوع عليه فحسب، فكثر قالوا لي في وجهي: "لم نتوقع أن تخوضي تجربة الاعلام السياسي أو الحربي، ظننا انك تهتمين لشكلك الخارجي فحسب وبصورك بغية نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي".

أتذكر في 2018، كنت في عشاء عمل وكانت احدى الفنانات جالسةً معي على نفس الطاولة، فتفاجأت عندما علمت بأنني اعلامية سياسية قائلةً: "مش مبين عليكي بتذيعي سياسي".

كذلك، تعرضت للكثير من المواقف اثر تفكير البعض أنني سهلة المنال، ويتخيلون أنني حققت ما انا عليه بفضل بعض التنازلات، من دون أن يعلموا ما ممرت به من صعوبات وما زلت. أمّا في مجال الطيران، فيتردد دائماً على مسمعي من بعض أصحاب العقول المحدودة: "منخاف نطلع معك لأنك أمرأة" أو "هلأ بتصف ع جنب وبتفتح المرآة لتظبط ماكياجها". لا أرد على هذه العبارات لانني أعلم من أنا وواثقة بما أقوم به.





خلال تغطيتها الحربية




اخترتِ أنت تكوني مراسلة حربية في سوريا. ماذا علمتك هذه التجربة وماذا أخذت منك؟

واكبت الحرب في الغوطة، جوبر، القابون والقصير. اخترت التغطية في هذه المناطق انطلاقاً من اندفاعي نحو الحس الصحافي وحبي للأمور العسكرية، فخضت هذه التجربة المليئة بالمخاطر، ولكن لو كنت قد أسست عائلة وأنجبت أولاداً، لم أكن لأندفع نحوها، ايماناً مني بأهمية تحديد الأولويات.

تعرضت للكثير من المواقف الصعبة وكنت المرأة الوحيدة بين عدد من الزملاء الذين دعموني وشجعوني على أن أكون قوية على الأرض، رغم أن البعض الآخر ولا سيما من الموجودين في الستوديو راهنوا على فشلي.

اثقلتني هذه التجربة بالخبرات وعلمتني أن أفصل بين عقلي ومشاعري، لكنها جعلتني قاسية أيضاً فأصبح "قلبي ميتاً".




مسيرتك مكلّلة بالنجاح، أين تكمن خطواتك الناقصة؟

في الكثير من الأماكن، ولا سيما بخطواتي الناقصة في علاقاتي الشخصية وسوء تقديري للأشخاص ما حال دون تأسيسي عائلة.




ذكرت خلال حديثنا، أهمية تكوين العائلة وانجاب الأولاد أكثر من مرّة. هل أخذك طموحك المهني بعيداً عن هذا الموضوع؟

كلا، لم افضل مهنتي أبداً على تأسيس العائلة. أعشق ان أكون زوجة وأم، وهذا موضوع اساسي بالنسبة الي، لأنّ التطور في العمل يمكن أن احققه في اي وقت كان، الّا أنّ تأسيس العائلة وأن ارى أولادي يكبرون أمام عيني لن يكون متاحاً دائماً. وهنا أتوجه برسالة الى كل شابة بالقول: لا تضعي مهنتك في صلب اولوياتك على حساب تكوين العائلة، بل اعدلي في الموضوعين. فاذا اخترت الشريك المناسب الذي يمدكِ بالقوة، ويدعمك ويهنئك على نجاحك ستنجحين في الاثنين. للأسف، أنا لم أتعرف على شريك كهذا حتى هذه اللحظة.




كابتن رولا




هل يخاف الرجال من الدخول في علاقة مع امرأة تشبهك؟

نعم، سمعت الكثير من هذا الكلام. عندما تكون المرأة قوية ومتحررة تزعزع ثقة الرجل غير الواثق في نفسه. بينما يفرح الرجل القوي ويتفاخر بهذه المواصفات اذا امتلكتها شريكة حياته. في المقابل، أنا احب ان اعود الى المنزل بعد ساعات العمل الطويلة، وان يكون بانتظاري شريكي الذي يدللني ويمسح دمعتي، ورغم انني قوية الا انه بامكاني الفصل بين شخصيتي في العمل والاخرى في المنزل.




انت امرأة جميلة. هل جمالك نعمة أو نقمة؟

الكثير من المواقف السيئة تعرضت لها فقط لانني جميلة. خسرت الكثير من فرص العمل لانني رفضت مثلاً أن يتحول موعد عمل ما الى عشاء يحمل مآرب أخرى. المرأة جميلة كانت ام لا هي من تختار طريقها. ولكن لا شك اني استغليت وجهي في عملي من خلال تصوير الاعلانات مثلاً.




توقفت عن العمل في المؤسسة الاعلامية التي كنت فيها، هل تلقيت حديثاً عروضات عمل جديدة؟

منذ نحو 4 أشهر، غادرت المؤسسة التي كنت أنتمي اليها، وحالياً يوجد افق جديد خارج البلاد. تلقيت عروضات من مؤسسات محلية، الا انّ الوضع الاقتصادي لا يشجع كثيراً على البقاء في لبنان والعمل فيه.




ما طموحك المستقبلي؟

على الصعيد المهني، أسعى الى أن يكون لي برنامج خاص محلياً أو عربياً وأن أنجح في تجربتي بالتمثيل. أمّا على الآخر الشخصي، فأنحو الى تأسيس عائلة.



كلمة أخيرة تتوجهين بها الى المرأة في يومها.



حبي نفسك، لا عيب في أن تنكسري أو تحزني، ولكن انتفضي بعدها على أوجاعك كطائر الفينيق ، وحلقي عالياً. تعلمي وأعملي واكتسبي خبرات جديدة، طالما الشمس ما زالت تشرق عليك.


MISS 3